ماذا لو اقتحم آلافُ المتظاهرين الحدود؟
أهم الأخبار

ماذا لو اقتحم آلافُ المتظاهرين الحدود؟

رام الله - صدى نيوز - فاجأت مشاركة الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة، أول أمس الجمعة، في مسيرات العودة الكبرى، والتي تزامنت مع الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض، المسؤولين الإسرائيليين والماكنة الإعلامية الإسرائيلية. 

وأبدى الإعلام العبري، نظرة مختلفة للمسيرات، معرباً عن مخاوف المسؤولين الإسرائيليين من إقدام هذه الأعداد على اقتحام الحدود الشرقية لقطاع غزة، غير آبهين بالقوة العسكرية الإسرائيلية المفرطة، التي يتعامل بها جيش الاحتلال مع المتظاهرين. 

وقدرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أعداد المشاركين في مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة بحوالي 45 ألف فلسطيني، وصل عدد منهم إلى السلك الفاصل بين قطاع غزة وأراضي الـ 48. 

وتساءل الإعلام العبري، عن إمكانية اجتياز هذا العدد للحدود، وكيف يمكن لجيش الاحتلال الإسرائيلي التعامل مع تلك الأعداد في حال اجتازت السياج الفاصل، خاصة في ظل فشل أسلوب استخدام القوة المفرطة، والتهديد ضد المتظاهرين. 

وفي هذا السياق، قال موقع (واللاه) العبري: إن رئيس حركة (حماس) في غزة يحيى السنوار، أرسل رسالة تحذير لإسرائيل مفادها: "أن غزة لن تموت جوعاً، حيث إنه وصل للحدود برفقة زوجته وأطفاله". 

وأضاف الموقع: "ليس كما يقولون أن قادة حماس يرسلون المتظاهرين ويختبئون في الأنفاق، وهذه هي النقطة المهمة أمس بالنسبة لحماس، لقد نجحت في رسائلها من مسيرات العودة".

هذا، وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن أحداث الساعات الأخيرة على حدود غزة، تتطلب من إسرائيل التعامل مع القطاع بحسم وحساسية في الوقت ذاته، خاصة أن هذه المسيرات تحدث في أوقات حساسة جداً، وقابلة للانفجار.

وأشار إلى أن الأزمة في غزة التي عبرت عنها مسيرات الأمس، تستلزم انتباه إسرائيل، لأنها من ستدفع ثمن المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع. 

ولفت إلى أنه رغم أن الاستعداد الإسرائيلي لمسيرات العودة الفلسطينية تم على أفضل وجه من الناحية العسكرية العملياتية، كنشر المزيد من القوات العسكرية، المواقع الأمنية، توزيع المنشورات، الطائرات المسيرة، تعليمات إطلاق النار، لكن الخسارة الإسرائيلية في مواجهة هذه المسيرات كانت في مجال الوعي والصورة والمقابلات الصحفية، والبث المباشر للفضائيات التلفزيونية، وكل ذلك مدعاة لإسرائيل لمعرفة كيف تتصرف إزاء الوضع المتدهور في غزة، على مختلف النواحي العسكرية، والوعي، والإنسانية، والسياسية. 

ونوه المسؤول العسكري، إلى أن الإجراءات الإسرائيلية إزاء مظاهرات الأمس هي فقط عملية صغيرة جداً من المشروع الكبير الذي يجب أن تقوم به إسرائيل، لأن مسيرات العودة تصدرت الجدل السياسي والإعلامي في إسرائيل، وفرضت على الجيش حالة من الاستنفار والاستعداد غير المسبوقة منذ سنوات، خاصة فيما يتعلق بتعزيز القوات العسكرية.

وأضاف: "بغض النظر عن السيناريو المتوقع لنهاية هذه المسيرات، فمن المتوقع أن تصاحبنا أحداث الجدار الحدودي مع غزة خلال الشهور القادمة"، في إشارة إلى ارتفاع احتمالية اجتياز الحدود من الجانب الفلسطيني.

بدوره، قال الخبير العسكري في صحيفة (إسرائيل هيوم): إن مسيرات العودة الفلسطينية، شكلت تحدياً حقيقياً وجاداً للقوات العسكرية الإسرائيلية.

وأشار إلى أن هناك تقديرات لدى الجيش، بأن تكون حركة حماس لديها رغبة بتدهور الوضع الميداني خلال هذه المسيرات، مستدركاً: "لكنهم يعترفون بأن هذه الأوضاع الأمنية، قد تتدحرج وتخرج عن السيطرة، مما يجعلهم يتحضرون للسيناريو الأسوأ والأكثر تطرفاً".

وأضاف: "هذه المسيرات أدخلت إسرائيل مرحلة من عدم اليقين تجاه الوضع المتفجر في غزة، والخشية من التدحرج لمرحلة من التصعيد التدريجي الآخذ بالاتساع مع مرور الوقت، لاسيما وأن هذه المظاهرات لها أبعاد استراتيجية".

واعتبر الإعلام العبري، أن المناطق الحدودية مع قطاع غزة تحولت إلى ما يشبه المهرجان، الأمر الذي يزيد من احتمالية أن يقدم الآلاف من الفلسطينيين، الذين تدفقوا على الحدود لاجتيازها في يوم ما، السيناريو الذي يرى فيها الاحتلال كابوساً، يصعب التعامل معه أو حتى ردع تلك الآلاف بالقوة أو بغيرها من الوسائل.

وقالت القناة 20، إن حركة حماس نجحت في جلب الآلاف من سكان قطاع غزة إلى الحدود بنقاط التماس الخمس مع الجيش الإسرائيلي، منوهةً إلى أن جيش الاحتلال يستعد لاحتمال عدم انتهاء الاضطرابات، واستمرارها على الأقل خلال الأيام القادمة إلى أن يهدأ الوضع في المنطقة.

هذه المظاهرات، أجبرت الاحتلال الإسرائيلي على استنفار كافة قواه الأمنية والعسكرية، ونشر مزيد من جنود الاحتلال والآليات لمتابعة ورصد كل ما يجري على الحدود، في الوقت الذي كانت فكرة اجتياز تلك الحدود من قبل آلاف الفلسطينيين هي الهاجس الأكبر بالنسبة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

كما وانتقد سياسيون إسرائيليون، التعامل العنيف من قبل جيش الاحتلال مع المظاهرات السلمية، حيث قالت زعيمة حزب (ميرتس) الإسرائيلي تمار زاندبرج: إن من حق الفلسطينيين التظاهر، داعيةً جيش الاحتلال للتوقف عن إيذاء الأبرياء.

فيما قال آفي يسسخاروف: إن أحداث اليوم على حدود غزة يمكن تلخيصها في جملة واحدة، أن حماس حققت إنجازاً كبيراً في الرأي العام الفلسطيني بقدرتها على تحفيز الجماهير بقيادة مسؤوليها، وأن هذه بمثابة تدريبات ليوم الخامس عشر من أيار/ مايو الذي يصادف الذكرى السبعين للنكبة. 

ويعكس ذلك، تخوف إسرائيلي من احتمالية أن يقدم الآلاف من الفلسطينيين على اجتياز الحدود مع الداخل الفلسطيني، الأمر الذي يمثل حالة من الإرباك في ظل عدم قدرة إسرائيل وأجهزتها الأمنية على صد آلاف المشاركين في مسيرات العودة ومنعهم من اجتياز الحدود. 

وفي ذات السياق، قال عضو الكنيست موشيه راز من حزب (ميرتس): "على الجيش التوقف الفوري عن إطلاق النار نحو المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة". 

أما عضو الكنيست دوف حنين، فقال: "قتلى فلسطينيين ومئات الجرحى في مسيرات غزة، أراد من خلالها المشاركون تذكير العالم بأنهم يعيشون تحت الحصار، أطالب بوضع حد فوري لإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين، جولة أخرى من العنف ستكون كارثة لنا جميعاً"

وقال آفي بنيامين: "الحل لمشكلة غزة ليس عسكرياً، ولكن من خلال رفع مستوى المعيشة وتأهيل البنية التحتية من خلال صندوق مساعدات دولية، إنها مصلحة إسرائيلية".

وعلق روعي أراد، من صحيفة (هآرتس) العبرية: "أنا حزين على المصابين والأرامل والأيتام والثكالى، بسبب القتل بالجملة برصاص الجيش، يجب أن نرفع الحصار عن غزة". 

كل ذلك، يعكس قلقاً لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية من فكرة اجتياز الآلاف من الفلسطينيين للحدود مع الأراضي المحتلة، الأمر الذي يصعب سيطرته، كما أن إسرائيل لا يمكن لها استعمال القوة ضد آلاف المتظاهرين الفلسطينيين.

المصدر: دنيا الوطن