تقرير: أفراد الطواقم الطبية في غزة معتقلون في إسرائيل "حتى إشعار آخر"

صدى نيوز - اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ بداية الحرب على غزة، أكثر من 250 فردا من الطواقم الطبية الفلسطينية، وبينهم أطباء وممرضون ومسعفون وغيرهم من العاملين في المجال الطبي. ولا يزال أكثر من 180 منهم محتجزون دون إجراءات قضائية، ودون معلومات واضحة عن تاريخ الإفراج عنهم.

ويكشف تقرير صادر عن منظمة أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل، اليوم الأربعاء، عن الاعتقالات الجماعية والتعذيب وسوء ظروف احتجاز أفراد الطواقم الطبية الفلسطينيين من قطاع غزة في السجون الإسرائيلية.

ويصف التقرير، الذي يستند إلى 24 شهادة شخصية من قبل أفراد عاملين في المجال الطبي الذين تمّ اعتقالهم، سلسلة من الانتهاكات الجسيمة، بينها الاخفاء القسري، والعنف الجسدي الشديد، والإهمال الطبي، وإجراء تحقيقات دون تمثيل قانوني. ونُفّذت هذه الاعتقالات دون توجيه اتهامات رسمية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان الأساسية.

وقال 20 معتقلا، من بين 24 معتقلا الذين أدلوا بشهاداتهم، إن اعتقالهم جرى في المستشفيات والمرافق الطبية، حيث تمّ احتجاز الطواقم بالقوة وتمّ تجريدهم من ملابسهم وإذلالهم وضربهم بشدة. ولم تقدّم السلطات الإسرائيلية أي أدلة تربطهم بعلاقة مع تهديدات أمنية.

وأفاد أفراد الطواقم الطبية بأنه خلال التحقيقات معهم تم سؤالهم عن الأنفاق وعن حماس وعن الأسرى الإسرائيليين، وطلب من بعضهم رسم خرائط للمستشفيات.

واستخدم معتقلون لأغراض عسكرية، إذ تمّ إعادة أحد المعتقلين إلى المستشفى أثناء فترة اعتقاله، من أجل أن يدل الجنود إلى مكان غرفة المولد الكهربائي. وطُلب من شخص آخر إخلاء المدرسة بسبب أنه كان طبيبًا، وطلب من شخص ثالث تسليم رسالة إلى جيرانه.

مظاهرة في دبلن تطالب بوقف الاعتداءات على الطواقم الطبية في غزة، الشهر الماضي (Getty Images)

وقال 10 معتقلين في شهاداتهم إنه في نهاية التحقيق طلب منهم التوقيع على وثيقة باللغة العبرية، وهي لغة لا يفهمونها.

وأفاد 23 من أصل 24 معتقلا بأنهم حضروا جلسة محاكمتهم عبر محادثة هاتفية فقط، ولم يلتق أي منهم بمحام قبل الجلسة.

وقال 6 معتقلين إنه جرى إبلاغهم بأنهم سيبقون في الاعتقال حتى نهاية الحرب، بينما تم إبلاغ 4 آخرين بأن مدة اعتقالهم غير معروفة.

ووُجهت إلى ٩ من المعتقلين تهمة الارتباط بمنظمة إرهابية، لكن لم يتمّ تقديم أي أدلة ضدهم.

وقال الدكتور خالد السر، وهو جراح في مستشفى ناصر، إن الجنود الإسرائيليين جردوه هو وزملاءه من ملابسهم وبقوا عراةً أمام الملأ ثم قاموا باعتقالهم. وأضاف أن الجنود "قيدوا أيدينا بقيود بلاستيكية لمدة خمسة أيام، وقاموا بالتحقيق معنا في منازل مهجورة، وعذبوا زملائي وضربوهم".

وأفاد طبيب الأسنان ك.ج. بأن الجنود قالوا له إنه "سنقطع أصابع يديك بما أنك طبيب أسنان"، وذلك بينما كان يتمّ ضربه أثناء نقله إلى السجن.

وأشار الطبيب الجراح م. ط. إلى أن الجنود أطلقوا الكلاب المتوحشة عليه وعلى زملائه، فيما كان الجنود يضحكون عندما عضتهم الكلاب. وقال: "لقد أجبرونا على النباح مثل الكلاب".

وأفاد المعتقلون بأنهم أجبروا على الجلوس في وضعيات مؤلمة لساعات، وبأنهم تعرّضوا للاعتداء الجنسي والتهديدات التي طالت عائلاتهم، وتمّ إجبارهم على ممارسة "ألعاب" مهينة، تحت التهديد بالضرب.

وتشير الشهادات إلى أنّ أفراد الطواقم الطبية في السجون الإسرائيلية يعانون من مجاعة ممنهجة. ويحصل العديد منهم على بضع شرائح من الخبز يوميًا، مما يؤدي إلى سوء تغذية شديد. والمعتقلون المصابون بأمراض مزمنة، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، لا يتلقون رعاية طبية مناسبة.

وقال طبيب معتقل في شهادته إنه "صُمت على مدى ٢٢ يومًا لكي أوزّع طعامي على أوقات مختلفة". وأفاد الطبيب ر.م.، والذي يعاني من قرحة في المعدة، في شهادته، بأنه "كان الطعام سيئًا للغاية لدرجة أنني أصبت بالفتق".

ويعاني أفراد الطواقم الطبية المعتقلون من أمراض جلدية خطيرة مثل الجرب، دون الحصول على علاج طبي. ووفق التقرير، فإن السجناء الذين يعانون من كسور وإصابات خطيرة لا يتلقون العلاج، بل أن البعض منهم تعرض للضرب عندما طلبوا مراجعة الطبيب.

وأكد تقرير المنظمة الحقوقية على أنه لم يتم توجيه اتهامات إلى معظم أفراد الطواقم الطبية الذين تمّ اعتقالهم، ولم يتم تقديم أي أدلة ضدّهم. وقيل لكثيرين منهم إنهم سيبقون رهن الاعتقال "حتى نهاية الحرب"، وأُجبر آخرون على التوقيع على وثائق باللغة العبرية دون فهم محتواها.

وقال منظمة أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل إنها تدين هذه الاعتقالات، "باعتبارها انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تحمي العاملين في المجال الطبي في أوقات الحرب".

وقال مدير قسم الأسرى في منظمة أطباء لحقوق الإنسان، ناجي عباس، "إن الاعتقال غير القانوني والتعذيب وتجويع أفراد الطواقم الطبية جريمة أخلاقية وقانونية. لا ينبغي أن يكون الأطباء والعاملون في المجال الطبي هدفًا للاضطهاد بسبب عملهم في إنقاذ حياة الناس. يجب على إسرائيل الإفراج فورًا عن جميع العاملين في المجال الطبي الموجودين في المعتقل، ويجب على المجتمع الدولي أن يطالب بالمساءلة حيال الأمر".