إدانة صحافية روسية بارزة دافعت عن حقوق الفلسطينيين بـ«تبرير الإرهاب»
أهم الأخبار

إدانة صحافية روسية بارزة دافعت عن حقوق الفلسطينيين بـ«تبرير الإرهاب»

صدى نيوز - قضت محكمة روسية بإدانة صحافية بارزة بجرم «تبرير الإرهاب» بعد محاكمة أثارت جدلاً واسعاً؛ بسبب استنادها إلى معطيات نُشرت قبل سنوات على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقرر القاضي في نهاية جلسة استماع لمطالب كل من الادعاء والدفاع، تثبيت حكم الإدانة على الصحافية ناديجدا كيفوركوفا، البالغة 66 عاماً والمختصة بشؤون الشرق الوسط، بتهمة «تبرير الإرهاب والدعوة إليه علناً» في منشوراتها، لكنّه اكتفى بتوقيع أدنى عقوبة، وبدلاً من السجن لمدة 6 سنوات وفقاً لمطالبة الادعاء العام، حكم القاضي على كيفوركوفا بدفع غرامة مالية قدرها 600 ألف روبل (نحو 7 آلاف دولار).

وأُفرج عن الصحافية، المحتجزة على ذمة القضية منذ مايو (أيار) الماضي، من قاعة المحكمة مباشرة، بعد أن أبلغ محامي كيفوركوفا المحكمة أن والد ألينا كاباييفا، لاعبة الجمباز الأولمبية السابقة التي يقال إنها مقربة من الرئيس فلاديمير بوتين، عرض أن يكون كفيلاً لها. وأظهر مقطع فيديو نشرته وكالة «روس نيوز» أفراداً من عائلة كيفوركوفا يتعانقون ويبكون بعد النطق بالحكم. وكتب على «تلغرام» ابنها فاسيلي بولونيسكي، وهو صحافي أيضاً: «لا أعرف ماذا أقول. شكراً للجميع».

وصرح المحامي كالوي أخيلغوف للصحافيين خارج المحكمة: «في أيامنا، تُعدّ الغرامة لمثل هذه التهمة تبرئة».

واستندت القضية المثيرة للجدل على منشورين رفعتهما كيفوركوفا في وقت سابق عبر قناتها على «تلغرام».

وكان المنشور الأول، الذي نُشر في 23 سبتمبر (أيلول) 2018، إعادة نشر لمنشور من مراسل الحرب أورخان جمال، الذي لقي مصرعه بحادث غامض في أوائل أغسطس (آب) من ذلك العام في جمهورية أفريقيا الوسطى. وكان مقاله الذي كتبه قبل 8 سنوات مخصصاً للتعليق على هجوم مسلح وقع بمدينة نالتشيك (جنوب القوقاز) في عام 2005.

وأرفق الادعاء نتائج فحص أجراه خبراء خلصت إلى أن النص «يحتوي إشارات لتبرير أنشطة المشاركين في التمرد المسلح، ويخلق صورة مثالية لهم، ويصور أنشطتهم على أنها قسرية و«وفقاً لعقائد الإسلام»، و«تقود المسلم إلى الجنة».

في منشور آخر بتاريخ 1 سبتمبر 2020، كتبت ناديجدا كيفوركوفا نفسُها أن مقاتلي حركة «طالبان» الأفغانية يسعون إلى إطلاق سراح أسراهم من سجون «نظام كابل» في أفغانستان. ووجد الخبراء أن النص «يحتوي إشارات تبريرية لأنشطة أعضاء حركة (طالبان) التي تعدّ إرهابية ومحظورة في روسيا».

وأثار استخدام المنشور المتعلق بدعم «طالبان» استياءً واسعاً على خلفية أن موسكو خلال العامين الماضيين طبّعت علاقاتها بالحركة الأفغانية وأبرمت معها سلسلة اتفاقات تعاون رغم أنه من الناحية الشكلية ما زالت «طالبان» مدرجة على لائحة الإرهاب الروسية.

وقالت صحافية حضرت للشهادة إلى جانب كيفوركوفا: «بقدر ما أعرف موقف الاتحاد الروسي، فإن (طالبان) على الرغم من إدراجها رسمياً في سجل المنظمات المحظورة، فإن هذا لم يمنع وزير الخارجية سيرغي لافروف من استقبال وفودها وإبرام بعض الاتفاقيات معها».

بدوره، طلب كالوي أخيلغوف، محامي الدفاع عن المتهمة، من المحكمة استدعاء الممثل المفوض للرئيس الروسي لدى أفغانستان، زامير كابولوف، إلى المحاكمة للاستجواب شاهداً، حتى يتمكن من تأكيد عدم وجود خطر عام حالياً من نشر كيفوركوفا مواد عن ذلك البلد، لكن المحكمة رفضت الطلب.

يذكر أن المديرية الرئيسية لمكافحة التطرف بوزارة الداخلية الروسية لم تهتم بالمنشورين إلا بعد مرور سنوات، وفتحت تحقيقاً في الموضوع أواسط 2023، وفي 6 مايو 2024 احتُجزت كيفوركوفا ونُقلت إلى مركز توقيف تمهيداً لمحاكمتها.

ورأى المدعي العام أن كيفوركوفا «أرادت عمداً أن تنقل إلى عدد غير محدود من الناس رأيها بشأن الاعتراف بآيديولوجية وممارسة الإرهاب بوصفها صحيحة وتحتاج إلى الدعم والتقليد».

كان الإعلان عن محاكمة كيفوركوفا أثار جدلاً واسعاً لدى الأوساط الإعلامية في روسيا، وكما قال شهود الدفاع الذين حضروا الجلسة، فإن ناديجدا عُرفت لدى الأوساط الإعلامية الروسية بأنها «محترفة» ومارست العمل الصحافي منذ سنوات طويلة، وتعاونت مع عدد من وسائل الإعلام المعروفة؛ بما فيها صحيفتا «نيزافيسيمايا غازيتا» و«غازيتا»، والنسخة الانجليزية من قناة «روسيا اليوم» التلفزيونية.

وقالت ابنة المتهمة إنها صحافية مقربة للغاية من الكنيسة الروسية وتخصصت لسنوات في مجال تغطية الملفات المتعلقة بالأديان، وإنها أجرت مقابلات مع بطريرك موسكو وعموم روسيا الراحل أليكسي الثاني، وممثلي جميع الأديان الرئيسية.

على الصعيد الخارجي، كانت قريبة للغاية من قضايا منطقة الشرق الأوسط، وزارت سوريا مرات عدة، وأجرت لقاءات مع الرئيس المخلوع بشار الأسد قبل إطاحته.

كما زارت غزة والضفة الغربية، ونشرت كتابين مهمين للغاية بسبب ندرة الكتب التي تدافع عن فلسطين في روسيا؛ أحدهما حمل عنوان: «فلسطين... المقاومة»، والثاني: «القدس... لو كنت أنسى»، وتعرضت ناديجدا بسبب مواقفها الداعمة فلسطين لهجمة شرسة من جانب الأوساط الموالية لإسرائيل في روسيا.