المخابرات السورية ساعدت حزب الله بعد هجوم جهاز النداء
أهم الأخبار

المخابرات السورية ساعدت حزب الله بعد هجوم جهاز النداء

ترجمة صدى نيوز: في 17 سبتمبر/أيلول 2024، أرسلت المخابرات العامة السورية أول برقية عاجلة "سرية للغاية"، وذلك بعد أن أبلغها مصدر محلي بانفجار عدة أجهزة نداء يستخدمها مقاتلو حزب الله. كانت هذه الحادثة جزءًا من هجوم واسع النطاق شنته إسرائيل في ذلك اليوم أسفر عن مقتل العشرات من عناصر حزب الله وجرح ما يقرب من 3000 شخص. هذه البرقية السرية للغاية مُضمنة في ملف من 137 صفحة، حصل عليه مؤخرًا موقع "درج" الاستقصائي اللبناني، واطلع عليه موقع "صدى نيوز". عُثر على الوثيقة في مقر الفرع 235 التابع للمخابرات العسكرية السورية، وهو لواء متمركز في دمشق ويُعرف باسم "فرع فلسطين".

يُسلّط الملف، الذي أعدّه صحفيون لبنانيون بدعم من مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، الضوء بشكل غير مسبوق على العلاقة بين الأجهزة السورية وحزب الله. ويكشف عن تأثير فقدان حليفه السوري على الميليشيا الشيعية بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي فر إلى روسيا في ديسمبر/كانون الأول 2024.

أخبار كاذبة وشائعات

ابتداءً من 17 سبتمبر/أيلول، أُبلغت المخابرات السورية سريعًا ببدء الهجوم من خلال وسطاء لبنانيين. وتضمّنت تقاريرها الأولى لذلك اليوم معلومات من مصادر متعددة، بالإضافة إلى السفارة السورية في بيروت. وفي مذكرةٍ صُنِّفت "سرية للغاية"، جعل اللواء منذر سعد إبراهيم، رئيس "هيئة العمليات" في القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، الهجوم أولويته الرئيسية، وطلب من المخابرات السورية "إبعاد جميع أجهزة الاتصال اللاسلكية عن القادة".

جاء في المذكرة: "إذا لزم الأمر، يجب إبقاء أجهزة الراديو على مسافة آمنة، واستخدامها فقط عند الضرورة". وقد برر هذا الاحتياط بتدفق التقارير المستندة إلى مقالات صحفية مغلوطة. طوال اليوم، وفي اليوم التالي عندما انفجرت أجهزة اتصال لاسلكية تابعة لحزب الله، سارع جواسيس سوريون لجمع المعلومات، لكنهم اعتمدوا بشكل خاص على الشائعات والمعلومات القديمة.

على سبيل المثال، تشير إحدى الملاحظات وفق ما ترجمت صدى نيوز إلى تقرير يفيد بأن أجهزة النداء نفسها استُخدمت في الجامعة الأمريكية في بيروت، لكنها أُزيلت قبل عشرة أيام. وتكهنت ملاحظة أخرى بأن الأجهزة قد تكون مرتبطة بشركة موتورولا، التي استثمرت، وفقًا للوثيقة، في شركة اتصالات إسرائيلية. وقد ثبُت خطأ كلا النظريتين منذ ذلك الحين.

نُقل الجرحى

تُظهر رسائل أخرى عديدة مُضمنة في الوثيقة الاستخباراتية التنسيق الوثيق بين أجهزة مخابرات الأسد وحزب الله، الذين يُشار إليهم غالبًا بـ"الأصدقاء" أو "الأصدقاء اللبنانيين".

تُظهر الملاحظات أن أكثر من 100 جريح، بينهم مدنيون، نُقلوا إلى سوريا لتلقي العلاج بعد الهجمات. ووُضعت إجراءات أمنية مشددة في مستشفى عسكري كبير بدمشق، حيث عولج العديد من المرضى.

منذ فجر يوم 18 سبتمبر/أيلول، نُقل عناصر من حزب الله ومدنيون جرحى إلى سوريا. ثم، وعلى مدار اليومين التاليين، واصلت سيارات الإسعاف رحلتها من لبنان إلى جديدة يابوس، وهي قرية سورية تقع قرب الحدود، على بُعد حوالي 45 كيلومترًا غرب دمشق. نُقل ما يقرب من 100 جريح إلى داخل البلاد يومي 19 و20 سبتمبر/أيلول. وفي 22 سبتمبر/أيلول، تُشير الوثيقة إلى نقل طفلين في التاسعة والحادية عشرة من العمر إلى العاصمة السورية مصابين بجروح في العينين والصدر والأطراف والفك والوجه والبطن. إلا أن الملاحظات لا تكشف عن هوية عناصر حزب الله.

الإجراءات الأمنية

في ليلة 19-20 سبتمبر/أيلول وفق ترجمت صدى نيوز، وضعت أجهزة المخابرات السورية بروتوكولات أمنية لاستقبال الجرحى. وحوالي منتصف الليل، أُرسلت دورية تابعة للمخابرات العسكرية السورية، مؤلفة من عناصر من الفرع 227، إلى مستشفى تشرين العسكري في دمشق، مع أوامر صارمة: "لا تُسجل أسماء الجرحى عند البوابة الرئيسية، بل في قسم الطوارئ".

ونصّت مذكرة أخرى على أن الزوار الذين يوافق عليهم حزب الله وأجهزة المخابرات السورية والسفارة الإيرانية فقط هم من يُسمح لهم بالدخول. وتشير بعض البرقيات إلى ضرورة نقل هذه المعلومات إلى "ضابط اتصال" "الأصدقاء" دون ذكر اسمه.

وفي مذكرة مؤرخة في 2 أكتوبر/تشرين الأول، أشار الفرع 227 إلى أنه عزز وجوده الأمني ​​في مستشفى تشرين، وأنه أجرى عمليات تفتيش وتدقيق على جميع الداخلين إلى المستشفى. كما سُجّلت أسماء زوار "الأصدقاء الجرحى".

نظام الأسد يتلاشى

بدأت الرسائل بالتلاشي مع انحسار أزمة أجهزة النداء، لكنها لم تتوقف تمامًا. ففي الأسابيع التي تلت ذلك، واصلت المخابرات السورية إصدار رسائل يومية متتابعة للغارات الجوية الإسرائيلية على قرى جنوب لبنان، والتي بدت كسجلّ لهزيمة عسكرية، تُفصّل عدد القتلى وأنواع الطائرات المستخدمة. يعود تاريخ آخر رسالة في الوثائق إلى 1 ديسمبر/كانون الأول، وتشير إلى نقل "شهيد" من لبنان إلى سوريا. ثم توقفت الرسائل.

بعد أسبوع، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، دخلت قوات المعارضة السورية دمشق. ولعب انسحاب حزب الله من خطوط المواجهة السورية المتعددة دورًا رئيسيًا في سقوط الأسد.

المصدر: إنتليجنس أونلاين