ما وراء الانسحاب الأمريكي من مجلس حقوق الانسان
أهم الأخبار

ما وراء الانسحاب الأمريكي من مجلس حقوق الانسان

رام الله - صدى نيوز- في أعقاب صدور القرار الأمريكي بإنسحابها من مجلس حقوق الانسان توالت ردود الفعل الدولية والعربية والمحلية، وسط انتقادات واسعة من قبل مسؤولين أمميين وحقوقيين وهيئات دولية.

 "نيكي هيلي" السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أعلنت، مساء أمس الثلاثاء، انسحاب بلادها من عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية.

سفير فلسطين في جنيف الدكتور إبراهيم خريشة، قال: إن الانسحاب الأمريكي من حقوق الانسان يأتي في سياق السياسة الأمريكية لعزل نفسها عن العالم ولرفضها التعددية الدولية ولمؤسسات القانون الدولي، مشيراً أنها بذلك تقوم بتنفيذ الأجندة الإسرائيلية من خلال سفيرة الأمم المتحدة في نيويورك.

وأوضح خريشة في تصريح خاص لإذاعة "القدس"، ان القرار لن يؤثر على مجلس حقوق الانسان، مضيفاً أن ذلك يعطي إشارة بأن الولايات المتحدة الأمريكية غير قادرة على الوفاء بالدفاع عن حقوق الانسان في العالم، مشددا أن أمريكا أحد أكبر منتهكي القانون الدولي والانساني في العالم.

وأكد، أن أمريكا لجأت إلى قرار الانسحاب من مجلس حقوق الانسان كي تخرج من دائرة الحرج جراء الادانات الدولية لدعمها جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، مشيراً إلى أنها ستستغل انسحابها للضغط على باقي الأعضاء في مجلس حقوق الانسان من أجل إزالة البند السابع المعني بحقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولفت خريشة، أن وزير خارجية بريطانيا طلب في الجلسة الافتتاحية يوم الاثنين الماضي بإزالة البند السابع، مهدداً بأن دولته ستقوم بالتصويت ضد القرارات المتعلقة بفلسطين.

وأشار خريشة إلى أن الولايات المتحدة حاولت مرات عدة إزالة البند السابع، مؤكداً أن ذلك يعكس عزلة الإدارة الأمريكية وعجزها التام في إقناع من حولها بسياستها.

وأضاف: "البند السابع في حقوق الانسان مرتبط بالاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسيبقى هذه البند كنافذة قانونية من خلالها يتم تعريف المجتمع الدولي على الانتهاكات الإسرائيلية وللمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني".

ولفت خريشة، أن الانسحاب الأمريكي يأتي أيضاً في سياق محاولة التأثير على لجنة تقصي الحقائق التي أقرها مجلس حقوق الانسان بشأن الأحداث الأخيرة في قطاع غزة والتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية.

بدوره، قال المحامي والناشط الحقوقي صلاح عبد العاطي، إن الانسحاب الأمريكي يدل على بلطجتها وتنكرها لكل القواعد والقوانين الدولية والإنسانية، مؤكداً أنها تريد مجلس حقوق الانسان "على المقاس الأمريكي".

وأوضح عبد العاطي في حديثه لفلسطين اليوم، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تارة بتهديد المجتمع الدولي بتقليص التمويل، وتارة أخرى باعتقادها أن انسحابها من حقوق الانسان قد ينزع الشرعية عنها، مشيراً إلى أن قرارها سينصر القضية الفلسطينية من جديد في مجلس حقوق الانسان.

وأشار إلى مجلس حقوق الانسان انتصر لصالح القضية الفلسطينية بإصدار قرار لتشكيل لجنة تقصى حقائق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وانتهاكاته بحق الفلسطينيين، لا سيما مع تزايد الادانات الدولية إزاء الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين والمتظاهرين على حدود قطاع غزة والدعم الأمريكي للاحتلال.

وطالب عبد العاطي، المجتمع الدولي والعربي بتعرية الموقف الأمريكي الداعم للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق الفلسطينيين، باستمرار رفع الدعاوي إلى محكمة الجنايات والمضي قدما مع مجلس حقوق الانسان والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني.

ردود الأفعال

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، إن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “محبط” و”خبر مفاجئ”.

ونشر الحسين تغريدة عبر تويتر قال فيها: “بالنظر إلى حالة حقوق الإنسان في عالم اليوم، كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تعزز (جهودها)، ولا تنسحب”.

وأوضحت هيلي أن “التحيز المزمن ضد إسرائيل” هو أحد الأسباب الرئيسية وراء القرار.

وقالت: “ظل مجلس حقوق الإنسان لفترة طويلة حاميا لمنتهكي حقوق الإنسان ومكانا للتحيز السياسي”.

ووصف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قرار الولايات المتحدة الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان بـ"القرار الشجاع"، كما وصف المجلس بـ"المنظمة المنحازة والمعادية لإسرائيل".

وجاء في بيان صدر عن نتنياهو، اليوم الأربعاء: "تقدم إسرائيل شكرها للرئيس ترامب والوزير بومبيو والسفيرة نيكي هيلي على قرارهم الشجاع ضد النفاق وأكاذيب ما يسمى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

وأضاف: "لقد أثبت مجلس حقوق الإنسان، لسنوات طويلة، أنه منظمة منحازة ومعادية لإسرائيل، وأنها خانت مهمتها المتمثلة في حماية حقوق الإنسان".

وتابع: "بدلا من التعامل مع الأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي، يركز مجلس حقوق الإنسان بشكل يثير الهاجس على إسرائيل، الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط".

ويعتقد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيوف، أن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لا يدل على قوة واشنطن، بل ضعفها.

وكتب كوساتشيوف، قائلا: " مهما كان السبب وراء هذا القرار، والخطابة كالعادة، تخرج عن حدودها، إلا إنها لا تدل على القوة، بل على ضعف واشنطن. قوية، واثقة من موقفها، ستواصل إثبات صحت صوابها في أي ظرف، حتى في الأقلية".

وأشار إلى أن روسيا حافظت دائمًا الدفاع عن مواقفها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.

وأضاف عضو مجلس الشيوخ، ان الخطاب يسمع" من بلد تقوم سلطاته هذه الأيام على مرأى اعين العالم المذهولة، بأخذ من المهاجرين غير الشرعيين الذين طرود من البلاد الأطفال القصر".

ووفقا لرأيه، بدلاً من ان تدافع الولايات المتحدة عن مواقفها تعمل على إنشاء منظمات "تقفز مصفقة عند رؤية العلم الأمريكي". وإذا لم ينجح الأمر — صد الباب يبقى السبيل الوحيد للخروج ".

من جهتها، قالت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني مساء أمس (الثلاثاء)، إن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ينطوي على مخاطرة الإضرار بدورها الدولي.

ونقلت مايا كوفيانشيتش المتحدثة باسم موغيريني، عنها أن: "الولايات المتحدة كانت دوماً في طليعة حماية حقوق الإنسان في أنحاء العالم ولطالما كانت لسنوات عديدة شريكاً قوياً للاتحاد الأوروبي في مجلس حقوق الإنسان."

وأضافت: "قرار اليوم يهدد بتقويض دور الولايات المتحدة كداعم ومؤيد للديمقراطية على الساحة الدولية".

وكانت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، قد أعلنت انسحاب بلادها من مجلس حقوق الإنسان الدولي، وقالت السفيرة الأمريكية، إن بلادها انسحبت من مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية اليوم الثلاثاء، بعدما لم تتحل أي دول أخرى "بالشجاعة للانضمام إلى معركتنا من أجل إصلاح المجلس المنافق والأناني".

يذكر، أن مجلس حقوق الإنسان هو هيئة حكومية دولية تابعة إلى منظومة الأمم المتحدة، وتشكل في العام 2006، ويتألف من 47 دولة مسؤولة عن تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها في أنحاء العالم كافة.