مجزرة لاس فيغاس تدعو إلى تأمل أعمق
رام الله - صدى نيوز - عكست وسائل الإعلام الأميركية الاثنين هول الصدمة التي عاشتها الولايات المتحدة إثر المجزرة التي ارتكبها مواطن أميركي “أبيض” في لاس فيغاس والتي راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلا وسقوط المئات من الجرحى.
وعلى الرغم من أنه من المبكر، حسب مراقبين أميركيين، استباق ما قد تصل إليه التحقيقات، إلا أن الحدث سلط الضوء على علة أميركية داخلية، بحيث أن المجزرة في لاس فيغاس قد لا تكون الأخيرة.
وأعاد الحدث الجدل حول مسألة تجارة السلاح المشرّع داخل السوق الأميركي. ويعتبر المناهضون لشيوع الأسلحة في البلاد بأن أحد أكبر أسباب العنف اليومي في الشوارع الأميركية هو سهولة الحصول على الأسلحة النارية على نحو شرعي متاح لا يليق بالدول الحديثة.
وكان الرئيس السابق باراك أوباما قد فشل في وضع قوانين مقيّدة لبيع الأسلحة في الولايات المتحدة. وقد تمت مجابهة خطط أوباما من خلال قوة لوبي مصانع السلاح الأميركي ومن خلال لوبي آخر يعتبر أن حمل الأسلحة جزء من ثقافة وتقاليد الأميركيين.
ويذهب محللون إلى أن المسألة لا تتعلق فقط بمسألة السلاح، على الرغم من أن لهذه المسألة تداعيات مباشرة على أمن الأميركيين اليومي، بل تتعلق أيضا بمنظومة العلاقات السياسية الاجتماعية التي تخرج إلى العلن ظواهر دموية مناكفة للثقافة السائدة.
ويضيف هؤلاء أن مهاجمة الفضاء الأميركي العام سواء كان في مدرسة أو حفل موسيقي كما حدث في لوس أنجلس، قد تخفي خللا قيميا لم تستطع النخب السياسية معالجته.
وبينما يجزم خبراء في الشؤون الأميركية أن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة جاء انتصارا لقيم “أميركا البيضاء” وكرد فعل على 8 سنوات من عهد أوباما، إلا أن المجزرة التي ارتكبها مواطن أميركي “أبيض” تؤشر على أن الخطر على الأمن الأميركي لا زال خطرا داخليا، وأن انتخاب ترامب يمثل جانبا من خلل عام يكشف تصدّعا داخل تعايش الثقافات التي تتشكل منها “الأمة الأميركية”.
ورغم أن مجزرة لاس فيغاس تأتي خارج سياق الإرهاب الذي يواجهه العالم بنسخته التي يمثلها داعش، إلا أن منابر أميركية، سياسية خصوصا، تدعو إلى تأمل أعمق لظاهرة العنف الأميركي، سواء في الشق المتعلق بالعيش الجماعي للمواطنين أو بذلك المتعلّق بثقافة السلاح التي لا يمكن إلا اعتبارها “ثقافة إرهاب”