بات من الواضح وما لا يدعو الى الشك عدم جدية سلطات الاحتلال بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ، وذلك بالخطاب الذي القاه رئيس حكومة دولة الكيان نفتالي بينيت في الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها ال 76 وعدم التطرق الى القضية الفلسطينية نهائيا في كلماته الركيكة سياسيا والتي لم تعدو عن كونها دعاية انتخابية موجهه للجمهور المحلي ، مستعرضا انجازات محدودة لحكومته الهشة من أساسها ، والتي لم تكتف بهذا الحد انما تعمل جاهدة على تفجير الاوضاع من خلال تزايد الاقتحامات للمسجد الاقصى المبارك وخلق التوتر في الحرم الابراهيمي الشريف وتزايد اعمال الاغتيال في القدس والضفة الغربية ، وغيرها من الممارسات المنافية للاعراف الدولية.

وذلك من اجل الهروب من استحقاقات قد يطالب بها المجتمع الدولي بخجل . وفي هذا الخضم ، يطفو على السطح  تساؤل يفرض نفسه ، لماذا هذا التجاهل المتعمد لبينيت للقضية الفلسطينية في خطابه ؟ رئيس حكومة دولة الكيان ومن خلفه الكم الاكبر من الجانب الشعبي من ابناء جلدته لا يعيرون اي اهمية للفلسطينيين ، ولا يعتبرونهم شركاء انما ينظرون اليهم كعبيد يخدمون مصالحهم ، وهذا نتاج معطيات عدة عززت من اهمال التوصل الى حل مع من وقعت دولته اتفاقيات سابقة من اكثر من عقدين استغلتها سلطات الاحتلال لفرض امر واقع وانتهجت سياسة الابقاء على الوضع الراهن بقليل من التغذية الاقتصادية والتي تصب في مصلحة دولة الكيان وفي مقدمتها ما يسمى التنسيق الامني والاستفادة الاقتصادية من الجانب الفلسطيني . ومن أبرز هذه المعطيات ضعف الموقف الرسمي الفلسطيني الناتج عن حالة الانقسام السياسي والايدولوجي والجغرافي التي تعيشها الاراضي الفلسطينية المحتلة وحالة فقدان الثقة بين الهرم والقاعدة.

الناتج عن عدم تجديد الشرعيات ، وخذلان ذوي القربي من ابناء جلدتنا وهرولتهم للتطبيع مع دولة الكيان دون اي وازع اخلاقي او ديني او قومي ، إضافة الى عدم اكتراث المجتمع الدولي لما يجري في فلسطين من انتهاكات مخالفة لما تسمى الشرعية الدولية ، حتى أن ما كان يجري تداوله في الاروقة الدولية واتخذت قرارت بشأنه حول حل الدولتين اصبح في عداد الماضي . ووسط استنفاذ اوراق الضغط لدى الجانب الفلسطيني وانسداد الافق السياسي أمام الفلسطينيين قيادة وشعبا ، ما المطلوب للخروج من عنق الزجاجة ؟ بطبيعة الحال لا بد من الوحدة والعمل على لم الشمل بين ابناء الشعب الفلسطيني بكافة اطيافه الفكرية ، ومن بعد البدء بالتفكير خارج الصندوق ، بمعنى طي صفحة ما كان يسمى " حل الدولتين " والشروع بالتداول في حل العيش في اراضي فلسطين التاريخية من بحرها الى نهرها ، ولا اقصد هنا الدولة الواحدة لاني لست من المتحمسين لها ، انما البحث عن آليات تعزيز صمود الانسان الفلسطيني في ارض الاباء والاجداد بالرهان على القنبلة الديموغرافية الفلسطينية التي لا تعمل لصالح دولة الكيان ، وستقلب السحر على الساحر ، كمشروع مقاومة فلسطيني . الاسرائيليون يدركون تماما حجم المخاطر التي تهدد أمنهم القومي جراء النمو الديموغرافي الفلسطيني الذي بات يشكل هوسا وهاجسا لدى القيادة السياسية الاسرائيلية ما دفعها الى شن حرب ضروس تستهدف الوجود العربي الفلسطيني في فلسطين التاريخية وفرض حصار شامل وسن قوانين ذات مضامين عنصرية من شأنها تضييق الخناق وتفكيك هياكل الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية ودفعهم الى الهجرة الطوعية.

 الا ان ذلك كله لم يجدي نفعا ولا زال الميزان الديموغرافي يميل شيئا فشيئا مع الوقت لصالح الفلسطينيين حيث يعتبر النمو الطبيعي لهم الاعلى في العالم خصوصا في قطاع غزة والنقب ومن ثم الضفة الغربية والذي يتراوح ما بين 4 و5 بالمئة مقابل 1 بالمئة لصالح اليهود ، وتشير الاحصائيات الاخيرة الى قرب تساوي العدد السكاني بين العرب واليهود في فلسطين التاريخة ، عدا اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا عن اراضيهم ابان نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967 من دون شك ان مقاومة الاحتلال عبر العقود الماضية عرقلت المشروع الصهيوني في تهويد فلسطين ، لكن القنبلة الديموغرافية وبكل تأكيد ستنهي هذا المشروع وستسبب ازمة استراتيجية ذات ابعاد قومية تجعل من المستحيل تهويد فلسطين وربما تعيد الامور الى سابق عهدها ما قبل الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1917.

بمعنى كان هناك مسلمين ومسيحيين ويهود يعيشون في ارض تسمى فلسطين ، ومع التطورات الحقوقية والدويمواقراطية في العالم يصير من الضروري تجسيد الديموقراطية التي ينادي بها المجتمع الدولي ، او قد ينتج عن ذلك وسيلة تضغط على الاحتلال وتدفعه الى الشروع بعملية افصل مع الفلسطينيين تفاديا للقنبلة الديموغرافية الفلسطينية والتي أطلق عليها البرفسور اليهودي أرنون سوفير, أستاذ الجغرافيا في جامعة حيفا تحذيراته الساخرة من أن “الساعة الديموغرافية حول إسرائيل تتسارع بوتيرة الفهد, بينما يتسارع اتخاذ القرارات القومية بوتيرة السلحفاة ، داعيا وكثيرون من المثقفين والكتاب الاسرائيليين  الى الاسراع في الفصل للالتفاف على واقع ديموغرافي فوضوي يحيط بدولة الكيان .