كان الأسبوع الماضي حافلا في أجندتي وليس على المستوى الشخصي بل المستوى العام، ذهبنا صوب الجامعة العربية الأميركية في الريحان، وشمل برنامجنا أن باشرنا الإعداد لإحياء ذكرى ميلاد غاندي، وباشرنا الإعداد ليوم الموئل العالمي وخصوصية فلسطين في قطاع الإسكان.
جامعاتنا الفلسطينية كانت وما زالت علامة فارقة وهي الأولى منذ السبعينيات التي شكلت مكونا أساسيا من مكونات المجتمع الأهلي من جهة وعنوانا للصوت الوطني وترسيخ الهوية الوطنية، واستطاعت الجامعات أن توازن بين البعد الوطني والحفاظ على المستوى الأكاديمي، سواء من حيث تخريج كفاءات للمجتمع وباتت بارزة على المستوى العالمي، واستطاعت تخريج كوادر وقيادات وطنية تركت وتترك بصمة في المجتمع.
الجامعة العربية الأميركية هي الأولى على خارطة التعليم العالي التي كانت وما زالت تحمل صفة (جامعة خاصة) وطبعا تلك الصفة بداية كانت حديثة العهد في فلسطين وكانت مثار نقاش إلا أنه مع اتساع خارطة التنوع في التعليم العالي استطاعت هذه الجامعة أن تبدأ وتستمر وتحفظ مكانا لها على الأرض، وباتت حاضرة ببرامجها المتنوعة ونوعية خريجيها الذين اختبروا في الواقع العملي.
عمليا، كانت زيارتنا للجامعة العربية الأميركية تتوافق مع تاريخ زيارتي الأولى يوم افتتاح الجامعة في 28 أيلول 2000، يومها كنا صباحا مع صلاة الفجر مع أمير القدس فيصل الحسيني في المسجد الأقصى لحظة اقتحام شارون للمسجد الأقصى، وعصر ذات اليوم، ذهبنا صوب الاحتفال بافتتاح الجامعة، وتحدثنا حول شريط الذكريات مع رئيس مجلس إدارة الجامعة المؤسس، ومع نائب الرئيس للعلاقات الدولية، ومع رئيس مركز السياسات ودراسات حل الصراع، وبعدها أغلقت الدنيا وقطعت أوصال الوطن وها نحن نعود إليها وقد انقضى 21 عاما على تأسيسها وباتت حاضرة بشكل مناسب.
المهاتما غاندي كان حاضرا بقوة في الأجندة احتفاء بذكرى ميلاده في الثاني من تشرين الأول وكنا نخطط لمعرض للمنتجات الفلسطينية كون غاندي كان يحث الشعب الهندي للاعتماد على الذات في الغذاء والملبس وعدم الاعتماد على منتجات المستعمر البريطاني آنذاك، وكنا سنمر على تصاعد المقاومة الشعبية التي تصاعدت وتتصاعد في مختلف المواقع والقمع الذي تقابل به، وسنمر على تأكيد غاندي أن (فلسطين للفلسطينيين كما هي بريطانيا للبريطانيين)، هذا مدخلنا للاحتفاء بذكرى ميلاده كمكون من مكونات الدبلوماسية الشعبية التي تعمق العلاقات بين الشعوب وتخلق انتصارا من تلك الشعوب لقضيتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة، وهذه الفعاليات على المستوى الدولي مهمة من البوابة الشعبية غير الرسمية لتحقيق اختراقات تخدم فلسطين وشعبها، وأدواتها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي وتشبيك العلاقات المباشرة أيضا.
اليوم العالمي للموئل لهذا العام يؤكد مسؤولية المدن عن زهاء 70% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الصعيد العالمي، حيث تتسبب أنشطة النقل وتكييف المباني واستهلاك الطاقة وإدارة النفايات في الجزء الأكبر من انبعاثات غازات الدفيئة في المناطق الحضرية، ما يقود صوب إنشاء مدن وبلدات مستدامة وشاملة وخالية من الكربون.
فلسطينيا، ما زلنا في قطاع الإسكان تزامنا مع اليوم العالمي نواجه معيقات أساسية مصدرها وسببها (الاحتلال ومستوطنوه) بحجب إمكانيات التنمية عن المواطن الفلسطيني باستلاب الأرض ومنع البناء وهدم المنازل وإعاقة حق السكن في فلسطين وخصوصا في القدس المحتلة، ما يتطلب اعتماد الاستراتيجية الوطنية للإسكان، وتفعيل قطاع الإسكان لمحدودي الدخل، وإنشاء بنك الإسكان، وحل مفاصل تمويل الإسكان بنسب فوائد منطقية، وتعزيز التعاونيات الإسكانية، ورفد المشاريع الإسكانية بالبنية التحتية والخدمات الأساسية.
ميزة أجندتي هذا الأسبوع هو اللقاء بكفاءات أكاديمية وبحثية وخبراء في قطاع الإسكان وفنانين تشكيليين وكاريكاتير يثرون موضوع غاندي، ولقاءات مع خبراء دوليين يسعفون في قضايا الأيام الدولية المعتمدة عالميا، وفلسطين يجب ان تظل مكونا أساسيا من مكوناتها، وواضح أن الجامعات الفلسطينية ما زالت وستظل مراكز ذات تأثير إيجابي على المجتمع.