في الوقت الذي يتخذ فيه وزير جيش الاحتلال ما سمي برزمة من "التسهيلات للمناطق الفلسطينية" بضمنها لمناطق المصنفة " ج" حسب اتفافية اوسلو او الحديث عن زيادة عدد العائلات ضمن (لم الشمل) وغيرها من المبادرات التي تحدثت عنها وسائل الاعلام ضمن ما يعرف بمبادرات "حسن النية" تجاه الفلسطينين في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي باتت تهدد استمرار السلطة في اداء وظيفتها ارتباطا بازمة عالمية ترتفع معها معدلات البطالة والفقر، وتزداد التعقيدات المتعلقة بالحياة اليومية، ومع التقارير الصادرة عن الجهات المانحة وجهات دولية عديدة حول قدرة السلطة على الايفاء بالتزامتها المالية بل تذهب تقارير اخرى بان الوضع على شفى الانهيار بشكل جدي .
ما تسمى التسهيلات التي اقرها غانتس في الحقيقة ما هي الا استمرار لذات الطريقة التي تحاول من جهة منع انهيار السلطة لان للاحتلال مصلحة في استمرارها، ومنع تحقيق اكتفاء ذاتي او تقدم في وضعها يحقق الحد الادنى من الاستقرار الاقتصادي من جهة اخرى، والابقاء على حالة السلطة كما هي سلطة بلا سلطة او سيادة او حتى سيطرة على الموارد، والحدود والحديث بالمعنى السياسي هنا يتمثل في حصر دور السلطة باعتبارها "كيانا" تتأكل مكانته امام شعبه على مستوى الاقتصاد، والامن، والوضع الداخلي الاجتماعي، وابقاء الباب المفتوح امام الاحتلال بوصفه "المنقذ" والمغيث الذي لا يمكن الاستغناء عنه في الحالة الفلسطينية فاذا تكون السلطة في وضع صعب يهدد انهيارها تسارع دولة الاحتلال "بمنح " قرض او " سلفة " لدفع رواتب الموظفين، هي اموال بالاصل جزء مما اقتطعه الاحتلال من حقوق الشعب الفلسطيني عبر ما يعرف باموال المقاصة فيما ايضا اذا عانت البلاد من ازمات جديدة مع انتشار فيروس كورونا مثلا يتم الاعلان عن فتح المعابر ومنح التصاريح للعمال للدخول داخل الاخط الاخضر او السماح بادخال بعض السلع لاراضي السلطة، وهناك العديد من المفارقات التي تتم في هذا السياق لكنها بطبيعة الحال لم تمثل ولا هي قدمت علاجا شافيا لمعاناة الشعب الفلسطيني معاناته بسبب الاحتلال الاسرائيلي هذه هي المشكلة التي على الجميع العمل على معالجتها، وهي سبب كل داء يعيشه الشعب الفلسطيني .
غانتس وزير الجيش الذي يبيع الوهم دوما كعادته بالحديث عن التسهيلات هو ذاته صاحب نظرية ضرب الفلسطينين بكل قوة حتى يقبلوا بالحل الاسرائيلي وهو اي غانتس ذاته رئيس الاركان الذي شن الحرب بلا هواده على قطاع غزة العام 2014 وقتل الاطفال الذي هدم البيوت على رؤوس اصحابها، وهو ايضا الذي يسن القوانين يوميا، ويشرع البناء الاستيطاني، ونهب المزيد من الاراضي الفلسطينية في ذات المنطقة المصنفة "ج" والقدس، والاغوار وهو عراب نظرية الامر الواقع ضمن خطة الضم الصامت الجاري تنفيذها على حساب الحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة التي يقر بها العالم اجمع محاولا ان يحيي سراب الحل الاقتصادي متجاوزا كل القرارات الدولية، والا ماذا يسمى اطلاق هذه الرزمة مما يسميه التسهيلات في الوقت الذي يتم اقرار بناء عشرات الاف الوحدات الاستيطانية، وقضم المزيد من الارض الفلسطينية .
اذا كان غانتس جادا فعليه العمل مثلا على تعديل بنود اتفاق باريس الاقتصادي الذي يقيد الاقتصاد الفلسطيني، ويحوله تابعا لاقتصاد الاحتلال، وعليه مثلا ان يعمل على فتح المعابر، ويرفع حصاره الظالم عن قطاع غزة، وليعلن عن وقف الاستيطان الاستعماري، ومحاولات طرد اهالي القدس من بيوتهم، وعليه ان يعلن بشكل واضح ان السلام يبدأ بانهاء الاحتلال، وغانتس الذي يطلق حزم "المساعدات" للفلسطينيين هو ذاته الذي وقع، واصدر القرار القاضي بتصنيف ست مؤسسات اهلية مدنية فلسطينية "بالارهاب" وطالما ان غانتس يملك هذا الحس "الانساني" لماذا يمنع ويحول دون تقديم خدمات هذه المؤسسات تحديدا في المناطق المصنفة "ج " وهي تشمل مشاريع للمزارعين وفي شتى المجالات لمساعدة الناس في المناطق المهمشة والفقيرة .
المساعدة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني لن تأتي من المحتل بل من الامم المتحدة وهي مساعدته في انهاء الاحتلال الجاثم على صدره وتمكينه من ممارسة حقوقه المكفولة بالشرعية الدولية، والقانون الدولي اما الحديث عن "منح " وبوادر "حسن نية "ومساعدات فهي تهدف اساسا لاستدامة واقع الاحتلال بل تعمق وجوده ضمن تكريس الامر الواقع، ومن غير المعقول ان يبقى شعب محتل يعتمد في حل مشاكله على القوة التي تحتله – هذا لا يستقيم باي حال من الاحوال – الحل هو بالانعتاق من منظومة الاحتلال العنصرية وليس اطالة امده لان اشغال الناس بقوت حياتهم اليومية من غلاء اسعار، وقروض وفقر هي عوامل اضافية لتفتيت النسيج الاجتماعي، والمزيد من التأكل في مكونات النظام السياسي ما يجري هو الوصفة المثلى لالهاء الناس في واقع حياتهم اليومية واعفاء المواطن من التفكير بالواقع السياسي وتغيره من يريد التعايش مع هذا الواقع لا يمكن ان يسعى للتغير الجدي المنشود، وغانتس واقطاب حكومته يدركون تماما ما يقومون به ازاء هذه الحالة وهم يزيفون صنع الاكاذيب فلم الشمل هو حق لمن تهجر قسرا من وطنه بينما البناء في المناطق "ج" وكل الارض الفلسطينية لا يجوز مقارنته بالبناء الاستيطاني في هذه المناطق شتان ما بين حق المواطن وسرقة المستوطن المستعمر هذا لا يجب ان يغيب عن بال احد، وزيادة التصاريح ليس منة من غانتس لاستخدام الايادي العاملة الفلسطينية في سوق العمل الاسرائيلي بدون اية حقوق او امتيازات وباعتبارها ايدي رخيصة بالنسبة لهم التسهيلات المقترحة المخادعة هي بهدف دفع وهم السلام الاقتصادي على حساب الحقوق وهي لا تنطلي على احد فهي قطعا لا تمثل خشبة الخلاص، وليست الطريق الذي يؤدي الى رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني انهاء الاحتلال هو السبيل الامثل، والاقصر، والاوحد لذلك وهو الذي يحقق الامل المنشود في السلام، والتنمية، والاستقرار الاقتصادي عندما يتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة اولى خطواتها انهاء الاحتلال - والا فان كل المحاولات سيكون هدفها فقط تجميل وجه الاحتلال ومحاولة تحسين صورته .