مع استمرار المعارك في أثيوبيا وتواصل زحف فصائل متحالفة ضد حكومة أديس أبابا، بزعامة جبهة تيغراي، تظهر إسرائيل مجددًا وسط هذه الحرب، نظرًا لترابط العلاقات الإسرائيلية- الأثيوبية على مختلف الأصعدة، بما فيها دعم إسرائيل لبناء سد النهضة ودورها في تفخيخ العلاقات العربية – الأثيوبية على ملف السد، وكذلك ملف العلاقات الأمنية الوطيدة التي تربط تل أبيب بأديس أبابا، فهذه الحرب أدخلت إسرائيل في ملف متجدد يتعلق باليهود الأثيوبيين، الأمر الذي استدعي أن يعقد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد اجتماعًا طارئًا في وزارته للنظر في تأثير تقدّم قوات تيغراي باتجاه العاصمة أديس أبابا، وانعكاس ذلك على الأخطار المحتملة على عشرة آلاف يهودي يقيمون في مخيمات العاصمة وكذلك في منطقة غوندار شمال أثيوبيا، ذلك أنه سيكون من الصعب إجلاء هؤلاء في حال سيطرة جبهة تيغراي على العاصمة.
الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، بعد أن راقب الجدل بين مختلف المؤسسات الإسرائيلية حول مدى أهمية جلب المزيد من اليهود الأثيوبيين إلى الدولة العبرية، طالب الحكومة بالعمل وبسرعة على وقف الجدل واتخاذ القرار الصائب الوحيد بإحضار اليهود الأثيوبيين إلى إسرائيل.
ومن المرجّح أن يشكّل هذا الملف اختراقًا سلبيًا للعلاقة الإسرائيلية – الأثيوبية، ذلك أن رئيس الوزراء آبي أحمد، سارع بالاتصال مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، مشيرًا إلى أنّ من بين الأثيوبيين الذين تم تهجيرهم إلى إسرائيل هناك عدد من الضباط الذين شاركوا في مجازر ارتكبتها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وتم تهريبهم ونقلهم بواسطة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وبشكلٍ سري إلى إسرائيل، يُشير آبي أحمد هنا ليس فقط إلى الموجة الجديدة من هجرة اليهود الأثيوبيين إلى إسرائيل، بل إلى ما قام به الموساد أثناء حكومة نتنياهو السابقة عندما تم نقل ما يزيد على عشرة آلاف يهودي أثيوبي، الأمر الذي أحدث جدلاً في الأوساط السياسية والأمنية والدينية في إسرائيل بعدما تبيّن أن معظم هؤلاء يدينون بالمسيحية وأن حياتهم لم تكن معرضة للخطر وأن وصولهم إلى إسرائيل كان بسبب البحث عن حياةٍ أفضل، وذلك حسب ما صرح به مندوبون من وزارة الداخلية الإسرائيلية للقناة 13.
عندما يتحدث الرئيس الإسرائيلي حول الجدل المتعلق بهذا الملف، فهو يقصد تحديدًا تلك الوثيقة الصادرة عن مجلس الأمن القومي والتي تشير إلى أنه رغم الواقع الصعب في أثيوبيا فإن عملية انقاذ اليهود الأثيوبيين ونقلهم إلى إسرائيل قد تتسبب بتوتير العلاقات مع أديس أبابا، كما أنها قد تعرض حياة المنتظرين إلى الخطر، والحديث يدور هنا عن عشرة آلاف تنوي دولة الاحتلال جلبهم إليها، هذه الوثيقة رأت فيها وزيرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية بانيتا تمو شاتا، وهي من أصول أثيوبية أن الحديث لا يدور عن حالة أمنية، بل ظرف سياسي ينبغي استثماره، واتهمت الوثيقة ومَن وراءها بالسعي إلى تخريب عملية انقاذ يهود أثيوبيا، لذلك فإنها ترى أن مكان هذه الوثيقة سلة المهملات.
ملف يهود أثيوبيا كان ولا يزال مفتوحًا للجدل في إسرائيل على جبهتين، الأولى تتعلق بمدى يهوديتهم وجذورهم النصرانية، الأمر الذي دعا بعض الحاخامات إلى تهويدهم من جديد أو عدم الاعتراف بهم كيهود، أما الجبهة الثانية في مدى التعامل معهم بشكلٍ عنصري سافر أدى في كثير من الأحيان إلى احتجاجات كان آخرها وأهمها منصف عام 2019 اثر قتل ضابط خارج الخدمة لشابٍ أثيوبي.