صدى نيوز - أصبحت الولايات المتحدة آخر بلد يسمح لكل البالغين بالحصول على جرعة معزّزة من اللقاحات المضادة لكورونا، بعدما كان الأمر يقتصر على الذين يعانون نقصاً في المناعة والمسنين والأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس.
ورأى علماء يتتبعون البيانات الوبائية أنه الوقت المناسب لهذه الخطوة، لكن البعض الآخر أعرب عن مخاوفه، إذ أن اللقاحات التي أعطيت بجرعتين لا تزال فعالة، في تقليل معدل الأشكال الحادة من الوباء والوفيات.
شكلت الجرعات المعززة نقطة خلاف بين الخبراء. وصوتت لجنة استشارية للإدارة الأمريكية للأغذية والعقاقير، في سبتمبر (أيلول) ضد حصول الجميع على جرعة معززة، وحصرتها في فئات معينة، الأكبر سناً، والأكثر عرضة والأضعف.
بالنسبة إلى البروفيسور في مايو كلينك في مدينة روتشستر في ولاية مينيسوتا الأمريكية، فينسينت راجكومار، فإن أحد الدلائل الرئيسية الجديدة هي التجربة السريرية لمختبرات فايزر على 10 آلاف شخص يبلغون 16 عاماً وأكثر، أظهرت أن فعالية اللقاحات بعد جرعة معززة، ارتفعت إلى 95.6% ضد المرض المصحوب بأعراض.
وهناك أيضاً مثال إسرائيل التي حاربت الموجة التي سببها متحور دلتا بحملة ضخمة وواسعة النطاق للجرعات المعززة.
وأخيراً، أظهرت بيانات السلطات الصحية في بريطانيا لأشخاص تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، أن فعالية اللقاح بعد جرعة معززة تجاوزت مستوى الحماية الذي تحقق بعد الجرعتين الأوليين.
وتساءل راجكومار "الإجابة العلمية البحتة على سؤال هل تعمل الجرعات المعززة؟" هي نعم، ليس هناك أدنى شك في ذلك". لكنه في الوقت نفسه، أعرب عن قلقه من الإصابات بكورونا لدى الملقحين.
ورغم أنهم أقل عرضة للوفاة أو دخول المستشفى، تظهر بيانات جديدة في مينيسوتا أن "الوفيات في صفوف الذين لقّحوا، ليست معدومة".
حالياً، تسجل وفاة واحدة بين كل 100 ألف شخص ملقّح في الأسبوع مقارنة مع 14 لكل 100 ألف لدى غير الملقّحين.
والأكثر عرضة لخطر الوفاة رغم حصولهم على اللقاح، هم المسنون والذين يعانون نقصاً في المناعة، على غرار المصابين بالسرطان، أو الذين خضعوا لزرع أعضاء.
وقال راجكومار: "إذا أصيب الفرد بالمرض رغم حصوله على اللقاح، فإن ذلك يشكل خطراً لذلك فإن غياب الإصابة سيكون أمراً جيداً". لكن ليس كل الخبراء متحمسون لهذا الحد.
ترغب سيلين غوندر المتخصصة في الأمراض المعدية والأستاذة في جامعة نيويورك في رؤية المزيد من الأدلة على المناعة التي توفرها هذه الجرعات المعززة على المدى الطويل.
بالنسبة إليها، ينبع الخلاف من عدم توافق الآراء على الهدف المنشود "هل تحاولون منع الأشكال الحادة من المرض وحالات دخول المستشفى والوفيات؟ أم أنكم تحاولون منع العدوى وانتقالها؟" لكن في الحالتين، ليست الجرعات المعززة بالضرورة هي الاستجابة الأنسب، وفق قولها.
وأفضل طريقة لتقليل الحالات الخطيرة والوفيات هي خفض معدل الانتقال المجتمعي عبر تلقيح غير المحصّنين.
والجميع متفقون على تلقيح المسنين والذين يعانون نقصاً في المناعة والأكثر عرضة للخطر، بجرعة معززة.
بالنسبة إلى سيلين غوندر، من غير الواقعي أيضاً الاعتقاد أن الجرعات المعززة ستمنع انتقال الوباء، خاصةً بسبب فترة الحضانة السريعة للفيروس في جسم الانسان.
قد يؤدي الترويج لجرعة معززة أيضاً إلى نتائج عكسية للمشككين الذين يميلون إلى استنتاج أن اللقاحات غير فعالة.
وهناك خطر آخر يتمثل في ارتفاع عدد الإصابات بالتهاب عضلة القلب بعد الحقن بلقاح يعمل بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال "آي آر إن"، خاصةً بين الشباب، رغم أثر جانبي نادر.
ولا تستبعد المتخصصة دعم سلسلة من ثلاث جرعات، أو جرعتين متباعدتين، أو جرعات معززة منتظمة، لكنها تقول إن ذلك يحتاج إلى دراسة أكثر شمولاً.
يتفق الخبراء على أن الجرعات المعززة وحدها لن تضع حداً للوباء، في حين أن أفقر البلدان، خاصةً في إفريقيا، لا تزال تعاني من معدل تطعيم منخفض جداً.
وفي الأسبوع الماضي، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، كل يوم تعطي الدول الغنية 6 جرعات مغززة مقارنة مع جرعة أولى يومياً في البلدان منخفضة الدخل.
وختمت سيلين غوندر بالقول: "سيكون من المؤسف فعلاً إذا وجدنا أنفسنا بعد كل حملات التطعيم، نعود إلى الوراء بسبب متحور نشأ في جزء آخر من العالم".