سيستيقظ المواطن الفلسطيني مطلع الشهر القادم على ارتفاعات في أسعار عدد من السلع نتيجة لإجراء حكومي فلسطيني يرفع ضريبة الشراء على المنتجات الغازية والعصائر والبلاستيك، وهذه الارتفاعات ستترافق مع ارتفاعات أخرى لا داعي أن يكون لها مبرر طالما أن الحكومة ترفع ضريبة الشراء على المنتجات الفلسطينية ولا تترك لها أي حيز للمنافسة، رغم أن تعهدا أعطي قبل ثلاثة أشهر بأن الارتفاع في السوق الإسرائيلية لن يوازيه ارتفاع في سوقنا الفلسطينية حتى نحمي منتجنا الوطني.
القضية ليست قضية (عنزة ولو طارت) وليست قضية (مناكفة) بل العلم والنظريات تقول، إن السياسة الضرائبية لها هدف وفلسفة ودور، فالضرائب تحقق العدالة بين شرائح المجتمع بحيث لا يدفع المليونير ذات ضريبة الشراء على المنتج التي يدفعها من يتقاضى أقل من الحد الأدنى للأجور وهذا ما يحدث فلسطينيا، وعندما طرحت فكرة رفع شرائح ضريبة الدخل قامت الدنيا ولم تقعد وهي ضريبة متحققة على الدخل وتقود إلى عدالة، الضريبة لها دور وهو تقليل الأضرار الصحية والبيئية وغيرها صحيح ولكن أين هي الصحة والبيئة في حياتنا، ففي مواضيع مثل النفايات نجد أن قرار فتح مكب نفايات بيد الاحتلال، وتنقية مياه الصرف الصحي يحدث فيها مشاكل، هل نستخدم مياهها بعد التنقية.
ماذا نريد؟
أن يتم منح خصوصية للمنتجات الفلسطينية من خلال الحماية المؤقتة عبر عدم رفع ضريبة الشراء على المنتجات الغازية والعصائر والبلاستيك حتى تظل قدرتها التنافسية حاضرة بقوة، وهذا حق من حقوق الدول والحكومات أن تطبقه وشكل من أشكال الانفكاك والابتعاد عن تعميق التبعية الاقتصادية المالية، و"سيبوكم من وعاء ضريبي واحد" هذه ضريبة شراء وليست جمارك.
نعود ونذكر أن ضريبة الشراء انخفضت على منتجات في السوق الإسرائيلية قبل عامين ولم نلمسها في سوقنا مثل الأجهزة الكهربائية والملابس. أليس من حقنا أن ننعم بالانخفاض أم أن الارتفاعات هي التي تطالنا فقط.
تراجع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي مرده لمثل هذه الإجراءات التي بات واضحا أن هدفها جباية فقط، بمعنى تراجعت منح الدول المانحة بالتالي، فليتحمل المواطن المسؤولية، وإذا حمل العبء التاجر والمستورد والمصنع سيسترده من المواطن فورا، وهذه المعادلة السلبية يجب أن تتوقف وتحول لسياسة ضرائبية منحازة للمنتجات الفلسطينية وللتشغيل وللاستثمار.
لم يعد مقنعا علميا وعمليا أن نقول، إن المنتج الفلسطيني لن يتأثر بارتفاع ضريبة السكر والبلاستيك وفي ذات الوقت، نبلغ برفع ضريبة الشراء مطلع الشهر القادم.
خارطة الطريق؟
على الجهات الرقابية تفعيل دورها في ضبط وتنظيم السوق الداخلية، إذ لا يعقل أن عشرات إذا لم يكن المئات من الشكاوى تصلنا في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني حول تغول في أسعار أسطوانة الغاز للاستخدام المنزلي، ونحن ذاهبون باتجاه ارتفاعات في أسعار الكهرباء ولا نحرك ساكنا، وارتفاعات في تكاليف العلاج بصورة لا تتناسب مع قدرة المواطن الفلسطيني، وفي التأمين والمعاملات المصرفية، ولا يحدث أي علاج لأي من هذه القضايا المفصلية وتقفز وزارة المالية صوب رفع ضريبة على المنتجات الفلسطينية.
ومطلوب توحيد الخطاب الإعلامي بذات المفردات بين وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة المالية وسلطة النقد وهيئة سوق رأس المال، فهذه هي مفاصل الاقتصاد والمال حكوميا في فلسطين، وكل له أولوياته ولكن لا يجوز التناقض بمعنى أن "المالية" تصر على ضريبة السكر بينما "الاقتصاد الوطني" أكدت لجميعة حماية المستهلك ومن ثم أكدت للصناعيين في معرض المنتجات الفلسطينية أنها لن تقع، ومن ثم نجد أن "المالية" ستباشر بالتنفيذ.
نذكر ضمن خارطة الطريق أن التركيز سيكون على الشركات الكبرى التي ستكون ملتزمة بأي قرار، ولكن كيف سيتم ضبط المنشآت التي تنتج عصيرا ومشروبات غازية في الطابق السفلي للبيوت. وهنا سيقع تفاوت في الأسعار. أين سنصل؟ هل هذا يقلل الإصابة بالسكري وغيره أم يزيده في ظل هذا المشهد.
أين هو التعهد الحكومي بخفض ضريبة الشراء عن السلع الأساسية لصالح المستهلك الفلسطيني وليس لصالح التاجر بحيث تنعكس هذه الانخفاضات على الأسعار، ونعكس سعر الكوتا المستوردة على أسعار المستهلك. دعونا نفهم لماذا لا ينخفض سعر الحليب البودرة المجفف منذ 25 عاما على الأقل في السوق الفلسطينية رغم انه على الكوتا ما اضطر تجار الشنطة إلى إحضاره عبر معبر الكرامة لأنه اقل سعرا.
اتقوا الله فينا يا سادة، ولا تصبحوا سهما في صدر المنتجات الفلسطينية فترفعوا أسعارها وتقللوا فرصتها التنافسية.