لغة أصابع الاتهام أصبحت اللغة السائدة في مجتمعنا الفلسطيني، الكُل يتهم الكُل، دون إدراك بأننا جميعنا نغرق في أول مواجهة لقطرة ماء!! حالة التبعثر والتشتت لجميع مكونات المجتمع جعلت منا أن "الكل يغني على ليلاه"، بالتالي فقدان تحقيق الهدف.
في الرياضة وعلى سبيل المثال كرة القدم، الهدف واضح وهو الفوز بالمباراة. في مجال الأعمال يمكن للأهداف أن تكون أكثر انتشارا ولكن كسب المال أمر أساسي. الفرق الرياضية والشركات على حد سواء تُطور استراتيجيات تسعى إلى تعظيم فرصها في تحقيق أهدافها.
أما في الأنظمة السياسية ومكوناتها فالأمر أكثر صعوبة. يعتمد العمل العام والعمل السياسي بشكل حاسم على معرفة الأهداف العامة التي تهدف البرامج إلى تحقيقها؛ لأن معرفة الأهداف تساعدك على تحديد كيفية التحرك نحو تحقيقها على الصعيدين قصير وطويل الأجل.
لهذا، في أغلب اللقاءات التي أستمع لها، كل فرد يتحدث بطريقته ورؤيته، حتى أبناء الفكر والانتماء الواحد مُشتتون فيما بينهم، معنى هذا، أننا فاقدون للرؤية والتوجه. لنعترف قبل كل شيء دون اتهام أي من كان بأننا فاقدون للهدف، وفاقدون للهدف المخطط جيدا على المضي قدما في الاتجاه الذي نريده.
وضوح الهدف يساعدنا على البقاء على المسار الصحيح. يمنحنا الهدف المحدد خطة قوية لإنجاز مهمة أو مشروع. يمكنك النظر في كثير من الأحيان إلى هدفك لمساعدتك على البقاء بهمة عالية.
معرفة أهدافنا تجعل المشاريع الكبيرة أسهل. من خلال تقسيم أهدافنا إلى مهام أصغر حتى لا نغمر أنفسنا بمشروع كبير؛ ما سيؤدي إلى انخراط الجميع، كل حسب مسؤوليته، في تحقيق الهدف الأساسي، لهذا سيخطو كل فرد خطوات مدروسة دون أن يُشير بأصابع الاتهام إلى من هم حوله لأن عليه مسؤوليات وواجبات يجب القيام بها؛ دون الاكتفاء فقط بإطلاق الكلمات الفارغة والمزايدات من خلال شاشة جهاز الحاسوب وهو جالس على فراشه!!
ولصياغة أهداف نبيلة في ظل واقعنا الحالي وما تعانيه القضية الفلسطينية من متغيرات متسارعة، لا بد من الاستناد إلى مُثُلٍ وأخلاقيات لمأسسة العمل الوطني والنضالي، خاصة أن البيئة السياسية العربية لعدد من الدول تعاني من ظواهر سلبية نتج عنها فقدان البعد الإنساني العروبي في العمل السياسي، ما يدفعنا للتأكيد على ضرورة تبني "أهداف ذكية" لإصلاح الانحراف السياسي الذي طرأ في المشهد العربي، ومعالجة التشوهات التي ابتليت بها قضيتنا.
وبناءً على تلك المعطيات فإن عملية صياغة الأهداف السياسية على الصعيد الفلسطيني تتطلب التقدم برؤى ناضجة لتحقيق المصالح الوطنية من خلال تحديد توجهات إستراتيجية للتعامل مع القضايا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعلاقات الخارجية، وسبل تحقيق الأمن الوطني الأهلي، والأمن الغذائي للمواطن الفلسطيني.
وبناءً على تلك المعطيات فإن عملية صياغة الأهداف السياسية على الصعيد الوطني تتطلب التقدم برؤى ناضجة لتحقيق المصالح الفلسطينية وتقديم رؤية شاملة للنهوض الشعبي، وذلك من خلال التقدم برؤية للكل الفلسطيني شاملة تُعبّر عن أهداف تحقق في مجملها حلمنا الوطني تشترك فيه سائر مكونات المجتمع، تُحقق التطلعات الفلسطينية، وتشكل صورة للمستقبل المنشود، وتُحدد سبل تحقيقها على أرض الواقع وليس في الهواء!!