نشرتْ قناة الكنيست في 22-12-2021 نسخة اقتصادية سياسية جديدة تناسب عصر العولمة، عولمة الاقتصاد، لغرض الإطاحة بنفوذ إيران الاقتصادي، لأن إيران تُنتج أغلى محاصيل العالم، وهو نبات الزعفران، فهي تنتج 90% من إنتاج العالم، إذ يبلغ سعر الباوند الواحد ألفا وخمسمائة دولار! لذلك فإن هناك خطة لزراعة الزعفران في هضبة الجولان المحتلة للقضاء على (إرهاب) إيران!
واظبت العولمة الاحتلالية الإسرائيلية على استثمار العقول في مجال الزراعة، فقد نقلت زراعة كل أنواع التمور العربية، وعلى رأسها، تمر المجهول، حتى أصبح التمر مصدرا مهما لدخلها، كذلك فإنها وضعت خطة لزراعة شجر الُلبان والأراك في غور الأردن، وتربية النحل على تلك الأشجار، لتطيح باحتكار بلاد العرب للتمور وأشجار اللبان والأراك لتبيع لتر العسل الواحد بأكثر من ألف دولار!
نشرتُ منذ عام مضى قصة نويات تُمور جافة تعود إلى العصر البابلي، كما وردتْ في صحيفة، إسرائيل اليوم، 23-9-2020: «وجد الباحثون الأثريون الإسرائيليون في موقعين أثريين، في مسعدة (ماسادا)، في ستينيات القرن الماضي، وفي كهوف قمران، اثنتين وثلاثين نواة تمر، قال مدير مركز، العربا، د. فلن سولوي: حصلنا على البذور، عندما تولى الجنرال، يغئال يادين مهمة كشف موقع (ماسادا) 1960، هذه النويات هي أقدم البذور في العالم أجمع، أبقيناها محفوظة أربعين عاما، ثم أنبتنا من هذه البذور ست نخلات، لقَّحنا البذرتين، حنا مع متشولح، جرى إنبات نويات التمور، بعد إجراء التلقيح، اللازم في كيبوتس «قيطوره»، العام 2005م، وقد سمّى علماء الزراعة الشجرة الأولى باسم، متشولح، هو جد النبي نوح، وأطلقوا على الثانية، حنا، أُم النبي صموئيل، ثم أطلقوا على الفسائل الجديدة أسماء توراتية: آدم، حنا، إيهود، يونثان، بوعز، أرئيل، في بداية العام 2019 جرى نقل النخلة، حنَّا، إلى مركز البحث الزراعي في العربا. تقول البروفيسورة، سارة، وهي باحثة في الجامعة العبرية في القدس: مذاق تمور نخلات، حنَّا رائعٌ كالعسل، ثمرُها يميل إلى الجفاف، وهو دليل على أن هذه الأرض هي (أرض اللبن والعسل) تمرها يُشبه التمر (الزاهدي) العراقي والسعودي، لأنها تعود إلى العصر البابلي منذ ستة آلاف سنة، زمن متشولح»!
استغلَّ الباحثون الزراعيون هذا الاكتشاف، لكي يجعلوه علاجا طبيا، وعلاجا نفسيا لنيل البركات الدينية أيضا لأنه سيجلب السائحين من كل دول العالم إلى هذه النخلات أيضا.
لم يكتفِ الباحثون الأثريون بترويج هذا الاكتشاف الأثري! بل عَمِدَ باحثو الزراعة في نحت فوائد هذه التمور الصحية، وانبرى المتدينون في جعل هذه الفسائل ذات بركات دينية، أما باحثو التربية والتعليم والثقافة، فقد انضموا إلى الجوقة، جعلوا هذا الاكتشاف (الرهيب) مادةً دسمة لأقاصيص الأطفال؛ فقد كتبتْ الباحثةُ، سارة صالون، مقدمة كتاب أقاصيص الأطفال، (نام النبي، متشولح في المسعدة، ها هو يستيقظ من جديد بعد ألفي سنة، في صورة نخلاتْ متشولح، وحنا)
كتبتُ أيضا منذ خمس سنوات تقريبا قصة أخرى عن نعاج الملك يعقوب، المخططة، البلقاء، وفق التوراة، وهي تعود إلى خمسة آلاف عام، من أحفاد سلالة قطعان، الملك يعقوب! اكتشفتْ النعاجُ في كندا! جرتْ مفاوضات مكثفة بين السفارة الإسرائيلية في كندا، والسفارة الكندية في إسرائيل، بلغت تكلفة ترحيل القطيع، من مطار، تورنتو الكندي إلى مطار تل أبيب، ثمانين ألف دولار فقط لا غير، يملك القطيع الزوجان، جل، وجينا لوينسكي!
وُضعت النعاج فور وصولها في الحجر الصحي، ماتتْ منها خمسُ نعاج، ومرضت أربعون أخرى. أخيرا، أفرج عنها، يوم 30-1-2017 لتسكن في (نيس حاريم) بالقرب من «بيت شميش» في القدس. سوف تصبح هذه الحظيرة متحفا للزيارات السياحية في أرض الميعاد! لأنها تضم تراث يعقوب، ولابان!!
أخيرا، فإن الباحثين في إسرائيل يختلفون عن الباحثين في كل دول العالم، إذ إن معظم باحثي إسرائيل يمزجون أبحاثهم بالعقيدة الدينية ثم بالنظرية الاقتصادية، فهم يحملون في أيديهم دائما التوراة (السياسية) لتحقيق غايتين، الأولى، تعزيز روح الانتماء في نفوس فسيفساء المجتمع الإسرائيلي المتعددة، والمختلفة، والمتباينة، والمتناقضة، أما الغاية الثانية فهي جلب الأرباح والمنافع الاقتصادية!
أخيرا، فإن هؤلاء الباحثين لا يلتزمون بمبادئ القوانين الدولية ولا يكترثون بانتحال تراث الفلسطينيين، سكان الأرض الأصليين!