منذ مطلع بداية العام الجديد 2022 ونحن نتلقى العديد من الضربات المختلفة على الأصعدة المجتمعية والسياسية والاتصادية وبالتأكيد أخطرها الاحتلالية، تلك الضربات وما أكثرها أصبحت منوعةً وبأشكال مختلفة؛ وللأسف مستمرة دون توقف لا نستطيع أخذ استراحة ولو بسيطة تُمكننا من التفكير!!
كمجتمع - بالمفهوم الجمعي الكُلي - أصبحنا نكتفي بدور المشاهد، وفي أفضل الحالات نعبر عن غضبنا من خلال كتابات على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات «الواتس آب» ، وما أن نكتب بقضية ما حتى تولد قضية أخرى موجعة لتُنسينا الأولى وهكذا.. وهكذا..
يجب أن نعترف وبدون مجاملة أننا نتأقلم بشكل سريع مع الضربات الموجعة دون استخلاص العبر والدروس كي نتجنب الضربات القادمة بكافة أشكالها، أدّعي هنا بأن هذا التأقلم له أسبابه الموضوعية المنبثقة من التجربة التاريخية التي خاضها الشعب في مراحل ومنعطفات ليست سهلة، وأيضاً التأقلم بسبب ولادة اليأس وفقدان الثقة والكفر بالمشهد العام بكافة مكوناته.
هل أصبحنا مُخدرين فاقدين المقدرة على الحركة الإيجابية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونكتفي فقط بالصراخ وسماع الصدى!! لا أعرف متى ستلد الصحوة الفردية لتنتقل الى استنهاض جماعي تحت مظلة كاملة شاملة أساسها: المواطنة، القانون، الدستور، الحقوق والواجبات، المسؤولية الوطنية، الانتماء، الإنسانية، الخدمة المدنية والمجتمعية والأهم من كل ذلك حب فلسطين بكل ما فيها من أوجاع.
بالتأكيد المثالية شيء والواقع شيء مختلف كلياً، لكن ما هو المانع بأن يتحمل كل فرد منّا مسؤوليته في موقعه الذي يتواجد فيه؟! لماذا نلعب دور المشاهد الميت في القضايا والضربات العامة؟ علينا نزع الخوف من قلوبنا وأن نتقدم لفعل الفعل بكل مسؤولية أمام المجتمع.
حتى في هموم الشأن العام، نتناقل الأخبار والإشاعات وكأن شيئاً لم يكن، والبعض يشعر بالفخر كونه صاحب الخبر الأول لحصد أكبر كمية من الإعجاب «اللايكات» والمشاهدات ليتم تلقيبه بالمُؤثر، وللأسف دون أي أثر وعلاج لقضية عامة فعلية ملموسة على أرض الواقع!
ومن عجائب وغرائب القدر، أن هناك نسبة عالية ممن كانوا يشغلون مواقع في القطاع العام أو المجتمع المدني وربما الإثنين معاً ضمن الكرسي الدوار، لا يلعبون دور المشاهد وإنما دور الناقد الحاقد المدمر الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب كما يقال. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هو ذاته من يتحمل جزءاً من الواقع الحالي الذي وصلنا له، بالتالي أسهل شيء هو أن يشير فقط بأصابع الاتهام على فلان وعلى علان، دون أن يبادر بأي فعل كان من أجل المساهمة في تصويت الحدث والواقعة التي وقعت.
وحتى لا تكون الصورة بالكامل مظلمة، هناك من نقف لهم احتراماً وتقديراً ممن يقدمون يد العون والمساعدة في أي حدث عام بحاجة للمساندة، دون الانتظار أو أخذ الموافقة من أي شخص، تجدهم يقفزون للحدث بكل قوة ويحطمون جميع التابوهات والعوائق، هناك من يقدم بفكره أفكاراً، وهناك من يقدم من ماله دعماً، وهناك من يقدم لنا بعضله قوة وإنتاجاً، وهناك من يأخذ القرار في ذات الوقت الذي يستمع به للقضية، فكل الحكاية تتلخص بعدم فقدان الأمل مهما كانت سوداوية المشهد علينا أن نستمر ولا نتوقف، كلٌ حسب موقعه وتخصصه.ش