2022-01-15
منذ فترة تصل إلى أسابيع يدور حديث متواتر وإعلانات عن نية الدعوة لعقد دورة للمجلس المركزي الفلسطيني، لكن دون الإعلان عن موعد محدد لذلك حتى الآن.
في حال الدعوة رسميا لانعقاده فانه من المتوقع ان يتم الإعلان عن مقاطعته من قبل بعض التنظيمات - والأساسية بالذات، إضافة إلى عدد من الأعضاء المستقلين.
صحيح تماماً أن ذلك إذا حصل، سيعني وينذر بإضعاف قوة وقيمة وتأثير النتائج التي ستخرج عنه وإضعاف الدور والطموح المرجوين من وراء انعقاده.
ولكن ذلك لا يلغي أهمية وضرورة انعقاده لجهة المبدأ والدور، بوصفه الهيئة القيادية الأولى في منظمة التحرير في الفترة بين دورتي انعقاد للمجلس الوطني. ولا يلغي وجوب الحفاظ على دورية انعقاده، ولا يلغي إمكانية ان تلعب نتائجه دوراً إيجابياً في الواقع الوطني الفلسطيني خصوصاً إذا ما تميزت بالمسؤولية والموضوعية والانفتاح الواسع على الكل الوطني.
الدعوة لانعقاد المجلس المركزي بحد ذاتها وما يدور حولها من جدل، تسلط الضوء ساطعاً على صورة الواقع الفلسطيني الوطني والسياسي التنظيمي منه بالذات، وهي صورة لا تبعث على السرور والتفاؤل، بقدر ما تستحضر السلبيات والمخاوف.
- ويبقى الانقسام هو أول هذه السلبيات والمخاوف خصوصا وقد وصل الى درجة من التجذر تقترب من الملامسة المباشرة للانقسام الكياني.
يؤكد ذلك ويعبر عنه حقائق ومواقف كثيرة وملموسه منها:
1- القدرة على منع إجراء الانتخابات المحلية في عموم قطاع غزة في المرحلة الانتخابية الأولى، بينما تمت بسلاسة ويسر في الضفة الغربية.
ثم الإعلان عن منع إجراء مرحلتها الثانية والتي أعلنت الدعوة لإجرائها قريباً في عموم القطاع أيضاً.
2- عدم وجود - بل منع- أي دور للسلطة الوطنية الفلسطينية في أي امر من الأمور التي تتعلق بقطاع غزة، وأبرزها في الفترة الأخيرة موضوع إعادة الاعمار بكل تفاصيله، وموضوع تبادل الاسرى وما يرتبط به ويتقاطع معه من اتفاقات او تفاهمات يسعى للتوصل لها وسطاء عديدون (بالذات الدولة المصرية الشقيقة).
وهذا ما شجع دولة الاحتلال على النظر الى سلطة حماس في قطاع غزة ككيان سياسي قائم بذاته وتتعامل معه عبر الوسطاء على هذا الأساس.
3- الزيادة الملحوظة في توسع حركة حماس في نسج وإقامة علاقات سياسية خارجية خاصة بها (مجتمعية او دبلوماسية) تقترب كثيراً من الرسمية ودون أي التفات لعلاقات السلطة الوطنية او الى وحدة ووحدانية التمثيل الفلسطيني السياسي.
يضاف الى المخاوف من الانقسام الكياني المشار اليه ويترافق معه عدم وجود أي مشروع دولي وعلى أي مستوى واي درجة من الجدية يتبنى مشروعاً يدعو الى الحل السياسي لا في إطار الأمم المتحدة وهيئاتها ولا بالتوافق بين عدد من الدول، وهو وضع ترتاح له دولة الاحتلال، وتأمل باستمراره بل وتسعى الى ذلك وتشجعه.
وتبقى دائماً حقيقة الاحتلال واستمراره، وكل الحقائق البشعة الناتجة عنه.
وقد تكون أبشع هذه الحقائق ان دولة الاحتلال بمؤسساتها وأجهزتها واستدامة احتلالها وتوسع استيطانها وكل مشاريعها الأخرى هي المستفيد الأول من كل وأي حال من الخلاف الوطني الفلسطيني بأي مستوى كان.
فما بالك بانقسام يهدد بالوصول إلى درجة الانقسام الكياني كما تقدم عرضه.
المكون الأهم في الصورة العامة بكل أسسها وتفاصيلها والذي يقف في موقع التعارض والتناقض وصولاً إلى التصادم مع كل التفاصيل التي تم عرضها ووصفها وبكل تنوعاتها، وما لم يتم عرضها أيضا، يبقى هو الشعب الفلسطيني المناضل الصابر المتمسك بصلابة بكامل وطنه، والمصمم بإرادة لا تعرف الهوادة والتراخي على تحريره واستعادة كامل حقوقه الوطنية. وعلى هذا الشعب يكون الأمل الواثق وينتعش الرجاء ويكون الرهان.
إذاً، لماذا لا يكون البناء على هذا العنصر في مناسبة الدعوة لدورة المجلس المركزي وحتى لو تم على أي من المستويين:
المستوى الأول، هو الدعوة قبل انعقاد المجلس المركزي وقبل الإعلان عن موعد انعقاده، الدعوة إلى اجتماع عام على أعلى مستوى لجميع القوى والفصائل الفلسطينية، يبحث في موضوع المجلس وضروراته والنتائج المرجوة منه والاتفاق على مخرجاته التي تتوافق مع الوضع العام الوطني وضروراته، وللخروج من الوضع الحالي ومخاطره كما جرى تقديمها.
ويتم الدخول بنتائج هذا الاجتماع إلى المجلس المركزي ليقوم بدوره في مناقشتها والإضافة عليها ما يراه ضرورياً وفي نفس الاتجاه التوافقي الإيجابي.
والمستوى الثاني، في حالة عدم النجاح في تحقيق المستوى الأول، وتحقق مقاطعة البعض، فليكن حرص الحضور في مناقشاته واقتراحاته بنفس الاتجاه الإيجابي المشار إليه في المستوى الأول. ولتكن نتائج «المركزي» هي المقدمة والمحرك والأساس للحوار مع المقاطعين ومع الكل الوطني لتحقيق نفس الهدف المركزي المشار اليه في المستوى الأول.
وعلى المستويين فإنه من الضرورة والفائدة إشراك أوسع إطار من قوى المجتمع المدني من المستقلين وذوي الخبرة والتاريخ النضالي والتأهيل العلمي.