صدى نيوز - افتتح في بيت التراث المعماري، أحد البيوت الثقافية، التابعة لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في مملكة البحرين معرض "بتاع كله"، لمجموعة من الفنانين الفلسطينيين الذين يحملون حجرًا من أرض فلسطين.

ويشارك المركز في رحلة عودته إلى أرضه، في إشارة دائمة إلى دور المركز في دعم القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، كما أحيا المؤلف الموسيقي الفلسطيني، الفنان جهاد عقل، حفلا بعنوان "الكمان يغني".

المعرض الذي تتواصل عروضه أمام الجمهور حتى يوم الخميس المقبل، وأشرف على تنفيذه إلياس ويوسف انسطاس، القادمان من فلسطين، من مدينة بيت لحم، وجاء ضمن برامج وفعاليات المركز لمناسبة الذكرى العشرين على تأسيسه، افتتحته رئيسة مجلس أمناء المركز الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، بحضور سفير دولة فلسطين لدى مملكة البحرين، خالد عارف، وسفير المملكة العربية السعودية، الأمير سلطان بن أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وعدد من السفراء العرب والأجانب، وممثلين عن اكثر من 50 مركزا ثقافيا عربيا وعالميا، وفنانين وكتاب ومهتمين بالشأن الثقافي، وعدد من أبناء الجاليتين الفلسطينية والعربية.

ويشير عنوان المعرض "بتاع كله" إلى تعبيـر معـروف يستخدم لمـواد البناء والمنتجات الـتـي تـسـتـخـدم لأكثـر مـن غـرض واحـد، وإلـى الاستهلاك المنهـجـي للحجـر فـي فلسطين كمسألة ماديـة ورمزيـة تخدم أجندات مختلفـة، حيث يبني العمـل محتـواه مـن نظرية المسائل الحجرية، وهي عبارة عـن بحـث قائم على التجربة امتـد علـى مـدى سـنوات والـذي انـتـج مـن خـلالـه سلسـلة مـن الهياكل الحجرية الفريـدة لمواقعها المحددة في فلسطين.

وتم تقديم العمـل لأول مـرة فـي "بينالي البندقية السابع عشر للعمارة" الذي استمر مـن مايـو إلـى نوفمبـر 2021، وبعـد البندقيـة، مـن الـمقـرر أن يتـم تـركـيـب العـمـل فـي أريحا، فلسطين، وسيشارك مركز الشيخ إبراهيم في رحلة عودته الى موطنه.

المعرض هو عرض لمخرجات المشروع البحثي التجريبي لمكتب يوسف والياس انسطاس (AAY أنسطاس) الذي استغرق العمل فيه عشر سنوات، كما أفادنا المهندس الياس، ويتمحور حول عمليه استخدام الحجر في العمارة المعاصرة الفلسطينية وكيفية استخدام الحجر كعنصر انشائي وليس كما هو معهود باستخدامه فقط كغلاف خارجي للمنشآت والأبنية الأسمنتية.

ويضيف أنسطاس: يهدف المشروع الى محاولة الاستفادة من الحرفيين والأيدي الماهرة في فلسطين بالتعامل مع الحجر، وكذلك الاستفادة من الحجر الفلسطيني بشكل عام لبناء مدينة وعمارة معاصرة أكثر ارتباطاً بالأرض وأكثر تصالحا مع البيئة والطبيعة كون الحجر يأخذ من الطبيعة، وهو أحد أهم مكوناتها، لذا يعتبر الحجر صديق وفي للطبيعة أكثر من الأسمنت وغيره من مواد الإنشاء والبناء.

ونوه الى أن الحجر الفلسطيني يتميز عن أحجار أغلب دول العالم بكثافته العالية وبصلابته وقوته المعروفة، ولا يتأثر بالمياه أو الرطوبة، الأمر الذي يرشحه للاستخدام الفعال في الإنشاءات كونه أيضا يتحمل أوزان وضغط كبيرين، وأهم الحجارة في فلسطين هو حجر القدس الذي يعرف باسم "حجر صليّب"، وحجر الخليل "صور معين"، وحجر الشيوخ وغيرهم.

حفل للمؤلف الموسيقي الفلسطيني جهاد عقل، بعنوان "الكمان يغني"

وضمن احتفالات مركز الشيخ إبراهيم بذكرى تأسيسه العشرين أحيا العازف والمؤلف الموسيقي الفلسطيني، المعروف بـ"عاشق الكمان" الفنان جهاد عقل، حفلا موسيقيا بعنوان "الكمان يغني"، عزف خلاله منفردا على آلة الكمان التي يعشقها، واطرب الجمهور الذي ازدحمت به قاعة مركز الشيخ إبراهيم الواقع في المدينة البحرينية العريقة، المحرق.

وعقل فنان فلسطيني من مواليد مدينة بيروت، درس الموسيقى الكلاسيكية على يد والده أحمد سعيد وسعى إلى دراسة وتوسيع نطاق التعليم الموسيقي ليشمل التوزيع والتأليف الموسيقي واللعب المنفرد، شارك وعمل جهاد عقل مع عدد من الفرق الموسيقية للفنانين اللبنانيين والعرب كفيروز ووديع الصافي وماجدة الرومي، وفاز بالعديد من الجوائز وقدم العديد من المناسبات في جميع أنحاء العالم. صدر لعقل العديد من الالبومات والفيديو كليبات والألحان الخاصة المميزة.

برامج ثقافية بالمناسبة

كما شهدت برامج المركز الثقافية التي امتدت لعدة أيام لمناسبة ذكرى تأسيسه الكثير من الفعاليات والبرامج الثقافية والفنية والغنائية والبحثية أبرزها تدشين كتاب "بدايات، حكايات وتقاطعات" للشيخة مي بنت محمد آل خليفة، إذ تروي فيه قصتها مع العمل الثقافي وحكايتها مع المركز، وكتاب "سبع ليالٍ وليلة، يوميات عابرة مقيمة في المحرّق" للروائية المصرية مي خالد، وعرض فيلم وثائقي خاص بعنوان "شيخ التنوير" يختصر عقدين من مسيرة المركز والبيوت المتفرعة عنه، من إخراج المخرجة إيفا داوود، وحفل غنائي للفنانة التونسية غالية بن علي، بعنوان "حضرة سلطنة" وحفل آخر بعنوان "عودة الأندلس" للفنانة اللبنانية غادة شبير، وافتتاح معرض بعنوان "مع شيخ التنوير" لجمال عبد الرحيم وتدشين كتاب فني يحمل أشعاراً ورسائل للشيخ إبراهيم آل خليفة مع لوحات للفنان جمال عبد الرحيم، وتدشين كتاب "رسّامون من العالم العربي، الجزء الأول: الفاتحون" للفنان العراقي المعروف فاروق يوسف.

وأكدت الشيخة مي آل خليفة أن العقدين الفائتين من عمر المركز أثمرا 28 مشروعا في مجالات الثقافة والبحوث وعدداً كبيراً من الإصدارات الثقافيّة، بالإضافة لتوثيق أكثر من 500 محاضرة في كافة المجالات العلمية والثقافية والفنيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، وعدد من السهرات الموسيقيّة والفنيّة التي استضافت أسماءً فنيّة من الشرق والغرب عبر مواسم ثقافية لم تتوقف منذ تأسيس المركز رغم الأوضاع الصحية التي مرّ بها العالم.

كما توقفت الشيخة مي عند أهمية الاعتراف العربي والدولي بعمل المركز وحصوله على العديد من الجوائز والإشادات العالميّة ومنها عام 2019، وبالمشاركة مع مسار طريق اللؤلؤ، جائزة الأغا خان للعمارة عن مشروع "إحياء منطقة المحرق"، كما يقوم المركز حاليا بدراسة 8 بيوت مستقبلية لإعادة إحياء تاريخها بين مدينتي المحرّق والمنامة.

من جانبه توجه السفير خالد عارف من الشيخة مي وعبرها لكافة العاملين في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، بأسمى آيات التهاني والتبريكات لمناسبة احتفال المركز بذكرى تأسيسه العشرين، مؤكدا أن المركز على مدار سنواته المديدة كان حريصا على استضافة الكثير من رموز الثقافة والفكر والإبداع الفلسطينيين على رأسهم الراحل الشاعر الكبير محمود درويش، وأقام الكثير من الفعاليات الداعمة والتي تعزز الثقافة الفلسطينية بحضور فنانين ورواد فلسطينيين، انطلاقا من دور المركز في دعم القضايا العربية، والقضية الفلسطينية.

واشاد السفير خلال حضوره افتتاح المعرض القادم من فلسطين، وحفل جهاد عقل، برؤية الشيخة مي الثقافية وبعملها الدؤوب الذي كان لهما الدور الكبير في ما وصل إليه المركز من سمعة طيبة ومكانة مرموقة بين المؤسسات الثقافية في عالمنا الثقافي، متمنيا للمركز المزيد من التقدم والتألق والإبداع، ومزيدا من المشاريع الثقافية والأدبية المعرفية والفنية المميزة، كونه أصبح معلما وصرحا ثقافيا بارزا ومنارة للثقافة البحرينية والخليجية والعربية الهادفة، نعتز بإنجازاته الثقافية المتعددة التي يعتدُ بها وأصبحت نموذجا لكثير من الدول العربية والإسلامية.