يعيش شعبنا الفلسطيني واقعا مريرا منذ نكبة بلفور عام 1917، ولغاية الآن، وكيف أن الحركة الصهيونية تعمل ليل نهار ‏من أجل محو الشعب الفلسطيني عن الوجود، غير آبهة بأي أخلاق أو قانون أو شريعة سماوية، لا بل توظّف الدين اليهودي ‏لخدمة أهدافها العنصرية الاحتلالية الاحلالية، وتستخدم القانون لحجب أي حق للفلسطينيين في أرضهم، كما فعلت في قانون ‏القومية، وقانون الدولة اليهودية وقانون لم الشمل.‏

كيف يمكن للحركة الصهيونية أن تصل في تفكيرها وفي خططتها إلى هذا المستوى من الحقد والعنصرية وأن تتخيل أن لها ‏أن تستمر في هذه السياسات المخالفة للأخلاق والقانون وكأنها تقول للعالم أجمع افعلوا وتكلموا كيفما شئتم فإنا “شعب الله ‏المختار” وكل ما أقوم به هو مقدس ولا يستطيع أحد إزالة صفة القداسة عن هذه الأفعال.‏

كيف لحكومة إسرائيل الصهيونية العنصرية أن تجعل الشجر عدو الإنسان، فهي تريد تهجير سكان النقب عن أراضيهم ‏تحت حجج تشجير الصحراء، كيف لها ومن خلفها الحركة الصهيونية، وعلى مسمع ومرأى العالم أجمع، أن تنسب التراث ‏والتاريخ الفلسطيني إليها، وأن تسرق منا الثوب والدماية والفلافل والمفتول، وتقول أن الفلسطينيين ليس لهم في هذه الأرض ‏شيئاً، والعالم لا يتحدث عن كل هذه الجرائم بحق التاريخ والجغرافيا والتراث وكل ما هو إنساني، فببساطة لأن العالم ‏وبخاصة الدول الأوروبية هي منافقة، وأعني هنا الحكومات الأوروبية التي لم تسجل أبداً احتجاجاً رسميا على هذه الجرائم لا ‏بل تتغاضى عنها، وتوهمنا بموقفها المؤيد لحل الدولتين الذي لم يعد ممكناً على الأرض بسبب المستعمرات الإسرائيلية ‏المقامة على الأرض المحتلة وشبكة الطرق الاستيطانية الرابطة بينها، فإذا كانت هذه الدول لا زالت تؤمن بحل الدولتين ‏فلماذا، ولغاية الآن، لا تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، بعاصمتها القدس؟.‏

نحن لا زلنا نعول على أن تقوم حكومات أوروبا، وباقي حكومات العالم، وبخاصة الولايات المتحدة الامريكية، بإعادة النظر ‏في سياساتها تجاه الحق الفلسطيني، ونعي تماماً أهمية أن تقوم هذه الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكيف يمكن لهذا ‏الموقف أن يؤسس لاحقاً لدولة ديمقراطية واحدة تتسع لجميع مواطنيها، بعيداً عن السياسات العنصرية التي تمارسها الحركة ‏الصهيونية ضد كل من هو غير يهودي.‏

من يفكر أن الشعب الفلسطيني يمكن هزيمته فهو واهم، ومن يفكر بأن مقاومة الشعب الفلسطيني ستنتهي هو أيضاً واهم لأن ‏قانون الطبيعة يقول بأنه طالما هناك احتلال ستبقى المقاومة موجودة، ومهما تغولت إسرائيل في سياستها التي أقل ما يمكن ‏وصفها بأنها “أبرتهايد” فهي ستهزم، وما حصل منذ هبة البراق عام 1919 وبعدها في يافا مروراً بكل محطات النضال ‏الفلسطيني تؤكد أن هذا الشعب حي ولن يتنازل عن حقوقه، وما حصل مؤخرا في الشيخ جراح الذي امتد إلى كل فلسطين ‏التاريخية وما يحصل الآن النقب وبيتا وبرقة وغيرها من مواقع الاشتباك كافٍ لإقناع دولة الاحتلال بعدم جدوى سياساتها، ‏وكافٍ ليقول لها تعالي لنجلس ونتفق كيف لنا أن نعيش سوياً متساوين في الحقوق والواجبات في دولة ديمقراطية علمانية ‏واحدة.‏

إن خيار الدولة العلمانية الديمقراطية الواحدة هو الخيار الأكثر قابلية بعد ان فشلت اسرائيل في حل الدولتين للتطبيق ضمن ‏المعطيات الحالية لأنه لا يمكن للصهيونية أن تقضي على الشعب الفلسطيني، والعكس بالعكس، وهناك حقيقة أيضا أن عدد ‏الشعب الفلسطيني في العالم يتساوى وقد يزيد قليلاً عن عدد يهود العالم، مع أن عددنا هنا في فلسطين التاريخية يفوق عدد ‏‏”اليهود” بنصف مليون تقريباً، وبالتالي لا بد أن يسعى العقلاء لهذا الحل الذي قد بكون عادلاً، مع التأكيد على أهمية عودة ‏اللاجئين، ضمن هذا الحل.‏