هل صحيح أن سبب انتفاضة أهلنا في النقب يعود إلى أن موظفي الصندوق القومي اليهودي، قاموا بغرس الأشجار في أرض (الدولة) استعداداً للاحتفال بعيد شفعوت، فتصدى لهم (البدو) واقتلعوا الأشجار المغروسة؟!
هكذا قلب الإعلام الاحتلالي الرواية الصحيحة، وجعل سكان النقب أعداءً لغرس الأشجار، كارهين للتعمير والزراعة، للتغطية على أفظع جرائم انتهاك البيئة في العالم، فقد واظبتْ طائراتُ حكومة إسرائيل على رشّ حقول القمح والشعير في النقب بالمبيدات السامة المحظورة دولياً، هذه الخطة لتحويل الأنظار عن أخطر عصابات المستوطنين ممن يحرقون أشجار الزيتون المعمرة، ويغتصبون الأرض، ويهدمون البيوت، ويُسممون المواشي!
قال، دافيد بن غوريون رئيس أول حكومة في إسرائيل: «النقب، سيصبح موطناً للمهاجرين اليهود، وهو (الاستيطان المُدَّخر) لإسكان ملايين يهود العالم» لذلك فإن بن غوريون قرَّر أن يبني أول مستوطنة في النقب على أنقاض قرية فلسطينية زراعية، وأن يسكن فيها، وأن يطلق عليها، (سديه بوكر)، وأن يُدفن فيها أيضا!
هم اليوم يحتفلون بعيد (ميدبيرن) في النقب، حيث يتجمع آلاف المستوطنين، يشعلون النيران حول قبر، بن غوريون، لتنفيذ غزو النقب واغتصابه!
إن تقديس، بن غوريون ليس نابعاً من شخصيته فقط، ولكنه نابعٌ من خطته الاستيطانية في النقب، ومن تخصيص النقب لمفاعل ديمونا النووي لذلك فقد أطلقوا اسمه على المطار الرئيس، وسمّوْا جامعة النقب باسمه، وجعلوا بيته متحفاً!
واصل أحفاد بن غوريون مسيرته الاستيطانية باستخدام أساليب تناسب العصر، في صورة جمعيات (خيرية غير ربحية) واصلتْ هذه الجمعياتُ التحريضَ على أهل النقب الأصليين، وعلى رأسها جمعية، ريغافيم، أُسست هذه الجمعية العام 2006 وهي تحظى بدعم حكومي كامل، لأن أبرز مؤسسيها هو العنصري عضو الكنيست، بتسليل سموترتش، الذي قال: «العرب سكانٌ مؤقتون في إسرائيل»!
من أبرز أهدافها في صفحتها الإلكترونية: «محاربة (غزو) البدو للنقب، واستعادة أرض إسرائيل، قطعة وراء قطعة، أي (ريغافيم)، وهي تطارد الأرض بوساطة الطائرات المسيرة التابعة لها، التي تصوِّر يومياً حتى حظائر المواشي في النقب.
نظمت هذه الجمعية رحلة إلى النقب كما نُشر في الصفحة الصهيونية الإلكترونية، JNS لمشاهدة (غزو) البدو للنقب، نظمت هذه الجولة رئيسةُ الفرع الدولي لجمعية (ريغافيم)، ناعومي كهنا، يوم 28-12-2021 أي قبل الانتفاضة بعدة أيام فقط، واشترك في الرحلة أعضاء لجنة الدستور، ومراكز أبحاث.
بالتعاون مع المرأة العنصرية، ناديا مطر، رئيس جمعية، نساء بالأخضر، أبرز المشاركون في هذه الجولة الأرقام الآتية: «عدد سكان النقب ثلاثمائة ألف، يشكلون 12% من مجموع السكان (العرب) في إسرائيل، يسكنون في سبع مدن، وإحدى عشرة قرية، وهناك خمس وثلاثون قرية غير معترف بها، يُطالب بدو النقب بملكية سبعمائة وخمسين ألف دونم، أمام المحاكم الإسرائيلية»!
أصدر المشاركون توبيخاً للحكومة لأنها لا تقوم بواجبها في النقب، يجب إجبار البدو على إخلاء الأرض، وأصدروا التوصيات الآتية: «هدم بيوت البدو وفرض العقوبات، واستعمال الردع»!
أخيراً، من هم غزاة النقب الحقيقيون؟ هل هم سكان النقب الأصليون؟ أم هو، بن غوريون المولود في بولندا؟ أم هي مديرة القسم العالمي لجمعية (ريغافيم)، ناعومي ليندر كهنا، المولودة في بروكلن بنيويورك، وهي تسكن اليوم في مغتصبة غفعات زئيف؟!
أما (الغازية) الثانية، رئيسة جمعية نساء بالأخضر، ناديا مطر، التي نسيتْ أنها مولودة في بلجيكا العام 1966، وهي تسكن أيضاً في مغتصبة، إفرات!
لا تنسوا، مخططات إسرائيل المتعددة والمتجددة، بدءا بقانون أملاك الدولة العام 1951، حيث سجلت إسرائيل تسعة ملايين دونم أملاك دولة، ولا تنسوا تخصيص المساحات الباقية في النقب، كمناطق عسكرية مغلقة، ومستودعات لتخزين أسلحة، ومصانع كيماوية، ولا تنسوا مفاعل ديمونا النووي، ومشروع قانون، برافر، الذي سيُسحب من الأدراج في الوقت المناسب، هذا القانون يمنح سكان النقب 1% من أرضهم فقط.
نأمل ألا تنجح هذه الخطط المعلَّبة، لأن أهلنا الصامدين في النقب، تمكنوا خلال تاريخ نضالهم الطويل من إحباط تلك الخطط، حين أطلق المحتلون عليهم، لقب؛ (بدو إسرائيل الرُّحَّل) وحين أشاعَوا؛ أنهم يُقبلون على التجنيد في جيش الاحتلال زرافاتٍ ووحدانا،
لكنهم انتفضوا في وجه، مخطط برافر العنصري، وثاروا ضد قمع الجيش، وتحدوا جرافات الاحتلال في قرية العراقيب، عنقاء قُرى فلسطين والعالم!