لفت انتباهي يوم أمس ما تناقلته بعض المواقع الإخبارية المحلية عن التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر القاري الخامس لاتحاد الجاليات في أوروبا من خلال التقنيات الإلكترونية (ولا أعلم اذا تم عقده حتى اللحظة )، لقد كان من الأولى برأي وقبل الدعوة لمثل هذا المؤتمر القاري الذي دُعي له من قبل أحد الاتحادات الأربعة ولربما عددها اكثر والتي يَدعي كل منها تمثيل الجاليات الفلسطينية في القارة الأوروبية ، أن يتم توحيد الجهود بين تلك الاتحادات والاطر والفعاليات الفلسطينية المنتشرة على الساحة الأوروبية من جهة، ومن جهة أخرى وقبل ذلك أن يتم تفعيل دور أطر الجاليات في كل دولة أوروبية وتوسيع قاعدتها وعقد مؤتمراتها بحيث تكتسب الصفة التمثيلية الحقيقية لتلك الاعداد الكبيرة من أفراد الجاليات بشكل ديمقراطي معقول ومقبول ، وأن لا يستمر الادعاء بصفة التمثيل لتلك الاعداد الكبيرة من ابناء الجاليات دون مؤتمرات قاعدية ودون برامج واَليات عمل واضحة وممكنة وافكار وحدوية بعيدة عن الشللية والاستئثار بالمسميات من خلال أطر لا يتجاوز عدد اعضائها او المشاركين بمؤتمرات هيئاتها العامة ٣ - ٥ % كحد أقصى من تعداد ابناء الجاليات.
ومن جهة أخرى فانه يتوجب توحيد المرجعيات التي تتابع أمور الجاليات من قبل مؤسسات رسمية بالوطن في منظمة التحرير والحكومة بمسؤوليات وصلاحيات واضحة ، بحيث تتوقف ازدواجية المراجع ويتوقف التزاحم بالعلاقة مع أطر الجاليات الذي يسبب حالة من الفوضى والمنافسة على المسميات ما يعود بنتائج سلبية لا تخدم الأهداف المرجوة ، بل ويسبب ضعف ادائها او غياب الأداء في عدد من الدول ، وابتعاد المجموع العام عنها .
انه من الأهمية بمكان في هذه الظروف التي لا يجب أن نعتمد بها على التاريخ او العلاقات التاريخية مع الدول الأوروبية أن وجدت حقيقة ، او ان نتغنى بها فقط دون ادراك مهام الحاضر ومنها طرق التعامل مع سياسات الاتحاد الأوروبي في علاقاته مع دولة الاحتلال والتي يسود اغلبها عدم القدرة على مواجهة وعقاب هذه الدولة أو محاسبتها ، هو ما يتلخص بضرورة اندماج الجاليات العربية ومنها بالأساس أفراد جالياتنا الفلسطينية في المجتمعات المحلية الأوروبية والانخراط في العمل السياسي والحزبي الأوروبي، باعتبار أن أفراد الجاليات الفلسطينية هم من ينحدرون من اصول فلسطينية ويحملون جنسيات الدول الأوروبية بتلك القارة . كذلك ضرورة تفعيل نشاطهم على المستوى المحلي (البلديات) ، فهذا الاندماج والحراك ضروري جدا باعتباره من أسس عمل الجاليات للوصول لِصُناع القرار او لمراكز صناعة القرار بالمستويات السياسية بالدول الاوروبية وبالهيئات المحلية فيها بهدف التاثير والتغير كمواطنين يحملون جنسية البلد المضيف ، والمساهمة من خلال ذلك في رفع مستويات التضامن مع شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية وفضح سياسات الاحتلال العنصري وتأثيرها على الاستقرار حتى بالمجتمعات الاوروبية ، مع ضرورة التاثير الايجابي من اجل ادراك المصالح المشتركة وتطويرها بين تلك الدول وفلسطين والمساهمة في مساندة ونمو القوى الديمقراطية المؤيدة لحقوق الإنسان والعدالة والقانون الدولي ومبادئ الحريات والسلم العالمي ، بهدف مواجهة التاثير المتزايد لدور الجاليات اليهودية المساندة بمعظمها لسياسات الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال والمتحالفة مع اليمين الشعبوي الأوروبي بالمواقع السياسية و /او البلديات في دول الاغتراب الأوروبية وحتى ضرورة العمل مع قوى يهودية مناهضة للصهيونية في تلك المجتمعات الأوروبية تحديدا .
هنالك قصص نجاح لعدد من أبناء جالياتنا الفلسطينية والعربية في عدد من الدول الاوروبية و الأمريكيتين ، وامثلة وصول عدد من الكفاءات منهم الى مواقع هامة سياسية برلمانية وحكومية وبلدية وغيرها تساهم في التاثير على القرار وتحشيد الرأي العام في مناصرة قضيتنا هو امر يجب تكراره ، الأمر الذي يجب أن يدفع جالياتنا إلى توحيد قواها ومساندة عمل ونشاطات سفارتنا بالخارج في إطار رؤية وبرنامج منظمة التحرير و تسهيل تشبيك عملها مع المستويات السياسية في الدول المختلفة خاصة في ظل التحولات السياسية المتسارعة ان كان بالاقليم او في أوروبا و تداعياتها على قضيتنا و مستقبلنا لتحقيق تلك الأمثلة من العمل . بحيث لا يقتصر عمل أطر جالياتنا على التناغم او التناقض الداخلي في إطار ضيق لا يصل تأثيره حتى إلى معظم ابناء جالياتنا او اقتصار عملها على تنفيذ بعض النشاطات الاجتماعية المحدودة بالرغم من أهميتها .
فالاهمية الاساسية بمكان ان تكون جالياتنا ذات تأثير أينما كانت على مستويات السياسة العامة بالبلدان الأوروبية ما استطاعت لتحريك مجتمعات تلك البلدان في فعاليات تضامنية مع قضايا شعبنا وفي محاصرة تأثير سياسات دولة الاحتلال عليها ، من خلال تشكيل مجموعات ضاغطة على مستويات صناعة القرار وبالبرلمانات بالامكانيات المتوفرة المادية والبشرية ،والاستفادة من حجم التأييد الشعبي لقضايا حريتنا واستقلالنا الوطني المنتشر في العديد من الدول الأوروبية والمناهض لاستمرار الاحتلال والابرتهايد كجرائم ضد شعبنا الفلسطيني .
أن مواجهة سياسات الاستيطان وبضائع المستوطنات وفق توجهات البرلمان الأوروبي والبرلمانات الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي، ومناهضة سياسات التطهير العرقي والتمييز العنصري التي ينفذها الاحتلال وحكومته قد تشكل محاور هامة يجب البناء عليها لتوسيع قاعدة العمل مع المجتمعات الأوروبية خاصة وان تلك السياسات تتناقض مع اسس نشؤ الاتحاد الأوروبي ،ومناهضتها ينسجم مع مبادئ قطاعات واحزاب أوروبية واسعة ، إضافة إلى ضرورة مواجهة محاولات الحركة الصهيونية ومؤيديها والتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست في محاولات اقرار مساواة معاداة الصهيونية وسياسات الاحتلال بمعاداة السامية في بعض البرلمانات الأوروبية واستغلال ذلك من طرفهم في ترهيب قطاعات مختلفة من الاوروبين ، وهو موضوع هام كنت قد أشرت له في مقال سابق لي قبل أيام ، الأمر الذي يتناقض مع مبادئ الديمقراطية وحريات التعبير عن الرأي بالمجتمعات الاوروبية .