في حرب عسكرية ‏واقتصادية تشمل الكون كله ‏وان بفعاليات متفاوتة، لابد ‏وان يكون لفلسطين دوراً ‏فيها شريطة ان يمارس بعيدا ‏عن المع والضد، فليس لدى ‏فلسطين ما تمنح في مجال ‏المع وليس لديها ما تمنع في ‏مجال الضد.‏
اذا …. أي دور متاح ‏لفلسطين ان تلعب في حرب ‏شاملة ومركبة وقد بلغت ‏حافة التهديد النووي؟ في هذا ‏الصدد لن اذهب باتجاه ‏الشعارات المفرغة من ‏القدرات ولن اذهب الى ‏الحسابات كما لو اننا طرف ‏فاعل في معادلات ‏الاستقطاب بصورتها الراهنة ‏وتطوراتها المستقبلية، وما ‏دام الامر كذلك فاين هو ‏الدور الفلسطيني فيما يجري ‏وكيف ينبغي ان يمارس؟
هنالك تشابه في الحالة.. ‏أوكرانيا تتعرض لاجتياح ‏من قبل قوة اكبر منها بكثير، ‏وفلسطين تجثم تحت احتلال ‏وفق كل المقاييس هو الأكبر ‏في ميزان القوى، ثم هو في ‏ذات الوقت الأطول عمرا ‏من بين كل الاحتلالات التي ‏شهدها القرنان العشرون ‏والحادي والعشرون.‏
التبرير الذي تسوقه الدول ‏التي تحاصر روسيا هو ان ‏دولة وشعبا يتعرضان ‏لاجتياح عسكري من قبل ‏دولة اقوى وأكبر، ما ‏يستوجب عقوبات تصل حد ‏الخنق، اما هنا فلا اختلاف ‏في الجوهر والحيثيات ‏والمغزى، فالدولة الأقوى ‏هي إسرائيل والشعب الذي ‏تصل معاناته من الاحتلال ‏حد الخنق هو الشعب ‏الفلسطيني، واذا كانت ‏الأمور من حيث مساحة ‏المكان وعدد السكان والموقع ‏مختلفة كثيرا هناك عن ما ‏هو عندنا هنا فان التماثل في ‏العمق والمغزى يكاد يكون ‏كاملا.‏
اذا. من واجب الالة السياسية ‏والديبلوماسية والإعلامية ‏الفلسطينية، ان تنفض الغبار ‏عنها وتغادر جمودها ‏وخمولها بأن تمارس عملا ‏مضاعفا لتذكير العالم الذي ‏يتجند ضد ما يصفه باحتلال ‏دولة لدولة أخرى، بأن هنالك ‏ما يشبه ذلك تماما في مكان ‏آخر واذا كان خصوم الروس ‏في الحرب الراهنة قد لجؤوا ‏الى مجلس الامن ومنه الى ‏الجمعية العامة فقد فعلنا ذلك ‏قبلهم وكانت النتيجة دوما ‏فيتو امريكي في مجلس ‏الامن بدا كما لو انه اخترع ‏خصيصا من اجل إعاقة ‏الحق الفلسطيني، وتهميش ‏حد الإلغاء لقرارات الجمعية ‏العامة التي تحولنا فيها الى ‏زبائن دائمين يكسبون ‏الأصوات بدرجة عالية ‏ويخسرون تنفيذ القرارات ‏بصورة دائمة.‏
‏ في مسألة كهذه نحن ‏كفلسطينيين في الجانب ‏الأكثر عدالة باعتراف العالم ‏كله والأكثر احتياجا للدعم ‏والتبني خصوصا ونحن ‏ننادي بالسلام الدائم والعادل، ‏وحل الدولتين بعد ان سقط ‏من ادبياتنا ما كنا نتهم به ‏‏”إبادة دولة إسرائيل”.‏
كنا تعودنا على ان تمارس ‏الولايات المتحدة سياسة ‏الكيل بمكيالين ومنح ‏الاحتلال الإسرائيلي افضلية ‏في الدعم والتبني، وكنا ‏تعودنا كذلك على عجز ‏الدول الأخرى ومنها ‏الاوربية عن تقديم دعم ‏سياسي مؤثر يقرب ‏الفلسطينيين من أهدافهم ‏المعترف بها من قبلهم.‏
ان الاحتشاد الدولي الراهن ‏بمساحته غير المسبوقة ‏وبمجالات عقوباته التي ‏بلغت كل شيء بما في ذلك ‏لاعبي كرة القدم، يوفر لنا ‏نحن الفلسطينيين حجة ‏منطقية في سجالنا طويل ‏الأمد مع المحتلين وفي حقنا ‏الانساني والأخلاقي ‏والقانوني في التخلص من ‏الاحتلال وإقامة دولتنا ‏الوطنية المستقلة على ‏ارضنا، ذلك وفق الاجماع ‏العالمي على حل الدولتين، ‏الذي ينبغي ان يتم بين دولة ‏قائمة وأخرى ممنوعة من ‏القيام.‏
هذا هو دورنا في الحرب ‏الدائرة الان بين روسيا ‏واوكرانيا وهو دور يعفينا ‏من الارتهان لمواقف المع ‏والضد. ان العالم الذي يقف ‏الان بأغلبية كاسحة لمصلحة ‏رفض الاجتياج الروسي ‏ويتخذ إجراءات فعالة ‏لمصلحة شعب ودولة ‏أوكرانيا ينبغي ان نواصل ‏تذكيره بالتشابه بين الحالتين ‏من معظم الجوانب.‏
اكرر… اننا كفلسطينيين لسنا ‏مطالبين ان نكون مع طرف ‏ضد طرف آخر، الا اننا مع ‏العدالة التي يجري احترامها ‏في كل مكان الا عندنا.‏