إن قرار عدد من الدول الأوروبية بتوجيهات أمريكية بإغلاق وكالات الأنباء مثل روسيا اليوم وسبوتنيك وحظر استقبال بث برامجها ، يكشف بذلك أنهم  يُدخلون اوروبا في عصرا مظلما جديدا بهذا القرار ، أن تلك الدول التي كانت تظهر رسميا كدرع واقي وحامي لحرية الصحافة والتبادل الحر للآراء والأفكار ، تقرر الآن و بالطريقة الرسمية حظر أي وجهة نظر إعلامية مغايرة لمواقفها وماكنتها الإعلامية. 

أن حظر تلك المواقع الإعلامية يساهم في إعاقة الإعلام الروسي أو أي اعلام مغاير ويعتبر انتهاكا فاضحا لمبادئ نشؤ الاتحاد الأوروبي وحرية الصحافة ويعيق إمكانية حصول المواطن على وجهات النظر الموضوعية الأخرى ، ويبقيه أسيرا للأفكار والدعاية الاعلامية احادية الجانب .

  يبدوا انها جزء من حملة منظمة لاثارة الكراهية ضد روسيا تحاول قوى الناتو تنفيذها وتحديدا في أوروبا   اليوم ، ما يذكرنا بمرحلة المكارثية السوداء بالولايات المتحدة قبل عقود ماضية ، والا كيف يتم تفسير  الحظر المفروض على أي حدث للثقافة الروسية في عدد من الدول اليوم  . كيف يمكن تبرير أن دوستويفسكي وتشايكوفسكي وتولستوي ورقص الباليه  ، الذين حفزوا الحضارة الإنسانية العالمية واثروا مكوناتها  ، يشكلون "خطرا ثقافيا" على المواطنين بالعالم . 
 
أن هذه القرارات لبعض الحكومات الغربية غير المبررة لكراهية الثقافة والأدب والفنون لا يمكن مقارنتها إلا بالصفحات المظلمة من السياسات الأكثر تطرفاً التي تم تنفيذها في الأوقات المأساوية بالغرب ، ما يذكرنا بأحداث حرق الكتب في عصور سابقة مظلمة ، انها إجراءات وقرارات ظالمة سيكتوي الغرب بنارها قريبا .

في البلقان هنالك الحلم القديم المتجدد الآن لمحاصرة روسيا وإضعافها وفق رؤية القطب الواحد والوحيد للنظام العالمي المتهاوي الآن ، حلم تسعى له الدولة العميقة بالولايات المتحدة وصقورها المحافظين الجدد من كلا الحزبين وفق إيمانهم بان ذلك سيحقق  " هدية الله لامريكيا " كما وصف ذلك الافنجيليين اصحاب رؤية "حرب هارماجدون" وهم الاباء الروحيين للصهيونية المسيحية واليمين القومي الديني المتطرف واصحاب مجمع الصناعات العسكرية في أمريكيا الذي يحرك مفاهيم الإرهاب والعنصرية بالعالم ويشجع على نهوض اليمين الصهيوني القومي الديني المتطرف في إسرائيل واليمين الديني الشعبوي بالقارة الأوروبية على طريق بلقنة أوروبا ومحاولة تصفية قضية شعبنا من أجل انجاز روايتهم المزعومة بخصوص ما يسمونه بمملكة اليهود أو أرض إسرائيل الكبرى ، وانتصار الخير على الشر وفق مفاهيمهم المزعومة التي تستدعي تلك العقوبات المتهالكة في عصر اليوم .

واذا كانت الاجراءات العسكرية الروسية التي تستهدف حماية امنها الاستراتيجي وحدودها وأمن شعوبها ومن أجل استئصال بؤر النازية الجديدة التي تدعمها مجموعات من المرتزقة المعادية لتطلعات الإنسانية جمعاء وتقدمها ، هي انتهاكا للقانون الدولي بحسب تعريفات الناتو ومن لف لفهم أمرا يستدعي حظر الرياضيين الروس من المشاركة تحت علمهم بالفعاليات الرياضية الدولية ، فلماذا لم يتم حظر مشاركة لاعبين ورياضيين من دول الغرب الاستعماري عند احتلال دول وممارسة جرائم حرب بحق شعوب مختلفة ومنها شعبنا الفلسطيني ؟ 

وهنا اقتبس مما كتبه احد الاصدقاء اليوم  ، " اياً كانت النتائج فإننا سنشهد قيام منظومة دولية جديدة تستعيد المجد للشعوب وتكسر عصا ناظر المدرسة الذي لا يمت الى حضارة 
وتراث وتاريخ هذه الشعوب.. " 

وسؤالي وانا اتذكر  كتاب الأمريكي البشع لكاتب قصته وليم لدرر الموظف السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبالاشتراك مع يوجين بورديك والذي صنع لاحقا فيلما سينمائيا عام ١٩٦٣ من بطولة مارلن براندو ،  الذي تحدثت عن فضائح وجرائم المخابرات الأمريكية وتدخلاتها السافرة بشؤون الدول  .
 أين هي عدالة وحضارة هذا الناظر الأمريكي لمدرسة تسرق من حضارات الشعوب الأخرى وتدعي حقوق الإنسان والديمقراطية في وقت أعدمت بسياساتها الداخلية والخارجية ، الديمقراطية الحقيقية  واحرقت حقوق الإنسان بالعديد من دول العالم ومجتمعاتها وصادرت حقوقها وسرقت مقدراتها ، دون ان تمتلك مقومات وتاريخ  أمة اصيلة سوى تراث الانجلو ساكسونين الاوروبين وسوى حضارة قائمة على الاستغلال والكذب وقتل الهنود الحمر اصحاب الأرض الأصليين وممارسة التمييز ضد الملونين في بلادها وتحريضها على اغتيال من يعارض سياساتها المقتربة من السقوط واعتداءاتها وحروبها خارج حدودها لقتل ملايين البشر باسلحة محرمة دوليا وحمايتها لاطول احتلال بالتاريخ ودون عقاب !