هذه هي عناوين المشهد ‏السياسي الفلسطيني في ‏الوقت الراهن.. هادي عمرو ‏هو السقف الأمريكي المعتمد ‏للعلاقة معنا، وقد زارنا وكل ‏الذي صدر بعد الاجتماعات ‏التي اجراها هو إعادة ‏للمطالب المتكررة التي ‏نتلوها على مسامع زوارنا ‏من مختلف جنسياتهم ‏ومستوياتهم، دون ان نسمع ‏ولو كلمة واحدة مما قال ‏ضيفنا، الذي هو صاحب ‏القرار في مجال الفاعلية.‏
وهذه واحدة من الحلقات ‏المكسورة في السلسلة ‏الفلسطينية، فالمواطن عندنا ‏يعرف ما يقال له عن طلباتنا ‏ولا يراد له ان يعرف جواب ‏من توجهنا اليه، والمسألة هنا ‏ليست مجرد ما ينبغي ان ‏يقال ولا يقال، بل يصل ‏الامر حد الرهانات الأساسية ‏في العمل السياسي، وما هو ‏ظاهر رغم التستر عليه هو ‏انخفاض السقف الأمريكي ‏في التعامل معنا.. وانخفاض ‏مستوى الاهتمام القديم الذي ‏كان سياسيا الى مستوى آخر ‏ليس في مصلحة قضيتنا ‏ومطالبنا واحتياجاتنا ‏الحقيقية.‏
ودعنا السيد هادي عمرو ‏وغادر على امل عودة ثانية ‏ليستمع الى مطالبنا ‏المتكررة، وليلوذ بالصمت ‏حيال المهم منها.‏


الانتخابات المحلية.‏

اظهر موسم الانتخابات ‏المحلية خصوصا في ‏مرحلتها الثانية حيث ‏الكيانات الكبرى، نزوعا ‏شعبيا نحو مبدأ الانتخابات ‏كضرورة وطنية سياسية ‏وحياتية، تجسد ذلك من ‏خلال غزارة القوائم ‏المتنافسة واحتمالات ارتفاع ‏نسبة الناخبين، مع قلة ‏انضباط للفصائل الكبيرة ‏والصغيرة على حد سواء، ‏وظهر ان الحاضر الأقوى ‏في هذه الانتخابات هو ‏التوليفات العشائرية التي ‏تستخدم الفصائل والعكس ‏بالعكس.‏
رغم أهمية الانتخابات ‏المحلية على صعيد إدارة ‏وتوفير الخدمات للناس، الا ‏ان الحلقة المكسورة الثانية ‏هي اللجوء الى الانتقائية ‏الانتخابية التي دأبت عليها ‏الطبقة السياسية بما في ذلك ‏السلطة بحيث تم استبعاد ‏الأساسي وهو التشريعية ‏والرئاسية ومنظمة التحرير، ‏ما يوحي بأن اجراء المحلية ‏على حساب العامة يفتح ‏الباب امام التشكيك في علاقة ‏المحلية بادامة الحكم الذاتي.‏
والتشكيك كذلك باستبعاد اهم ‏مقومات السيادة المستقبلية ‏التي هي الهدف الأساسي ‏للكفاح الوطني الفلسطيني ‏واداته الانتخابات العامة.‏
المشهد الحالي فيه مفارقات ‏ملفتة منها مثلا… ان الشعب ‏يريد الانتخابات العامة أساسا ‏وقد ظهر ذلك بصورة ‏حاسمة حين اوشكنا على ‏الوصول الى الصناديق لتنفيذ ‏استحقاقات الانتخابات ‏الثلاثية والتي تم التراجع ‏عنها، اما الطبقة السياسية ‏التي تدعي تمثيل الشعب ‏وقيادته فهي لا تريد ‏الانتخابات العامة كونها ‏الاختبار الحاسم لمكانتها ‏المتراجعة أصلا بانتخابات ‏ومن دون انتخابات، وهذه ‏ثاني الحلقات المكسورة من ‏السلسلة الفلسطنية تلك التي ‏تفقد فاعليتها اذا لم تترابط ‏حلقاتها جميعا.‏

العصف الاوكراني.‏

يتحدث الفلسطينيون عن ‏تطورات الحرب الأوكرانية ‏كما لو انها تجري في ‏بلادهم، ومثلما هم منقسمون ‏على الشأن الفلسطيني فهم ‏منقسمون كذلك على الحرب.‏
الفلسطينيون ينتمون الى ‏قطاع الذين يتأثرون ولا ‏يؤثرون، وليس لهم في هذه ‏الحرب غير تذكير العالم ‏بانعدام العدالة تجاه قضيتهم ‏وحقوقهم وهذا يندرج ضمن ‏البعد الأخلاقي والقيمي الذي ‏لا تعترف به الدبابة ولا ‏انابيب النفط ولا أكياس ‏القمح والحنطة، ولا ‏احتياطات اليورو والدولار ‏والايوان والروبل ‏والاسترليني وحتى الشيكل، ‏وكل هذه المؤثرات لا ناقة ‏لنا فيها ولا جمل، ولا حتى ‏خيطا وابرة فنحن ومن هم ‏مثلنا من المستهلكين غير ‏المنتجين ننتظر خلاصات ‏حروب الاخرين وننتظر ‏كذلك عطف المانحين ‏ومراعاتهم لنا ولو بالحد ‏الأدنى، دون ان نحرك ساكنا ‏في الامر الوحيد الذي نملك ‏وهو ترتيب بيتنا المنقسم ‏والمتوغل في المزيد منه ‏ودون ان نصوب ادارتنا ‏التي تعجز عن معالجة شجار ‏بين عائلتين ودون ان ‏نستبدل الشكوى من الظلم ‏الإسرائيلي والدولي بالعمل ‏على وقف ظلمنا لانفسنا ‏وهذه هي الحلقة الثالثة ‏المكسورة في سلسلتنا وحين ‏يكون المكسور اكثر من ‏الصحيح، فهنا تكمن مأساتنا ‏وعقم رهاناتنا ، فنحن من ‏الذين قيل عنهم “الدعاء دون ‏قليل من القطران لا يجدي”.‏