بات واضحا أن مشكلة البلد تتركز في غياب المعلومة ما يخلق فجوة كبيرة بين المواطن ومؤسساته التي تتغنى بخدمته، وهذه هي نقطة الضعف المركزية في عمل المؤسسات وفي العمل العام، والغالبية العظمى تريد أن تحاسب على حسن النوايا وليس على الفعل الحقيقي، وللأسف فإن حسن النوايا لا يفيد شيئا لدى الجمهور.
عبارة «كنت ناوي» و»كنت اقصد» لا تسمن ولا تغني من جوع ومحاولة المحبين التماس الأعذار من عيار «ألم تحل بنا جائحة كوفيد – 19» و»ألم تعيشوا حالة ضيق ذات اليد» لا تسعف.
محاولة التذاكي من خلال الإيحاء أن «المعلومة كانت لدى المطبخ المصغر طوال فترة خدمتي في العمل العام» لا فائدة منها بالمطلق لأن من سيقيمك، الآن، لم يكونوا في المطبخ المصغر ولم تصلهم أي معلومة.
الظهور بمظهر العبقري وأنك دفتر مفتوح أمام الجمهور على اعتبار أن صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة بالمؤسسة تتحول إلى ألبوم صور لزوار وتفقد وشارك بالعزاء وشارك بالأفراح ليست صفحة بيضاء بل هي صفحة تشريفات ليس إلا.
الشفافية وتدفق المعلومات يعني أن تتحدث مع الناس وتستمع أكثر مما تتحدث، أن تأخذ تغذية راجعة من الجمهور، أن تكون قراراتك قابلة للتنفيذ ولا تكون قابلة للاعتراض وبالتالي الإلغاء.
المعلومة يجب أن تكون نوعية ومفصلة وحقيقية، ولا تكون عبارة عن طلاسم لا تفيد لا للبحث ولا للتقييم ولا تشكل قاعدة للبناء عليها.
كل مسؤول كان ينوي أن يترك مؤسسته على افضل حال ولكن بعضهم انشغل في القيل والقال وباتوا أسرى للإشاعات والتهويلات فانقضوا على من يعملون وقدموا الكسالى وعديمي الطموح فلم ينالوا خيرا بل تعثروا منذ يومهم الأول.
المعلومة تشكل ذاكرة المؤسسة لأنها تقوي بنيانها وتصنع مستقبلها، بحيث يحل من يليك في المسؤولية على مؤسسة فيها بنيان مؤسسي وفيها كم من الإنجازات.
بالمقابل، تلقى التهم جزافا وهي ليست بريئة ولكن أصحابها يستطيعون الدفاع عن موقفهم نتيجة لغياب المعلومة وعدم إتاحتها، وهنا يتضح انك كنت تمتلك المعلومة وكانت مصدر قوة لمؤسستك ولكنك تنازلت عن قوتها لصالح كتمانها لحين نضوج الوضع للإفصاح عنها، فكان توقيتك غير مجد ومضرا بينما شكل فرصة لمن أراد استخدامها بالشكل الذي يراه مناسبا فأضرّت بمؤسستك لأنك أسأت توقيت استخدامها.
في غالبية الحالات عند وقوع الأزمة تطلب الاستعانة بجهات لو توفرت لها المعلومات بين يديها قبل وقوع الأزمة لخدمت المؤسسة أفضل من تأجيلها إلى حين وقوع الأزمة، والحالات كثيرة وحاضرة بقوة من ارتفاع الأسعار، مرورا بتأخر تقديم خدمة، إلى تلكؤ وزارة في تنفيذ مشروع طريق رابط تارة تحت مبرر المقاول أو اعتراضات ولكن جوهر المسألة أنكم لم تبلغوا الجمهور المستهدف ما هي حقيقة الأمر بدقة ليكونوا معكم وليسوا ضدكم.
واحدة من الأدوات المهمة هو التواصل مع الإعلام لإيصال المعلومة بوقتها المناسب وبحجمها الحقيقي ولا تدع الإعلام يبحث عن المعلومة بعيدا عنك ودون ضرورة لذلك، وهذا يستدعي مهارة البيان الصحافي المسند بأرقام ومقارنات والفرق الذي سيحدث بحيث يجيب البيان عن الاستفهامات الخمسة، ومن المحاذير أن تعقد مؤتمرا صحافيا لتعلن عن نتيجة المشروع ومن استفاد منه وانت أصلا لم تعمم عن تفاصيل المشروع عند بدايته وتقع في حساسية غير مبررة (لماذا استفادت تلك المؤسسة وهذه واختفت مؤسسات أخرى) وتصبح مضطرا أن توضح وتعيد الحكاية وتكون الرواية غير قوية ولا تصل ولا تفسر.
والأداة الاستباقية المهمة والأساسية هي (دليل الإجراءات) والذي يحوي معلومات التي لها علاقة بالأنظمة والتعليمات وبإجراءات المعاملات، إضافة إلى النماذج اللازمة، وهذا يسهل على المواطن معرفة ما الذي يريده قبل أن يتجه لطلب الخدمة والمعاملة وغيرها.