رغم أهمية اجراء الاتصالات مع كل الدول وخاصة اللاعبين الأساسين في هذا العالم في إطار العمل الدبلوماسي ووضع العالم في صورة حقيقة إجرام الاحتلال وفضحه لضرورة حماية شعبنا ، فانني اشك تماما في جدية الإدارة الإدارة الأمريكية أو تجاوبها  مع مطالب الضغط على حكومة الأحتلال على أثر قرارات التوسع الاستيطاني الأخيرة  أو باستمرار الجرائم الإسرائيلية ومنها التعدي على جنازات الشهيدة شيرين وكذلك اعدام الشهيد داوود الزبيدي وثائر اليازوري وغيرها من الشهداء مؤخرا والتي ارتقت بمستوى جرائم حرب وفق القانون الدولي  . 

فإن سقف التعاطي الامريكي مع تلك المطالبات لن يتجاوز سوى إمكانية اكتفاء الولايات المتحدة بصدور بيانات لفظية عنها تساوي فيها بين الضحية والجلاد وتتسم بالنفاق والخداع ووضع قليلا من العتب الخجول على الحكومة الإسرائيلية دون  الأضرار بالعلاقة والسياسات المشتركة  ، ووضع الضغوط علينا بالمقابل تحت ذريعة ضرورة تهدئة الأوضاع واتاحة الفرصة لعملية اجراءات تبادل الثقة .

لقد فقدت منذ فترة طويلة الولايات المتحدة دورها في رعاية عملية سلام جادة تفضي إلى إنهاء جوهر المشكلة المتمثلة اساسا بالاحتلال ، بعد أن عملت على احتكارها واستبعاد واعاقة اي دور للرباعية الدولية واتاحت المجال أمام استفادة الاحتلال إلاسرائيلي من الوقت بتوسيع الاستيطان الكولنيالي والسيطرة على القدس والاغوار والجولان ، بل وباستدامة الاحتلال وخلق وقائع جديدة على الأرض تخدم سياسات إسرائيل ورؤيتها التوراتية التاريخية المزعومة مستغلة بذلك حديثها عن حل الدولتين الفارغ من مضمون التنفيذ ودون الإشارة لحدوده الجغرافية وفق المعايير الدولية والقرارات الاممية الصادرة بالخصوص التي تعتمد اساسا على القرار ١٨١ بإنشاء دولتين وما تبع ذلك من قرارات دولية ، وما زالت هذه الإدارة الجديدة دون الاقرار بحقنا في تقرير المصير ودون اتخاذ اي تغيير في قرارات إدارة ترامب بشأن القنصلية العامة بالقدس أو بإعادة افتتاح مكتبنا التمثيلي في واشنطن أو بالغاء قرارات الكونغرس الأمريكي المتعلقة بوصفنا بالارهابيين !

فهل من مصلحة حقيقة للولايات المتحدة في إيقاع ضغط جاد على حليفتها دولة الاحتلال ، اذا ادركنا  طبيعة من يحكُم السياسة الخارجية للدولة العميقة هنالك وما هي محددات تلك السياسة خاصة في شأن منطقتنا في ظل التحالف الاستراتيجي والتماهي القيمي الاستعماري وخصائص الفوقية الاثنية والدينة البيضاء واليهودية والمصالح المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة كدولتين راعيتين للإرهاب الدولي في إطار سياسة الهيمنة وإثارة بؤر التوتر والحروب بالوكالة وتهديد السلم والأمن الدوليين ؟  هذا إضافة لرسوخ سياسات الكيل بمكيالين وعدم الجرأة في تنفيذ ما تعهدت به الإدارة الأمريكية الجديدة هنالك خاصة بشأن القدس رغم مطالبات عدد من أعضاء الكونغرس التقدميين من الحزب الديمقراطي بذلك والذين لا يملكون بعد قدرة التاثير للأسف.   

إن فاقد الشيء لا يعطيه ، والولايات المتحدة فاقدة للمصداقية والحياد السياسي ومفاهيم العدالة والحرية ليس لشعبنا الفلسطيني فقط وانما لكل الشعوب المقهورة  ، لأن ذلك يتعارض مع مصالح اصحاب سياسات النيوليبرالية الجديدة المتوحشة و المحافظين ومصالح المجمعات العسكرية وتجمعات المال والاعمال والغاز الواقعة تحت تأثير الحركة الصهيونية العالمية والمال اليهودي المحافظ واليمين الاصولي الديني بالولايات المتحدة من أصحاب رأس المال الجشع .

فأي ضغط جاد يمكن للولايات المتحدة ممارسته ، علما بافشالها كل مشاريع القرارات الأممية في مجلس الأمن ضد إسرائيل سوى القرار المتعلق بالقدس زمن أوباما بامتناعها عن التصويت فقط ، ومعارضتها المستمرة لكل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في إدانة اسرائيل كذلك في باقي المنظمات الدولية  . 

وبمقابل ماذا ستمارس الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل وهي التي تسهل لها سياساتها وعربدتها بالمنطقة في ظل الأزمة الدولية القائمة واستماتة الولايات المتحدة بالحفاظ على تفردها في قيادة النظام الدولي الاحادي القطب المتهالك ،  وحاجتها لإسرائيل في ذلك الأمر  وهي تقود الحرب بالوكالة ضد روسيا وعموم الشرق  ، خاصة في ظل 

تشتت الموقف العربي الرسمي وعدم وجود توافق سياسي جامع حتى بخصوص التطبيع أو حتى التعاطي الجاد  مع دولة الابرتهايد والاحتلال ، أنه سراب ، فحتى الولايات المتحدة نفسها كما دولة الاحتلال تعاني الازمات والتحديات الداخلية والخارجية في شأن الاقتصاد ومكانتهما الدولية اصبحت في تراجع ومكان انتقادات واسعة بل وشجب من الشعوب وجزء من الشعب الأمريكي نفسه الذي أصبح يرى الحقائق ومن حكومات الدول المحبة للسلام في ظل نهوض الشعوب في مواجهة التمييز العنصري وأشكال الاضطهاد والاستغلال وسياسات الحروب التي تهدد السلام العالمي والاستقرار .