فجعنا منذ أيام قليلة بخبر استشهاد الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقله برصاص جندي اسرائيلي حاقد ، والتي عملت حتى لحظة استشهادها مراسلة إخبارية لشبكة الجزيرة الإعلامية ،وكانت من أبرز الصحفيين في العالم العربي، وقد عز نعيها على كل من قابلها أو تابع تقاريرها الصحفية أو تغطيتها للأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وصفت الشهيدة في حياتها بالمراسلة المخضرمة، وبعد وفاتها بأبرز الشخصيات في وسائل الإعلام العربية، وبأرقى الصحفيات خلقا ومهنية حسب من شهد لها من بين من قابلتهم الراحلة على الصعيدين العربي والعالمي، كيف لا وهي من ألهمت العديد من الشباب العرب والفلسطينيين لاستكمال حياتهم الأكاديمية والمهنية في مجال الاعلام والصحافة.
وفي هذا المصاب الجلل لا يسعني الا أن أقول شكرا شيرين..

شكرا لأنك باستشهادك أرغمت حكومات وأنظمة سياسية لطالما كانت تكيل بمكيالين، وتتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وتغض النظر عن انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي بحقه،للحديث عن هذه الانتهاكات وفي مقدمتها اغتيال الصحافة والصحفيين الفلسطينيين. كما وأرغمتها على المطالبة بتشكيل لجنة للقيام بتحقيق شامل ومحايد، وهي التي كانت تعي في قرارة نفسها زيف لجان التحقيق والتقارير الإسرائيلية التي كانت تدافع عنها في كل حرب أو مجزرة أو جريمة اسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.

شكرا لأنك لفت أنظار العالم باستشهادك الى أن القضية تتجاوز استهداف صحفية فلسطينية، فكل ما هو فلسطيني بات مستهدفا، مثلما هي المقدسات و الأرض والمرأة والطفل والاسير والشجر والتاريخ والرواية ، فهي جميعها استهدفت ولاتزال دون ان يلقي لها المجتمع الدولي بالا ،وأنت شيرين من عملت جاهدة طوال مسيرتك المهنية على نصرتها في تقاريرك.

شكرا لأنك باستشهادك أسست لمرحلة كفاح وطني جديدة، وحدت الشعب الفلسطيني بكل أطيافة السياسية ومذاهبة العقائدية وأعدت له الآمال بأن امكانيةالاحتكام للقانون الدولي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة في القوانين والأعراف الدولية بات ممكنا،بعد أن أيقظ استشهادك ضمائر الكثيرين ، ودفع بمناصرين ومدافعين قانونيين وسياسيين الى تبني قضيتك الأم والدفاع عنها واعادتها الى الواجهة من جديد ،معلنين انتهاء الصمت العالمي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني وإهماله الطويل لمناصرتها.

شكرا لأنك أعدت للقضية الفلسطينية مكانتها التي تستحق كأعدل قضية احتلال شهدها العالم، بعد أن تصدر خبر استشهادك وسائل الاعلام العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي.

شكرا شيرين، شكرا شيرين ، ترجمتها فعليا بالحفاظ على ارثك،والتعريف بوطنيتك وفلسطينيتك، والتعلم من منبرك الحر.

شكرا وجدتها في كلمات المشيعين لك، والتي حرصوا جاهدين على انتقاء أجملها وأرقهاعلها تليق بك للتعبير عن محبتهم ووجعهم الكبير لفقدانك.. وجدتها وانا انتقي من حديقتي أجمل الورود وأعبقهاعطرا لأجمل بها طاولتي كل صباح،والتي بعد استشهادك بت لا أرى الا صورتك الجميله بدلا من جمالها، واتمنى لو أنال شرف وضعها على ضريحك،وأنا التي أعرف كم كنت تعشقين الورود وكنت تحرصين على تقديمها لأصدقائك ومن تحبين.

أحيانا نعزي أنفسنا بذكرى عطرة تركها أعزاء فقدناهم ،واليوم نعزي أنفسنا بمحبة الله لك،والتي وضعها في محبه من حرصواعلى أن يظلوا بقربك حتى لحظاتك الأخيرة معهم.

فإلى جنات الخلد ان شاء الله ، وفي منزله أكرم تليق بك .