الأسبوع الماضي، أصابتني حالة من الحزن الممزوجة بالهلع والصدمة بسبب عدم المعرفة والجهل بقضيتنا الفلسطينية التي تنتشر في العالم العربي على الرغم من حب الشعوب ودعمهم لنا بإيمان عميق لتحرير فلسطين من الاحتلال، لكن هل الحب وحده يكفي؟!
هذا الشعور جاء خلال مشاركتي في الاجتماع الإقليمي حول تّعلم الشباب ومهاراتهم وإدماجهم الاجتماعي وانتقالهم إلى العمل اللائق في الفترة من ٢٣ إلى ٢٤ أيار، وشارك في تنظيمه منظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وذلك تحت مظلّة التحالف المعني بقضايا اليافعين والشباب. وضم الاجتماع مسؤولين حكوميين ومسؤولين في الأمم المتحدة وممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني مع الشباب لتبادل الممارسات الجيدة، والتقارب نحو رؤية مشتركة لدعم انتقال الشباب من التعلم إلى العمل اللائق.
على الرغم من الدعم الكامل لقضيتنا من الشعوب العربية؛ إلا أن الحديث مع الزملاء الإخوة والأخوات العرب خلال اليومين جعلني أعيد النظر بالمفهوم الشمولي للقضية الفلسطينية ضمن إطار المعرفة والثقافة الوطنية وما يعيشه شعبنا بشكل يومي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
صدقاً، هم لا يعلمون أبسط القضايا؛ فمثلاً: التنقل ما بين غزة والضفة والقدس؟ لماذا الإنترنت لدينا 3G؟ كيف يسافر الفلسطيني إلى الخارج؟ المستوطنات؟ فلسطينيو 48؟ الميناء والتصدير؟ الماء والكهرباء؟ اتفاقية باريس؟! وكثير من الاستفسارات التي وصلت لدرجة: لماذا لا تشترون البترول منّا؟! والكثير ..الكثير.
لنتفق بأن الوعي مسألة جمعية وليست فردية، وأن عدم وصول الوعي العربي والإسلامي لمرحلة تكون مكافئة لحجم صراعنا مع الاحتلال يجعل أداءها كمجموع في هذا الصراع متدنيا وضعيفا جدا، ومن زاوية أخرى، ربما عملت العولمة على سحق الثقافة الوطنية والحضارية للأمة، وخلق ظاهرة شعور بالاغتراب بين الفرد وثقافته من جهة وبينه وبين شعبه وأمته من جهة أخرى!! وبهذا تندثر وتختفي الرؤى الوطنية خلف ظاهرة العولمة.
علينا أن نعيد تشكيل حالة الوعي للشعوب العربية قبل كل شيء؛ فهم السند الأول والأخير لنا، لهذا على «المفكرين والمثقفين الفلسطينيين والعرب» دور مهم لمواجهة عدم المعرفة في إقامة الندوات والمؤتمرات، وتعزيز ودعم المعرفة والثقافة حول القضية الفلسطينية بتفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة في كافة وسائل الإعلام العالمية. وأوصي هنا بأهمية معرفة كل فرد ومؤسسة مسؤولياتها بالحفاظ على نشر ودعم المعرفة بقضيتنا من خلال نسج الجسور بكافة الميادين.
وهنا الدور الرئيسي يقع على عاتق وزارة الخارجية وتعزيز الدبلوماسية الشعبية أن وجدت في الوزارة؟! من خلال تنمية الوعي بالقواسم المشتركة بين الثقافات، وإقامة حلقات التواصل والتحاور الثقافي ومواجهة خطر الجهل بالقضية الفلسطينية وبناء تربوي وطني سليم؛ من خلال وضع رؤية تتضمن الجوانب الخاصة بالشباب العربي من الجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والمهني والتعليمي والديني والنفسي ما يكفل عدم تعرضهم لرواية الاحتلال السلبية.
إن أهم سلاح يمتلكه الشعب الفلسطيني في نضاله التحرري، هو ثقافته الوطنية، وهي عندما تخفت أو تتراجع، وبصرف النظر عن الأسباب، سيشكل ذلك اخطر عامل سلبي يواجه هوية الشعب الفلسطيني ومصيره. فلكي ندحض مقولة «الكبار يموتون والصغار سينسون»، يصبح السؤال عن برنامج حفظ الهوية الوطنية الفلسطينية مشروعا على الصعيد العربي والإسلامي ومواجهة الجهل في تفاصيل حياة الفلسطيني الخاضع تحت الاحتلال بشكل يومي.