مسيرة الاعلام الاسرائيلية التي حدثت في القدس و التي فيها استفزاز لكل حر عربي مسلم او مسيحي كشفت عورة هذه الامة من المحيط الى الخليج ولم تلقى الرد المناسب من اي جهة كانت باستثناء ابناء القدس و المرابطين من جهات مختلفة من فلسطين الذين واجهوا برجولة بإمكاناتهم المتواضعة عربدات المستوطنين و رفعوا الاعلام و واجهوا بصدورهم العارية اسلحة جيش الاحتلال وبطشهم.

قبيل المسيرة باسابيع خرجت جهات مختلفة من جميع الفصائل وهددت وتوعدت لكن دون تطبيق على الارض حيث أن إسرائيل تحدت العالم كله ونفذت تلك المسيرة ولم تتراجع هذه الحكومة اليمينية الضعيفة انصياعا لتهديدات المستوطنين وخوفا من سقوطها امام المعارضة ، واهم رسالة في تحركها هي للداخل الاسرائيلي حيث اراد بنت ان يقول انه تفوق على نتنياهو ونفذ المسيرة وكسر معادلة الاشتباك التي تركها  حيث اتهمه انه خضع لصواريخ المقاومة والغى المسيرة العام الماضي.

ردات الفعل الرسمية لقيادة الشعب الفلسطيني لم تكن بحجم الحدث و ظهرت عاجزة عن فعل شي وحتى نشاطها الدبلوماسي كان شبه معدوما، وكذلك المقاومة والتي اعلنت عبر العديد من رموزها ان معركة سيف القدس مستمرة وان اي أقتحام للاقصى سيقابل بموجة من الصواريخ وبعضهم هدد بمفاجأة جديدة سيتم استخدامها والبعض تحدث عن طائرات مسيرة تحمل صواريخ او متفجرات تضرب العمق الاسرائيلي وصواريخ جديدة بعيدة المدى ، لكن شيئا من هذا لم يحدث و حتى المسيرات التي خرجت في الضفة الغربية كانت محدودة و معظمها اكتفى بالخروج في مراكز المدن بعيدا عن خطوط التماس وهذا يعكس توجهات القيادة بمنع تفجير الأوضاع في الضفة الغربية فالواضح تماما ان هناك مفاوضات قادتها قطر و مصر منعت المقاومة من اي ردة فعل وان رئيس الوزراء الاسرائيلي سيدافع عن ضعفة بحرق غزة و اغتيالات قادتها و كان جاهز لهذه المغامرة رغم ان نهايتها ليست محسوبة و توسعها كان متوقعاً واقلها دخول المقاومة اللبنانية على خط المواجهة، وكذلك سعت القيادة الفلسطينية بمنع ردات الفعل على مسيرة الاعلام  او خروج الشعب  لنقاط التماس و الاشتباك مع الاحتلال اي ان الاطراف الثلاث كانوا متفقين على عدم تصعيد الامور .

المقدسيون تابعوا التراشق الاعلامي بين الاطياف المختلفة و بشكل خاص طرفي الانقسام الذين كان دورهم متساوق مع بعضه البعض ومحوره عدم التصعيد ، واعتمد المقدسيون على انفسهم و سطروا بطولات نادرة بل نستطيع ان نقول حققوا انتصارا بان العلم الفلسطيني كان محور الحدث باطلاق طائرة مسيرة فوق المسجد الاقصى و المسيرات في البلدة القديمة و شارع صلاح الدين و حارات القدس و معظمها يرفع علم فلسطين حيث اثبتوا للعالم ان السيطرة للفلسطيني  رغم انتشار ٣٠٠٠ جندي اسرائيلي لحماية المسيرة و محاولة الاحتلال  القول ان السيطرة في القدس له و لجيشه و لعلمهم الاسرائيلي و للقول ان القدس عاصمة اسرائيل لكن بشموخ الابطال افشلها شباب القدس و اعطوا الصورة الحقيقية ان السيطرة الاسرائيلية غير مكتملة وان مقاومة هذه الاحتلال لا زالت في ذروتها .

لا احد يريد ان يُحمل اهلنا في غزة مزيدا من المجازر وردات فعل الجيش الاسرائيلي و التي كان من المتوقع ان توقع مذبحة حقيقية و اغتيالات  في حال تم اطلاق صاروخ واحد من غزة ، لكن ما يستهجنه الجميع التصريحات التي صدرت من قادة المقاومة و محورها والتي وعدت بحتمية الرد و ان معركة سيف القدس مستمرة وتسريب مقاطع تواصل واتصالات بين عناصر المقاومة بساعة الصفر لاطلاق الصواريخ ، لكن شيئا من هذا لم يحدث ،  استخدام هذه الصواريخ نعم بحاجة لاعادة تقييم لمدى الفوائد من استخدامها لكنها استخدمت لاسباب مسخ مقابل ما حدث في الفترة الاخيرة من تدنيس لاقصى واقتحامه و الاعدامات لابناء شعبنا  فقد استخدمت للضغط للحصول على الهبات القطرية او رداً على اغتيال مقاوم في غزة، فهل تلك الامور اهم من القدس و مسجدها الاقصى؟. و اهم من سياسة الاقتحامات و التقسيم الزماني و المكاني  له الذي بات واضحا و وشيكاً من خلال اقامة الصلوات للمستوطنين داخله بحماية الجيش الاسرائيلي و عصاباته وقادته؟!؟ و الاجدر كان بأن تقدم المقاومة تبرير واضح لعدم تنفيذ تهديداتها و و عودها ولا تترك رئيس الوزراء الاسرائيلي يتفاخر انه حقق سياسية الردع ولم يخضع لتهديدات المقاومة و نفذ المسيرة !!!  .

المحبط ليس فقط عدم وجود رد بحجم الجريمة باقتحامات الأقصى و الاعتداءات على الموطنين بل استمرار الشرذمة و الانقسام بين الفصائل الفلسطينية بل والحملات المختلفة وتبادل الاتهامات وحرف البوصلة عن قرار الوحدة و عن الجرائم الاسرائيلية و تهديدات المستوطنين وقادته، و الاكثر احباطاً تطبيع العرب و التخلي عن قضيتهم الاولى بل عن قبلتهم الاولى  و الوقوف ليس متفرجا بل مشاركا مع الاحتلال افراحه !!!.

المقدسيون انتصروا بجدارة و بشهادة الجميع، لكنهم لا بد انهم شعروا ان الكثير خذل توقعاتهم و اقتنعوا ان ما "بحك جلدك غير اطفرك " "وما بيحرث الارض غير عجولها " وكانت ثلاث دقائق التحرير و التي طارت به طائرة العلم الفلسطيني فوق الاقصى محور الحدث و عنوان السيطرة للفلسطينيين والتي قالت بصوت عال " القدس عاصمة فلسطين".