تزامناً مع ذِكْرَى النكسة! استرجع الراحل محمود درويش المعلم الذي قال: أعجبنا حزيران في ذكراه..... إن لم نجد من يهزمنا ثانية هزمنا أنفسنا!
شهد الشعب الفلسطيني نكبة ونكسة التهجير والترحيل بسبب الصهاينة، والآن نعاني كارثة من صنع أيدينا، لقد وجدنا من نلوم إثر نكبة ١٩٤٨، ونكسة ١٩٦٧، وما زلنا نعاني تحت الاحتلال أشكال العنصرية والظلم والاضطهاد حتى اصبحت الابارتايد موثقة عالميا وحان الآن أن نعترف ونلوم أنفسنا على مصيبة القرن المتمثلة بالانقسام. بعد ان فشلت العديد من المبادرات والحوارات والزيارات المكوكية لعواصم عربية وغربية جمعت وفدي المصالحة بوجود طرف ثالث وسيط أملاً في الوصول الى تسوية، لم تعمل هذه الجهود إلا على تبديد الوقت والجهد والأموال، والأسوأ من ذلك هو قتل الآمال والروح الوطنية الفلسطينية حتى بات الجميع في حالة ترقب وانتظار للإرادة السياسية التي يكتنفها الفراغ.
مطلوب مواجهة حقيقية مع الواقع على عدة جبهات داخلية وخارجية، مطلوب مواقف حقيقية تتجاوز الشعارات.
الهوية هي ما نورث لا ما نرث! فلسطين أهم من أي حزب، فلسطين تجمع فتح وحماس وليس العكس، حان لنا أن نستثمر كل الفرص والامكانيات لغرض التحرر وأن نتذكر جميعا أننا أمام محتل واحد، لا بد من مبادرة وطنية قوية وحقيقية تعكس طموحات وتضحيات الشعب الفلسطيني للوقوف في وجه هذه الكارثة التي تسببنا بها لأنفسنا حتى نتمكن من تحقيق أولويات الشعب الفلسطيني الوطنية واستعادة هيبة المشروع الوطني.
الشعب الفلسطيني يستحق بديلاً عّن الوضع الراهن، فالشعب الفلسطيني يستحق السلام، العيش بكرامة، حرية التنقل، حرية التعلم، والطفولة والأمومة والانسانية وصولاً لحق تقرير المصير، الشعب الفلسطيني يستحق واقعا أفضل، ويستحق بداية التحرر من الاحتلال الاسرائيلي. هذه الحقيقة التي يتغافل عنها المجتمع الدولي الذي يكرس مظاهر الاحتلال ويزيد من وطأة الغطرسة والظلم الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني, لا بد من التحقيق في جرائم الاحتلال, لا بد من المحاسبة. لا بد من تحمل الاحتلال مسؤولية جرائمه المتكررة ولا بد من إنهاء الاحتلال، إلا ان الوعي والحرص الوطني يتطلب انهاء الانقسام بالدرجة الأولى.
تعمل سلطات الاحتلال على فرض حقائق لتشتيتنا بتفاصيل كثيرة، من القدس الى الأسرى للشهداء للاستيطان لأموال المقاصة لعمليات الاعدام الميدانية، الى محاولات اغلاق الأونروا والغاء حق اللاجئين، الى محاولات ضم القدس والضفة الغربية. مرت علينا ذِكْرَى النكبة الفلسطينية، واليوم تصادف ذِكْرَى النكسة، ونستذكر مشاهدات التهجير ومفتاح العودة والقرى واللجوء والظلم وكل ما فعلته دولة الاحتلال حتى يومنا هذا، نكبة ونكسة مستمرتان. ليس من الصعب نقل التجربة للأجيال الجديدة ولأطفالنا، فما يحدث في الشيخ جراح ومسافر يطا وسلوان والخان الاحمر وبيتا ما هو الا عمليات تهجير جديدة، نكبة متكررة من خلال أوامر عسكرية لتهجير وإخلاء المواطنين بالقوة، اضافة لكل ذلك، تستمر سياسة الاستيطان والأسر والقتل المتعمد والإعدامات.
مشاهدات الظلم التي عانى ويعاني منها الشعب الفلسطيني بفعل الأطراف الخارجية كثيرة، ولكن حان لنا أن نواجه ما تسببنا به بأنفسنا، مشهد الانقسام في فلسطين، حان لنا أن نعترف ونسلط الضوء على كارثة حقيقية يعانيها الشعب الفلسطيني منذ عام ٢٠٠٧؛ قد نختلف على التسمية، فمن جهة يطلق البعض مصطلح انقسام أو انقلاب أو استيلاء على السلطة، ومن جهة أخرى يسميه البعض يوم الحسم ويوم تطهير القطاع من الفساد! سموها ما تشاؤون فالنتيجة واحدة ولا يختلف عليها احد؛ مشاهدات تفضيل مصلحة الحزب على المصلحة الوطنية، نتج عنها انقسام فلسطيني مخزٍ أدى إلى خسارة لشعب بأكمله وضياع للمشروع الفلسطيني بشكل عام. في ذِكْرَى النكسة والنكبة من قبلها، علينا ان نعترف انه ما دام الانقسام موجودا، من شبه المستحيل ان نستعيد مكانتنا وقيمتنا ومشروعنا الوطني.