في معرض ردود الصديق والرفيق أيمن عوده أمس على بعض مدعين فكر اليسار الصهيوني بعد إسقاط مشروع قانون الابرتهايد الجديد بالكنيست الإسرائيلي ، حيث قال " ان "اليسار الصهيوني" يهددنا بإمكانية عودة نتنياهو ، هنا أتحدّاهم بأن يجلبوا اقتراح قانون منع مُتّهم بقضايا جنائية من الترشح لرئاسة الوزراء ، ونحن المشتركة كلنا نلتزم بأن نصوّت معه ، وهكذا نرتاح من نتنياهو إلى الأبد ."
كما واضاف في حديثه ؛ " على ما يُسمّى ب "اليسار الصهيوني" أن يفهم تماما أن المشكلة لديه هو وليس لدى ابناء وبنات شعبنا المتفانين والمخلصين والذين وقفوا إلى جانب هذا "اليسار !!" أكثر من مرة فقط من أجل اسقاط نتنياهو واليمين، وكانت النتائج امعان هذا "اليسار الصهيوني !!" بجرائمه ، كما اضاف "بانه نتيجة لبؤس ومواصلة ضُعف هذا المسمى عبثاً ب"اليسار" فهو يزداد إلحاحاً وضغطًا علينا دون أن يغيّر من نهجه العنصري المتماهي مع اليمين ، أنه يسار كذاب ."
وهنا ورغم ظهور متغيرات جارية على الساحة الحزبية والبرلمانية لدولة الأحتلال مؤخرا لمحاولات إسقاط الحكومة الإسرائيلية القائمة والتي كان عدد من تبريراتها القواعد الدينية اليهودية واصولها فقط ، فان استمرار الإجماع حول الأحتلال والضم والتسابق في توسيع الاستيطان الاستعماري لا يواجه تحديات في المجتمع اليهودي الإسرائيلي ولا يثير خلافات بين اطرافهم الحزبية المختلفة التي عكست مواقف ومتغيرات مختلفة لاستمرار الحكومة الحالية أو الدعوة لانتخابات جديدة بعد امكانية ان تفقد حكومة بينيت - لبيد اغلبيتها المتوفرة بفارق صوت واحد .
هذه المتغيرات قد تؤشر إلى رحيل نفتالي بينيت مع حكومته قريبا وان انتخابات جديدة على الأبواب ، وسيعود رفاقه اليمينيون المتطرفون الاخرين الى الحكم بعنصرية اكبر بلا تغيير لا في المواقف ولا في مقاربة جدية لحلول قضايا الصراع والسلام الحقيقي ، إنها المنافسة بين التيارات الصهيونية نفسها ، فلا فرق .
انها دولة كولونيالية عنصرية بامتياز ، بانتظار عاقل يخرج من بين صفوفهم ليقرر أن كفى .
وحتى ذلك الحين الذي سيطول في ظل عجز ونفاق المجتمع الدولي والغرب منه تحديدا ، ستبقى إسرائيل دولة تعيش على اسنة الرماح والعواصف بعدم الاستقرار ، وسيجدون امامهم على الدوام ما دام احتلالهم جاثما على الصدور الردود اللازمة على جرائمهم المستمرة ، حيث أن شعباً "مزعوما " يضطهد شعب اخر لا يمكن أن يكون هو نفسه حراً .
ولأن يكون أحدهم يهودياً يسارياً في دولة الأحتلال " إسرائيل " ، عليه أن يكون معاد لمنشاء الفكر الصهيوني الذي شكل أداة للفكر الاستعماري الغربي حتى ما قبل وعد بلفور وعمل على استغلال الدين اليهودي وفقرائه لمصالح اغنيائه وكبار التجار .
لقد ضحت الحركة الصهيونية العالمية بإعداد كبيرة من اليهود في جرائم الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع النازيين انذاك الذين سهلوا هجرة اليهود الي فلسطين مقابل المال ومحاولة تفريغ أوروبا من اليهود الذين ضاق منهم الأوروبيين لسيطرتهم على مفاصل المال ، ولعدم رغبتهم في حل المسألة اليهودية في إطار مجتمعاتهم الأوروبية ، فقدموا لهم التسهيلات من أجل دعم هجرتهم الاستيطانية إلى فلسطين انذاك .
ولا يمكن لمن يعتبر نفسه يهوديا يساريا أو معاد للصهيونية باسرائيل او خارجها ان لا يعارض أسس الدولة الاستعمارية العنصرية وممارساتها وجرائمها حتى يومنا هذا بحق شعبنا الفلسطيني أصحاب الأرض الأصليين ، كأي مسلم أو مسيحي يساري أو تقدمي حول العالم .
بغير ذلك تكون محاولة اعتبار البعض لهوية انفسهم الفكرية والسياسية اليسارية هي وهمِ وخداع وذر للرماد بالعيون.
فالهوية الفكرية اليسارية لا يمكن الا أن تحمل مفاهيم حرية الشعوب وتحررها الوطني وحقها في تقرير مصيرها ومعاداة كل أشكال الاستعمار والأحتلال والتمييز العنصري ومنها افكار الحركة الصهيونية ، إضافة إلى امتلاك رؤية اجتماعية اقتصادية وثقافية تقدمية تدافع عن العدالة والمساواة وحقوق المستضعفين والمسحوقين امام ممارسات أصحاب نظريات الاستغلال البشع وهذا امر غير قائم لدى من يسمون أنفسهم باليسار الصهيوني.
فالفكرتين والمفهومين يقفان على طرفي نقيض ، حتى حقنا المُشرع لنا دوليا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس على كافة الأراضي التي احتلت عام ٦٧ وفق قرارات الشرعية الدولية وحل قضية اللاجئين وفق القرار ١٩٤ ، غير مقبول كاملاً لهؤلاء الذين يدعون بانهم يحملون فكر ما يسمى باليسار الصهيوني الكاذب بما في ذلك أيضا موقفهم من مسألة الحقوق القومية والمساواة لابناء شعبنا الصامدون والباقون بالداخل.
هنالك عدد من اليهود باسرائيل وحول العالم الذين يناهضون الفكر الصهيوني العنصري وممارسات دولة إسرائيل ويقفون في حركات التضامن الدولية معنا والى جانب كفاح شعبنا العادل من أجل تجسيد حقوقه الوطنية الثابته والغير قابلة للتصرف.
هنالك يهود كالمسلمين والمسيحين من حيث انتمائهم الديني ، قد شاركوا في تأسيس حركات تحرر ثورية سياسية واجتماعية وثقافية ذات بعد إنساني تقدمي حتى ببعض دول العالم العربي ومنهم من كافح الى جانبنا في مسيرة نضالنا الشاقة ، هؤلاء ينطبق عليهم مفهوم الهوية اليسارية الفكرية ومعاداة الصهيونية ، وقلة منهم يكافحون معنا من داخل المجتمع الإسرائيلي الان الذي تنمو فيه أصول الفاشية ، الذين يتوجب استمرار العمل والكفاح المشترك معهم ، امثال المناضل الشيوعي عوفير كتسيف عضو الكنيست ورفيق ايمن عوده والطيبي وعايده توما وسامي ابو شحادة من القائمة المشتركة .
في مقابل من يدعون الإسلام السياسي ، أمثال القائمة الموحدة بالكنيست وتحديدا منهم المدعو منصور عباس الذين يعملون ليلا ونهارا من أجل تمرير سياسات وجرائم دولة الاحتلال ضد ابناء شعبنا الفلسطيني في دفاعهم عن حكومة اليمين الفاشي الاستيطاني ، الذين يتوجب فضحهم لما يقدمونه من خدمة للحركة الصهيونية .
إن المجتمع الدولي من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة كان قد اتخذ قرارا عام ١٩٧٧ بمساوة الصهيونية بالعنصرية ، رغم انه قد تم إلغائه لاحقا عام ٩١ بسبب التحولات التي جرت بالنظام العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية ونفاق بعض العرب والمسلمين .
ان كل اصحاب الفكر الصهيوني يريدونها دولة تتسم بالفوقية اليهودية العنصرية الخالصة وفق اسس روايتهم التوراتية المزعومة والفكر الصهيوني السياسي ، وينشدون توسيع الاستيطان وتعميق الاضطهاد ضد شعبنا ، ويؤكدون على حماية مستوطنيهم ويمارسون الجرائم و التمييز العنصري وانتهاك المقدسات وكل شبر من أرضنا ، في مجتمع اصبح يجنح اكثر نحو مبادئ حركتهم الصهيونية واهدافها وذلك بدعم من حركة المسيحيين الصهاينة الذين يتجاوز عددهم اليوم ٤٠ مليون بالولايات المتحدة الامريكية لوحدها وهم لا يحملون شيئا من قواعد الديانة المسيحية الأرثوذكسية أو الكاثوليكية كما بعض مُدعين الإسلام حول العالم وخاصة حركة الاخوان العالمية وتفريخاتها .