من الواضح أن صيف العام 2022 ساخن بجميع المقاييس، وانعكاسه واضح على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتي الثقافية. المشهد هنا ليس قدحاً في غامض الغيب فلا أحد يعلم الغيب، لكن بقراءة الحاضر والأحداث المختلفة، فإن ما هو قادم لا يُبشر بخير، خصوصاً في الضفة الغربية.
عشنا الأشهر الماضية، منذ بداية العام الحالي بالتحديد، حالة تراجع في كافة الميادين والأطر الناظمة للقضية الفلسطينية، وترك ذلك أثراً سلبياً في المجتمع الفلسطيني، بأشكال مختلفة.. تراجع مدروس!! وتراجع غير مدروس عشوائي يعاني منه الكُل الفلسطيني.
لكن النقص الحاصل في المواجهة السياسية مع الاحتلال أدى إلى تنفيذ «صفقة القرن» بهدوء تام، خصوصاً مع انهيارات الأنظمة العربية في مفهوم تجاوز التطبيع مع الاحتلال، وقد تم مأسسة المصالح المشتركة، من خلال وضع سياسات مشتركة وقواعد عسكرية في عدد من الدول، بالإضافة إلى الاقتصاد المتكامل بكل مكوناته.
قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مطالبة منذ الأمس بالاستعداد لصيف درجات حرارته مرتفعة بشكل غير مسبوق، وإذا كانت القيادة الفلسطينية بمختلف ألوانها ذهبت كالعادة لشراء الوقت، فإن هذا الوقت هو لصالح الاحتلال لسرقة واستعمار أراض جديدة، والمراهنة على الولايات المتحدة الأميركية، ومن تم تجربتهم مراهنة سوف تخيب، خصوصاً أن هناك مشاكل أيضاً في قصة بناء المصالح السياسية لدول عربية وأجنبية جديدة مع الاحتلال، ومشاكل مختلفة ترتبط بالتحالفات الإقليمية بملف الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا يقودنا كلنا إلى التساؤلات حول ما ستفعله الفصائل والتنظيمات الفلسطينية منذ الآن دون انتظار أو شراء الوقت وخلق أزمة مؤجلة!!
نحن أمام مشاكل كبرى تفوق الذي رأيناه خلال الأعوام الماضية، على مستوى محاولة تصفية القضية الفلسطينية، وعلى مستوى خلق نظام سياسي جديد، الذي سوف يتضرر بشدة، وقد يختفي بعض مكوناته، وولادة أجسام جديدة، خصوصاً في قطاع غزة والشتات وهذا ما لا أتمناه.
ذلك يأخذنا إلى وضع صعب وحساس، لا بد لنا من حلول مبكرة ابتكارية، وهي حلول نستطيع العمل بها، لكني لا أجد أحداً يعمل بها حتى هذه اللحظة على أرض الواقع حتى الآن، خصوصاً أن الحلول المطروحة لا قيمة لها وكلفتها مرتفعة جداً، وبحاجة إلى وقت طويل من أجل تنفيذها في ظل المعطيات الإقليمية والمحلية.
مثل هذا الكلام يثير الكآبة والشعور باليأس والإحباط، لكننا أمام مجموعة من الأزمات أحد أوجهها فقدان السيطرة على الضفة الغربية، والتوسع في الاستعمار الاستيطاني، خصوصاً في القدس والخليل، وغير ذلك، كما أن غياب الدعم المالي وتراجعه لخزينة الدولة وجه آخر للمشكلة، إضافة إلى سوء التخطيط في أغلب القطاعات، وانتظار الأزمات حتى تقع، والتصرف في اللحظات الأخيرة بدلاً من الحلول الاستراتيجية والتكتيكية.
ملفات من الأزمات المؤجلة مقبلة على الطريق، والمؤشرات والدلالات التي نشاهدها والقراءات العلمية مثيرة للقلق على مستوى ما سنراه خلال الأشهر القادمة، ماذا ستفعلون قبل انفجار الأزمات؟
هذا هو السؤال.