ان سطوة وانتشارية وسائل التواصل الاجتماعي، وسلطة البعد البصري المتمثل بالصورة والفيديو، أصبح يتعدى كل بلاغة البيانات والتوضيحات، وعلى المؤسسات كافة وليس فقط جامعة النجاح، إعادة النظر بطرق المعالجة التقليدية، فهي تنتمي إلى عصر سابق، كانت ناجحةً ومؤثرةً في حينه، لكنها اليوم لا ترتقي اصلاً لدرجة الوساطة التقنية مع الجمهور .
محاصرة اي حدث انتقل بشكل بصري وأصبح متاحاً للجمهور يبدأ من خلال الخضوع الفوري لسلطة الفيديو والصورة، وتفعيل قرارات آنية تحاول الارتقاء للسرعة الجنونية للتناقل الوسائطي، حيث أن اي انتظار ومحاولة كسب للوقت من أجل إيجاد حلول وسط، يعطي مزيداً من التأويلات التي تحملها الأبعاد الثقافية للصورة المتباينة بين فئات الجمهور، ما يعقد الحل ويلغي الحلول الوسط ويعيدنا إلى المربع الاول خضوعاً لسلطة هذه الوسائط، وهو الأمر الذي تداركته إدارة جامعة النجاح ولكن بعد عدة أيام كانت طويلةً ومزدحمة بالتأويلات على الجامعة وعلى كل من يتمنى لها الخير، ولكن تم تسجيل هذا في خانة التنازل للطلبة وليس الحسم الإداري الفوري لو تمت هذه القرارات في بعد مفاهيمي لحظي للحدث.
ومن خلال هذه الازمة على الفصائل الفلسطينية وخصوصا فتح وحماس، وأطرها الطلابية، دق ناقوس التغيير الفوري، واعادة مراجعة حقيقية لآثار مغانم الانقسام والمناكفة الحزبية، حيث ولأول مرة يحتكم طلبة جامعة فلسطينية لمطالب اتفقوا عليها في حراك الكتروني رقمي، ضاربين عُرْض الحائط اتفاق موقع بين الإدارة ومجلس اتحاد الطلبة، وكل الأطر الطلابية بما فيها حركة الشبيبة والكتلة الاسلامية، ما أدى إلى دهس التقاليد التمثيلية الطلابية للمرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وهذا يعود إلى بُعْدْ وسائطي رقمي تستطيع الأطر الطلابية من خلال تجديد دمائها ركوب موجته التواصلية، وبُعْد آخر مفاهيمي خطابي يوضح الفجوة بين بيروقراطية وتكلس الحركة الطلابية بكامل أطرها وبين حداثة ورشاقة وتنور جيل طلابي جديد، أصبحت عنترية وسائل التواصل الاجتماعي جزء من شخصيته التمردية( بالزاوية الايجابية اتحدث) اذا ما اقتنعنا ان هذا الجيل يعتبر وسائل التواصل الاجتماعي جزء من حواسه الفيزيائية ومساحة حريته الشخصية تلامس حرية فضاء هذه الوسائط.
اخيراً ان محاولة الكتلة الإسلامية مباركة قرارات إدارة النجاح اليوم، هي فهم سريع انه تم دهس الأطر الطلابية بعد الالتزام الكبير بالاضراب المدعو له رقمياَ، فإذا كان هذا الفهم هو خطوة اولى نحو إعادة التموضع والتواصل مع الطلبة ستكون هي الإطار الأكثر قدرة على اللحاق بركب التغيير، وإذا كانت محاولة لعرض نفسها كعراب لهذا الحراك وهذا الانجاز، ومحاولة التفاف على وقائع يدركها كل طالب في جامعة النجاح، فستنجح على مستوى النخب الحزبية، وستكون اكبر من يدفع الثمن في الانتخابات القادمة، واتمنى ان يكون صمت الشبيبة الطلابية حتى اللحظة تدارسياً لما هو قادم وليس دهشة من لم يستوعب هذا الانقلاب الطلابي.
حمى الله جامعة النجاح، كبرى الجامعات النظامية الفلسطينية من حيث عدد الطلاب، وباقي الجامعات الفلسطينية، حيث انه ادركنا ام لم ندرك، فإن الجامعات الفلسطينية في قلب صراع الوعي الذي يقوده الاحتلال بطريقة غير معلنة، ونستطيع توظيف هذا الجيل الحر ووسائط النقل الرقمية التي يمتلكها في هذا الصراع بشكل إيجابي للتصدي لمخطط الاحتلال وبداية تسجيل نقاط لصالح ديمومة الوجود الفعلي والحضاري لشعبنا الفلسطيني.