منذ عام 2015، تبنت دولة الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الشهداء كسياسة رسمية ممنهجة. ومنذ ذلك الوقت، عدد الشهداء ‏المحتجزة جثامينهم يتزايد حتى وصل 104 جثامين. ‏
خلال الشهر المنصرم، قدمت الحملة الشعبية لاستعادة جثامين الشهداء المحتجزين في ثلاجات الاحتلال ومقابر الارقام ‏تقريراً قدم أعداد الأسرى الشهداء، من القدس 12 وقطاع غزة 27 ومن الضفة الغربية 65.‏
الجثامين المحتجزة في غالبيتها من الذكور ولكن هناك 3 إناث، فيما عدد الشهداء الاطفال المحتجزون هو 9. في عام 2017 ‏أصدرت دولة الاحتلال قرارا بدفن 4 من هؤلاء في مقابر الأرقام.‏
في الحقيقة، الوضع العام لهؤلاء الشهداء الاسرى هو الغموض واللاإنسانية، فلا علم للعائلات بمكان وجود جثامين أبنائهم، ‏سواء أكانوا في الثلاجات أم في مقابر الارقام، كما لا تكتفي دولة الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء وحرمان الاهل من وداع ‏ابنائهم وحرمانهم من أبسط حقوق الانسان بدفن كريم، وتتجاوز دولة الاحتلال كل هذه الحدود بحقيقة ان جامعات دولة ‏الاحتلال تستضيف هذه الثلاجات في مختبراتها.‏
حقيقة ان تتبنى الجامعات الاسرائيلية مختبرات جثامين الشهداء هو تطور خطير، وحقيقة يجب فضحها على كل المستويات ‏داخلياً وخارجياً، بما تتضمنه من مخالفة للقوانين الانسانية والأخلاق الأكاديمية ومخالفة صريحة للوظيفة الأساسية ‏لمؤسسات التعليم العالي خاصة الجامعات بأن تكون مراكز لإنتاج المعرفة بالدرجة الاولى، بينما يتم توظيف الجامعات ‏الاسرائيلية لتعزيز النظام الكولونيالي الاستعماري.‏
بالمقابل، إسرائيل تهاجم وتحدد الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية بينما توظف الجامعات الاسرائيلية لتنفيذ ‏سياسات الاحتلال والابارتهايد. بداية أيار 2022، قامت دولة الاحتلال بطرح إجراءات عنصرية جديدة فيما يتعلق "بدخول ‏وإقامة الأجانب في الضفة الغربية". الإجراءات الأخيرة تشكل تهديدًا خطيرًا للعديد ‏من الحريات الشخصية، ولكن فيها استهداف مباشر ضد الحريات الأكاديمية والتعليم العالي في فلسطين. القرار العسكري ‏الجديد يمنح الجيش الإسرائيلي السلطة المطلقة لقبول أو رفض أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب الدوليين أو الأجانب الذين ‏ينوون الالتحاق بالجامعات الفلسطينية. الأوامر العسكرية الجديدة تقيد عدد الأساتذة والطلاب الأجانب وتحد من مدة التوظيف ‏والإقامة، مما يشكل تقييداً وضغطاً وتحديًا يحرم الجامعات الفلسطينية من حرية التحكم في قراراتها الأكاديمية وعملية ‏التوظيف، كما أنه يعيق قدرة الجامعات على التخطيط الاستراتيجي نحو الاستدامة والتنمية والارتقاء بمكانتها والمنافسة ‏ورفع مكانتها على المستوى الاكاديمي العالمي.‏
على دولة الاحتلال التراجع عن قرارها فيما يتعلق بمخالفته للقانون الدولي، بما في ذلك الحق في التعليم المنصوص عليه في ‏المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، واتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949، والمادة 13 من العهد ‏الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحقوق الثقافية 1966.‏
لا بد من رفع الوعي لخطورة الموضوع وضرورة المتابعة وحشد المناصرة لفضح الجامعات الاسرائيلية التي تستضيف في ‏مختبراتها جثامين الشهداء، كما وضروري الضغط على دولة الابارتايد لضمان احترام الحريات الأكاديمية للجامعات ‏الفلسطينية أسوة بجامعات العالم حتى نصل لمستقبل أفضل للجميع. يجب أن تتمتع الجامعات الفلسطينية، مثل جميع ‏الجامعات، في سعيها لأن تكون موطنًا لإنتاج المعرفة، احتراماً لقيم الحرية والمساواة والعدالة.‏
تقييد الحريات الأكاديمية الفلسطينية قرار شاذ ومرفوض ويجب نبذه من كل منابر التعليم العالي والجامعات الفلسطينية ‏والعالمية لفضح دولة الأبارتايد وسياساتها العنصرية التي تطال الحقوق الفلسطينية في شتى المجالات. أما أن تقوم الجامعات ‏الاسرائيلية كذراع ووسيلة لتعزيز الاستعمار الكولونيالي وسياسات الابارتايد اللاأخلاقية واللاإنسانية وغير القانونية بالدرجة ‏الاولى، فيجب فضح الجامعات الاسرائيلية التي تتمتع بسمعة وعلاقات جيدة على المستوى الدولي. ‏
من غير المقبول السكوت عن هذه التجاوزات في دولة الاحتلال وضروري الضغط باتجاه إطلاق سراح جثامين الشهداء ‏الأسرى, مطلوب رفض التعامل مع هذه الجامعات الإسرائيلية وفضحها ونبذها حتى تحقيق الحرية لهؤلاء الشهداء وذويهم ‏بتوفير حق انساني بالوداع والدفن الكريم. ‏

- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية. ‏