أثار نشر نتائج دراسة بحثية قبل عدة أيام عن وجود فطريات في عينات من التوابل أو البهارات تم جمعها من الأسواق الفلسطينية، قلقا وإرباكا عند المستهلك الفلسطيني، وبالأخص أن التوابل بأشكالها يتم استخدامها وبشكل يومي من قبل المستهلك في بلادنا، ورغم أن وجود كائنات حية دقيقة على شكل بكتيريا أو فطريات أو غيرهما في عينات من الطعام يعتبر أمرا عاديا، وبالأخص حين يكون أقل من الحد المسموح به حسب المعايير الصحية الدولية، إلا أن الدراسة أشارت ورغم عدم الوضوح أو الدقة في ذلك، إلى وجود مواد كيميائية تقوم الفطريات بإفرازها، ومن ضمنها مواد الافلوتوكسين، التي تعتبر مواد سامة خطيرة وقد تكون مسرطنة.
ورغم أنني لم اطلع على نتائج الفحوصات، سواء من حيث التراكيز أو طرق التحليل أو الأجهزة التي تم استخدامها في التحليل وطبيعة أو نوع الافلوتوكسين أن كانت في الواقع موجودة، وكذلك الأهم نسبة وجود الفطريات من مجمل العينات التي تم جمعها ومدى تمثيلها للسوق الفلسطينية ونسبة الخطأ في النتائج، مع العلم أن تراكيز مواد الافلوتوكسين وبأنواعها هي غير مستقرة إن وجدت وهي تراكيز قليلة جدا وتحتاج إلى أجهزة متطورة وحساسة، وما إلى ذلك من أمور مهمة يجب الاطلاع عليها، إلا أن المطلوب توخي الحذر حين نشر مثل دراسات كهذه قد تكون غير دقيقة للرأي العام وللإعلام، لأنه يثير القلق والخوف وما إلى ذلك من تداعيات اقتصادية وصحية.
وسواء أكانت فطريات وبالتالي المواد الكيميائية التي تنتج على أشكال الافلوتوكسين، أو مبيدات كيميائية، أو عناصر معدنية، أو ملوثات عضوية أخرى، إلا أنه تظهر بين الفينة والأخرى في بلادنا، تقارير تشير إلى وجود بقايا مواد كيميائية في منتجات غذائية، وبالأخص في الخضار والفواكه، وهذه التقارير قد تكون تمت من خلال دراسات قامت بها جهات أكاديمية أو غير أكاديمية، وبصرف النظر عن مدى خطورة نتائج هذه التقارير، فإن نشرها يثير القلق والبلبلة والرعب والتردد عند المستهلك الفلسطيني، الذي يعتمد بشكل رئيسي في طعامه على منتجات زراعية أساسية طازجة مثل البندورة والخيار والفلفل والبهارات والمنتجات الحيوانية وغيرها.
وبالتالي ومع القلق والإرباك والتردد الذي دائما تثيره تقارير من هذا النوع ومنها نتائج الدراسة التي تم نشرها، فالمطلوب من الجهات الرسمية تشديد الإجراءات والمراقبة والتفتيش على الأسواق، وكذلك القيام وأسوة بما يتم في دول العالم، بإجراء الفحوصات الدورية لعينات عشوائية من الأسواق سواء لبقايا كيميائية أو بيولوجية، وبناء على نتائج الفحوصات التي من المفترض أن تتم في مختبرات مؤهلة للفحوصات حسب المعايير العالمية، اتخاذ الإجراءات الفورية، الكفيلة بالحفاظ على سلامة الناس وعلى الأمن الغذائي في مجتمعنا.