يتميز الدكتور ناصر الدين الشاعر غير انه كان نائبا لرئيس الوزراء في واحدة من حكوماتنا، فهو من الأصوات الوطنية التي توصف عن حق بالمعتدلة، فضلا عن انه صديق لكل الفصائل الوطنية بما في ذلك تلك التي يختلف تنظيمه معها سياسيا او عقائديا.
ما حدث للدكتور ناصر الدين الشاعر حدث مع غيره وان بأشكال ودوافع ونتائج مختلفة، وحين يكون الامر كذلك فاطلاق النار من اجل الإصابة او القتل او الترهيب، فهو نتاج بديهي لفوضى السلاح التي تستبد ببلادنا ويتبعها بفعل الانقسام والتناحر الداخلي فوضى الاتهام، فما اسهل ان ينسب مطلق النار نفسه لفصيل معين وما اسهل ان يوجه أي فصيل اتهاما فوريا للفصيل الذي يختلف معه.
قد تتمكن أجهزة الامن من القاء القبض على الفاعل او الفاعلين، ولكن المشكلة ستظل قائمة لتنتقل من جريمة الى أخرى، ومن القاء قبض الى اخر، وكأن الامر مجرد عارض جنائي قد تحله الشرطة وقد لا تنجح وربما القضاء كذلك.
الامر ليس فقط ما حدث مع الدكتور ناصر الدين الشاعر وانما ما يحدث في طول البلاد وعرضها فهو اخطر بكثير مما يبدو على السطح، فما دام التناحر الفصائلي قائما فالبنادق الجنائية محمية ومغطاة، وما دام الانقسام مستمرا فالاتهامات المتبادلة جاهزة والادانات بالخيانة والعمالة وتنفيذ ما يسعى اليه الاحتلال تظل هي سيدة الموقف.
ان يلقى القبض على الفاعلين امر جيد، ولكن لن تكون له الجدوى المنشودة اذا لم يلقى القبض على الانقسام والتناحر الذي صار امرا عاديا في حياتنا، وهذا هو الأخطر والاشد مدعاة للقلق من الحاضر على المستقبل.