شهد الأسبوع الفارط ثلاث عمليات اغتيال في كل قطاع غزة ومدينة نابلس قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ الأولى أدّت إلى مواجهة عسكرية امتدت 55 ساعة، والثانية زادت من غضب الفلسطينيين والاحتقان الشعبي على ممارسات الاحتلال والمطالبة بعمليات عسكرية ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه.
وبغض النظر عن أهداف أركان الحكومة الإسرائيلية من ارتكاب هذه الجرائم سواء لغايات انتخابية أو عسكرية لقمع الفلسطينيين واغماد جدوة مقاومتهم أو اخافتهم من عواقبها. فإنًّ الأمر زاد من الإحباط العام لدى الفلسطينيين. وفي ذات الوقت بدأت الأصوات أكثر وضوحاً وارتفاعاً لمطالبة قوات الأمن الفلسطيني والسلطة الفلسطينية بمواجهة اقتحامات قوات الاحتلال الإسرائيلية لمناطق سيطرتها.
هذه الأحداث والمطالبات تأتي في ظل احباط عام لدى الشارع الفلسطيني بنظرته للسلطة الفلسطينية ذاتها التي يرى حوالي ثلثي المواطنين في الضفة الغربية (60%) أنَّها أصبحت عبءً على الشعب الفلسطيني، وفقا لنتائج استطلاع الرأي العام الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر حزيران/ يونيو الفرط، وأنَّ التصويت في انتخابات جامعة بيرزيت لصالح الكتلة الطلابية التابعة لحركة حماس لم يكن تحولاً شعبياً نحو تأييد حركة حماس بقدر ما جاء احتجاجاً على أداء السلطة الفلسطينية (62%). يأتي ذلك مترافقاً مع ضعف قدرة الحكومة الفلسطينية، وفقا لرأي الجمهور الفلسطيني، بالدفع نحو المصالحة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة؛ حيث أشار 73% منهم أنّها لن تنجح، كما أنَّ ثلاثة أرباع الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية يرى أنَّها غير قادرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية. ناهيك عن أنَّ ثلث (32%) المواطنين في الضفة الغربية يرون أنَّ تفشي الفساد هي المشكلة الأساسية الأولى التي تواجه المجتمع الفلسطيني اليوم، وأنَّ الثانية تفشي البطالة وانتشار الفقر بـ 23%.
يترافق ذلك مع احباط واسع لدى المواطنين الفلسطينيين من الخيارات السياسية المحتملة؛ فثلثي المواطنين (66%) في الضفة يعارضون خيار حل الدولتين وبنسبة أعلى (74%) في القطاع، وحوالي 70% من المواطنين يرون أنَّ حل الدولتين لم يعد ممكنا بسبب التوسع الاستيطاني (63% في الضفة و79% القطاع). ويعتقد غالبية المواطنين (77%) أنَّ فرص قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ضئيلة وضئيلة جداً في الأعوام الخمسة القادمة. كما أنَّ أغلبية واسعة من المواطنين (73%) يعارضون المطالبة بحل الدولة الواحدة (ترتفع هذه المعارضة إلى 79% في القطاع مقارنة 71% في الضفة).
يتوقع أكثر من نصف الفلسطينيين (54%) في الضفة الغربية انتشار أعمال المقاومة المسلحة، و(43%) يرون أنَّها الطريقة الأفضل لتحقيق الأهداف الفلسطينية المتمثلة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية. كما تأييد أغلبية من 46% من سكان الضفة اللجوء للانتفاضة المسلحة بديلا عن الوضع الراهن. ويرى 46% من المواطنين أنَّ العمليات الفردية ضد المدنيين الإسرائيليين داخل إسرائيل تساهم في خدمة المصلحة الفلسطينية، وبنسبة قريبة تؤيد هذا النوع العمليات (44%).
إنَّ هذه المعطيات؛ بالإضافة إلى فقدان الأمل بإنهاء الاحتلال وفي المستقبل في ظل استمرار الاحتلال بسلسلة جرائمه ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وبتهويد مدينة القدس وبالاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وباستسهال إراقة الدم الفلسطيني لحسابات انتخابية اسرائيلية داخلية للحصول على أصوات اليمين واليمين المتطرف في المجتمع الإسرائيلي، وزيادة الإحباط الداخلي والاحتقان الشعبي، تشير إلى قرب الانفجار أو الذهاب إلى مواجهة مفتوحة أكثر عنفاً.