خرم إبرة
أسبوع دموي عاشه شعبي الفلسطيني ضمن الملحمة التاريخية التي يعيشها تحت الاستعمار الكولونيالي، في ظل خنوع وانبطاح عالمي وعربي وإسلامي، وصمت المؤسسات والهيئات الدولية، وكأن الدماء والعذابات اليومية التي نعيشها هي خارج مفاهيم حقوق الإنسان!!
من شهداء غزة وقصصهم التي تقشعر لها الأبدان، إلى شهداء نابلس الذين قاموا بتعرية أقوى جيوش العالم بصمودهم الأسطوري وإيمانهم بالقضية الفلسطينية، وشعبنا بشكل يومي يواجه وحده أقسى احتلال عرفه التاريخ، رغم كل المؤامرات التي تحاك ضده من خلال الإمبريالية الأميركية، التي كان آخرها ما تمّت تسميتها اتفاقيات أبراهام.
فما بين اتفاقيات أبراهام والشهيد إبراهيم النابلسي تكمن الرواية التي يجهلها العالم، فلسطين ليست صفقة براميل نفط، وليست شارع «وول ستريت» المختص بالمال والبورصة في الولايات المتحدة الأميركية. فلسطين من وجهة نظر إبراهيم الفلسطيني هي أمه التي يحبها، فهل تباع الأم أو تستبدل بمكتسبات زائفة تحت السيطرة الاحتلالية الكاملة لحقنا بتقرير المصير؟!
إذا ما نظرنا إلى الثّلة التي تحيط باتفاقيات أبراهام وإخوة بارودة إبراهيم، سنجد فروقات أهمها الخوف الذي لا يعرف طريقه إلى قلب إبراهيم وإخوانه، أما الآخرون فيتّحدون مع عدوهم باستحضار الخطر الإيراني إلى المنطقة من بوابة خلق الذريعة الأمنية لمواجهتها؛ من أجل حماية أنفسهم ببيعهم عروبتهم، فيمحون قصيدة فخري البارودي بلاد العرب أوطاني، ليصبح الفلسطيني وحده في حالة ضياع وتيه، لتختلط عليه المفاهيم الوطنية والقومية والعروبية والإسلامية، ليتحول كل ذلك إلى امتيازات، وتحويل منطقة الخليج العربي إلى بوابة عبور للاحتلال الإسرائيلي إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في علاقاتها مع دول شرق آسيا، أو استخدامها للوصول إلى إفريقيا.
إبراهيم النابلسي سلك طريقه في زمن اختار الكثيرون منّا التوجه إلى الطريق المُعاكس له، ما جعلنا نبحث عن الأمل الضائع، والبطل المفقود في الزمن الحالي، الذي أصبح عنوانه الفشل في إتقان اللافعل بالعمل السياسي والدبلوماسي الدولي، لنكون ملفاً تبعياً وليس القضية الأولى، على الرغم من استمرارية دعم بعض الدول في إسنادنا بمختلف المحافل الدولية، وعلى رأسها الأردن، الكويت، الجزائر، تونس.
اتفاقيات أبراهام أغرت إسرائيل بالمضي قدماً في اضطهاد حقوق شعبنا الفلسطيني، وأشهرت أنيابها بشكل أكبر على قضيتنا، بالتالي كشفت عن طبيعتها الاستعمارية بشكل مفضوح أكثر ودون خوف من أحد، لكن لم يكن بحسبان المهندس الأبرز للاتفاقيات «جاريد كوشنر» - صهر الرئيس الأميركي السابق ترامب - وعلى الرغم من إنشائه مركز أبحاث (Think tank) ضخم باسم «مركز أبحاث اتفاقيات أبراهام للسلام»، ومقره في واشنطن، أن أبراهام سيواجهه صيرورة جيل يخلف أجيال مع كل من إبراهيم في رفح، إبراهيم في جنين، إبراهيم في جباليا، إبراهيم في طولكرم، إبراهيم في الخليل، إبراهيم في بيت حانون...كلهم في هيئة إبراهيم النابلسي.