في زمن المتغيرات المتسارعة الجارية بالعالم اليوم  والهجمة المستعرة الوحشية على شعبنا وقضيتنا ومنظمة التحرير وتراثها الثوري التاريخي، وعلى أثر متغيرات التحالفات بالاقليم خاصة بعد ما سمي باتفاقيات التطبيع المجانية "ابراهام" والمحاولات المحمومة من الإدارة الأمريكية في محاولات ترتيب أوضاع المنطقة بما يخدم الغطرسة الاسرائيلية ورؤيتها الاستعمارية خاصة فيما حاول بايدن القيام به من خلال زيارته الأخيرة، التي عاد منها دون ان يحقق كل مراده سوى تعزيز التحالف الاستراتيجي مع دولة الاحتلال بهدف استدامة احتلالها، حتى يأتينا المسيح المنتظر الثاني ليلبي مطالبنا وفق ما أخبرنا به هذا الرجل الصهيوني العجوز "بايدن". 
 
أمام هذا الواقع ومقولات حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها التي باتت تتكرر من كل الغرب في تجاهل واقع واضح بأن إسرائيل تدافع عن استمرار احتلالها واضطهاده لشعبنا، فإن حركات الشعوب والتضامن الدولي هي التي تُكسبنا دفعات وطاقات جديدة من خلال التشبيك والتعاون بالعمل معها من أجل المزيد من فضح عنصرية الاحتلال وجرائمه والذي تعاني دولته أزمة حكم وتضارب مصالح داخل البيت الصهيوني أيضا في زمن المنافسة الانتخابية الحالية فيها بين قوى اليمين والأكثر يمينية وتطرفا على حساب حقوق شعبنا ودمائه، وتوجه مجتمعها اكثر نحو الفكر العنصري الفاشي.
 
ومن أجل محاصرة ومواجهة هذه السياسات الصهيونية بالمنطقة في ظل كل اشكال الدعم والمساندة الامريكية الرسمية تحت مبرر حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها، وإلتى بات الاتحاد الأوروبي يكررها أيضا.  وأمام مضمون وآثار هذه المواقف والتوجيهات والسياسات لدى الغرب وحكوماته الرسمية، فقَدرُنا هو أن نكون بين الشعوب ومع حركاتها ضد النظام المتوحش والعنصرية والاضطهاد والاستغلال أينما كان ذلك قائما في هذا العالم. 

مكاننا ان نكون جزء من هؤلاء وان نساندهم كي يساندونا، دورنا ان نقاتل من أجل كرامة فلسطين ومن أجل الحريات ومبادئ الإنسانية جمعاء وتقدمها في هذا العالم، ان نكون مع من يقاتل لاجلنا ولاجل قضايا العدل والحق أيضاً، دورنا ان نبحث عن أصحاب المبادئ والسياسات المشتركة معنا بالعالم من دول وأحزاب وقوى اجتماعية تقدمية التي تتفق مع مطالبنا وحقوقنا المشروعة الغير قابلة للتصرف ونطور علاقاتنا معها وإلتي تقف الى جانب حريتنا في هذا العالم دون نفاق سياسي او ازدواجية معايير.

 أن الأمر برمته يجب أن يتعلق  باستمرار كفاحنا في رفض الاحتلال من حيث المبداء ودحره كجريمة مستمرة منذ ٥٤ عاماً، بعد أن اتموا صفحات النكبة الأولى كجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان منذ ٧٤ عاماً، بما تشكله تلك الجريمتين وما بينهما حتى اليوم من انتهاكات للقانون الدولي ولكافة القرارات الأممية ، ومحاولة لتنفيذ المشروع الصهيوني الاستيطاني الاحلالي برمته في كل ارض فلسطين التاريخية  ، كجريمة مضافة تستهدف الحقوق الغير قابلة للتصرف لشعبنا الفلسطيني وفي مقدمتها حق تقرير المصير.

أن الحرب الوحشية العدوانية في أشكالها الأخيرة أن كان في غزة او جنين ونابلس وفي كل المدن والقرى والمخيمات الصامدة، هي تفاصيل وتداعيات لاستمرار تلك الجريمة المترتبة عن الاحتلال نفسه  ومحاولات استدامته من خلال القتل والتدمير والاستيطان. 
 
لذلك وامام هذا العدوان المستمر الغير منتهي حتى اليوم، علينا الاستمرار بتصعيد معركتنا ضد الاحتلال برمته كجريمة أمام المجتمع الدولي حتى لا يضيع العالم بتفاصيل في ظل اهتماماته بالقضايا الناشئة امامه، وحتى نسير قدماً في دحر هذا الاحتلال البغيض بكل ما نملك من أوراق حق وعلاقات مع قوى الحرية في هذا العالم وأمام هيئة الأمم ومنظماتها الدولية والحقوقية والمحاكم الجنائية الدولية، حتى لا نتراجع إلى الوراء او نبقى ندور في نفس الحلقة من لعبة إدارة الصراع التي يرغبون ان يبقوننا فيها، وفي خداع العالم بما يسمى تسهيلات هنا او هنالك ، دون انهاء مسبب عدم الاستقرار الاساس المتمثل بالاحتلال. 

إن ذلك يجب ان يكون اولوية الآن ضمن العمل مع شبكات التضامن الدولي للشعوب للتاثير في استمرار الضغط على حكومات الغرب من جماهير شعوبها، من خلال العمل الدبلوماسي المقاوم المتكامل بعيدا عن النعومة الفائضة التي لا تؤتي بثمار، وتفعيل أشكال مقاومتنا الشعبية بالوطن وتوسيع قاعدة المشاركة الجماهيرية بتفعيل دور القوى الوطنية وممارسة كل أشكال الديمقراطية والبناء المؤسساتي ووضع البرامج الكفاحية وحشد دور سفاراتنا وجماهيرنا واطر جالياتنا وفعالياتنا ورجال أعمالنا بالشتات من خلال استنهاض نفسها وتحمل مسوؤلياتها وتوسيع قاعدة عملها بين اوساط شعبنا والجاليات العربية والمجتمعات الأوروبية وغيرها التي تقيم بها، بما يتوافق مع الرؤية السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية للصمود والكفاح الوطني للمساهمة في تحقيق العمل والرؤية الوطنية المطلوبة خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تتطلب التعاون والتكاثف بين الجميع في غياب اي تجاوب إسرائيلي مع إمكانية وجود أفق سياسي ينهي الاحتلال والاستيطان والتهويد، ذلك أن الاحتلال العنصري لا يفرق بين أحداً وأحد منا ، فالكل الوطني مستهدف بل ووجودنا مستهدف أمام اصرار الإجماع الصهيوني باسرائيل على استكمال تنفيذ رؤيتهم.
 
أن حركتنا الوطنية صاحبة التاريخ من الثورات والانتفاضات وإلتى قدمت على مدار ٧٤ عاما وما قبل من الظلم التاريخي والاضطهاد مئة الف شهيد وأكثر، هذه الحركة التي ما زالت تستكمل مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال بكل ما لها وما عليها في كافة المراحل كأي ثورة اخرى،  وإلتى استندت في رؤيتها وكفاحها لتجارب من فكر إنساني ثوري تقدمي متعدد الاصول ولنضالات حركات وطنية تحررية صديقة كانت قد حققت انتصاراتها، فالضرورة تقتضي أن لا تقتصر علاقاتنا وعملنا بالخارج مع حكومات الدول فقط رغم أهميتها. 

إن العالم لم يعد كما كان والتاريخ يسير في حلقة لولبية ولا يقف عند نقطة معينة ولا ينتظر أحداً.

كما أن هنالك متغيرات تجري وتفرض بحركتها واقعا جديدا على النظام العالمي الذي باتت ملامحه اكثر وضوحا اليوم، هذه المتغيرات يرافقها نهوضا شعبيا  ضد كل أشكال الاستغلال والعنصرية والاضطهاد أينما كان في هذا العالم واي كانت أشكاله، وأن حركة هذا النظام العالمي الجديد الذي سيتسع لاقطاب عدة تنهي الهيمنة الأمريكية، سيفتح المجال أمام أفق سياسي جديد لقضية شعبنا ومسيرة كفاحه، خاصة مع بداية ظهور تباينات سياسية بين اقطاب الاتحاد الأوروبي تهدد استمرار وجوده بالشكل القديم وتفتح آفاقا للخروج من التبعية للسياسات الأمريكية مع بداية الشتاء القادم نتيجة ارتداد سياسة عقوباتها العقيمة ضد الاتحاد الروسي. 

ورغم سياسة الهيمنة والعربدة الصهيو أمريكية في هذا العالم  والتي استمرت لعقود، وممارسة ابشع انواع الابتزاز السياسي من خلال استغلال مسالة معاداة السامية وربطها الدنيئ بمعاداة الصهيونية في محاولة لفرض وقائع سياسية على عدد من الدول والأحزاب في هذا العالم بمساعدة المال اليهودي الصهيوني  الا ان الشعوب والقوى التقدمية باتت تدرك مخاطر تلك الادعاءات الزائفة واخذت تُلحق بحلفاء الحركة الصهيونية من اليمين حول العالم خسائر أمام فوز قوى اليسار والتقدم أن كان بأوروبا او بأمريكيا اللاتينية التي اعتبرتها الادارات الأمريكية كحديقة خلفية لها.

لذلك علينا اليوم التوجه إلى هذه الشعوب المتحركة واحزابها أينما كان والمساهمة الفاعلة مع اصدقاؤنا فيما يدعوا هم له من احتجاجات ضد الاحتلال او العنصرية واستغلال مسألة عدم قدرة المجتمع الدولي اليوم على استمرار تحمل عبئ إسرائيل كدولة احتلال وابرتهايد مارقة فوق القانون، كذلك عدم قدرة الانظمة السياسية الحاكمة حتى في أوروبا بتجاهل المطالب الشعبية وقوي الرأي العام و أحزاب المعارضة، بل وحتى اوساط من قاعدة تلك الاحزاب الحاكمة نفسها، وأن نتخذ مواقف من سياسات الحروب الأمريكية بالوكالة من خلال الناتو او الاستفزازات الأمريكية ضد عدد من الدول التي قدمت الدعم السياسي لنا على مدار سنوات طويلة واصبحت اليوم تَصعد كقوة عظمى جديدة لتعيد التوازن للنظام العالمي المتداعي بشكله السابق.

ذلك من أجل تفعيل دورنا بين قوى الشعوب السياسية والاجتماعية التي لا توالي الأستعمار ومبادئ الظلم والاضطهاد او دولة الأحتلال التي يصفها البعض بالغرب "بالديمقراطية الوحيدة بالشرق الاوسط "، كيف لا وثورتنا كانت تحمل راية لواء حركات التحرر العالمية لعقود طويلة، وأن الاحتلال والعنصرية لا يتفقان مع مبادئ الديمقراطية او مع اسس نشؤ الاتحاد الأوروبي نفسه.

دورنا ان نستنهض قوى برلمانية، نقابية، حزبية، بلديات ومنظمات جماهيرية ضاغطة على الحكومات في كل العالم، لان الحكومات متغيرة وتحديدا الأوروبية منها حتى نستفيد من تأثير هذا الضغط في علاقاتنا الثنائية مع تلك الدول وحتى لا تتراجع مواقفها الرسمية او تتدحرج إلى الوراء ببطء.

وفي هذا السياق هنالك ضرورة دائمة لقراءة دروس التاريخ وعِبَرها وتقيمها في كل مرحلة من محطات مرحلة التحرر الوطني التي ما زلنا نسير فيها بما تحمله من تعقيدات لم تشهدها حركات تحرر وطنية أخرى بالعالم، حتى نتجاوز سلبيات العمل أو اسباب الاخفاق في بعض القضايا.

لكن علينا ان نبتعد عن النظر من زاوية سوداوية واحدة، فهنالك ما هو دائما مشرق بمقابل ذلك، علينا الاستفادة من تلك المتغيرات الجارية بالعالم  وذلك الضؤ حتى ولو كان ما زال باهتاً، فكلما اقتربنا منه يصبح اكثر اشعاعاَ، وهنا اكرر ما كان المؤسس والقائد الشهيد ابو عمار يقوله دائما، "يرونها بعيدة ونراها قريبة ، وانا لصادقون".

ومن أجل تفعيل دورنا بين قوى الشعوب السياسية والاجتماعية التي لا توالي الاستعمار ومبادئ الظلم والاضطهاد او دولة الاحتلال خاصة وان ثورتنا كانت تحمل راية لواء حركات التحرر العالمية لعقود طويلة، دورنا ان نستنهض كما قلت كافة قوى الشعوب الحية  لاستغلال اليات تضغط بها  على حكوماتها في كل العالم، لان الحكومات متغيرة وتحديدا الأوروبية منها حتى نستفيد من تأثير هذا الضغط في علاقاتنا الثنائية مع تلك الدول وحتى لا تتراجع مواقفها الرسمية او تتدحرج إلى الوراء كما هو حاصل مع بعض الدول.