صدى نيوز - انخفض اليورو تحت عتبة التكافؤ مع الدولار، اليوم الإثنين، في مطلع أسبوع محفوف بالمخاطر للعملة الموحّدة، بين مؤشرات قد تثبت آثار ارتفاع أسعار الطاقة واجتماع حكام المصارف المركزية في الولايات المتحدة، إذ تدنّى اليورو إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار، منذ بدء التداول به في عام 2002، في ظلّ أزمة الطاقة التي تهدّد بركود في أوروبا.

ويبدو أن الهدنة الصيفية التي شهدت تراجع الدولار عن مستوياته العالية الأخيرة، لم تدم إذ انخفض اليورو 0,40% إلى 1,0003 دولارات في الساعة 12,37 بتوقيت غرينتش.

تراجُع في البورصات الأوروبيّة والأميركيّة

وتكبّدت البورصات الأوروبية والأميركية خسائر تخطّت 1%، في ظلّ المخاوف من ركود ناجم عن ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، وبانتظار الاجتماع السنوي لحكّام المصارف المركزية في نهاية الأسبوع.

وتراجعت المؤشّرات بنسبة 2,26 % في فرانكفورت و1,84 % في باريس و1,81 % في ميلانو و0,45 % في لندن، قرابة الساعة 14,00 بتوقيت غرينتش.

أما على الصعيد الأميركي، فانخفض مؤشّر "داو جونز" بنسبة 1,16 %، في مقابل 1,72 % لـ"ناسداك" و1,44 % لمؤشّر "إس أند بي 500" الموسّع.

وكان الأداء الأسبوعي للأسواق المالية إيجابيا حتّى الأسبوع الماضي، على أمل أن يكون الاحتياطي الفدرالي الأميركي الذي رفع أسعار الفائدة لأربع مرّات منذ آذار/ مارس أقلّ صرامة. لكن، بما إن التضخّم ما زال قائما وهو يحدّ من القدرة الشرائية للأفراد ويضيّق على الشركات، تركّز المصارف المركزية حاليا على ضرورة لجم ارتفاع الأسعار، حتّى لو كان ذلك يثير خطر ركود.

وينتظر المستثمرون على أحرّ من الجمر الملتقى السنوي لحكّام المصارف المركزية في جاكسون هول في الولايات المتحدة الذي يعقد في نهاية الأسبوع، تحت رعاية الاحتياطي الفدرالي الأميركي.

ويترقّبون خصوصا مداخلة رئيس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باويل، الجمعة، عند قرابة الساعة 14,00 بتوقيت غرينيتش.

وواصلت أسعار الغاز ارتفاعها في ظلّ الانقطاعات الجديدة المؤقّتة في إمدادات الغاز الروسي عبر خطّ "نورد ستريم 1"، ما أجّج مخاوف من تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا.

وتدنّى اليورو الاثنين إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ بدأ التداول به في 2002، في ظلّ أزمة الطاقة التي تهدّد بركود في أوروبا.

وأما الدولار، فاستفاد من قرارات الاحتياطي الفدرالي الأميركي المتتالية لرفع سعر الفائدة، في حين خسر اليورو 0,84 % من قيمته قرابة الساعة 15,25 بتوقيت غرينيتش ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 2002 بواقع 0,9951 دولار.

"السيف المسلط فوق رأس أوروبا باق"

وتجعل قوة الدولار الواردات أكثر كلفة خاصة بالنسبة للمواد الأولية مثل النفط الذي يحدد سعره بالدولار، مما يزيد من التضخم المضر بالمستهلكين والشركات.

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن المحلل في شركة "أواندا"، كريغ إيرلام قوله: "أوروبا تستعد لإغلاق آخر لخط أنابيب نورد ستريم 1 في وقت لاحق من هذا الشهر".

وحذرت شركة الغاز العملاقة غازبروم من أن شحنات الغاز ستتوقف من أجل "أعمال الصيانة" من 31 آب/ أغسطس إلى 2 ايلول/ سبتمبر ما قد يؤجج مجددا المخاوف من حدوث نقص في أوروبا التي تتهم روسيا بانتهاج سياسة الابتزاز في مجال الطاقة.

ونتيجة لذلك ارتفع سعر الغاز الأوروبي (العقد الآجل الهولندي TTF) مرة أخرى ووصل اليوم إلى 292,995 يورو لكل ميغاواط ساعة مقتربًا من أعلى مستوياته على الإطلاق منذ الأيام الأولى من غزو روسيا لأوكرانيا.

وحذر كيت جوكس المحلل لدى سوسييتيه جنرال من أن "السيف المسلط فوق رأس أوروبا باق".

وأضاف أن اليورو يتعافى دائمًا بعد وصوله إلى حد التكافؤ مع العملة الخضراء، لكن "مؤشرات مديري المشتريات الضعيفة الثلاثاء قد تكون كافية لتثبيت اليورو تحت الدولار".

في الجانب الآخر من الأطلسي، رغم التراجع الطفيف في معدل التضخم في الولايات المتحدة في تموز/ يوليو، أكد الاحتياطي الفدرالي أنه سيواصل سياساته لتشديد سياسته النقدية.

وأعلن أولريش لوختمان المحلل لدى Commerzbank أن "الفرصة الجديدة للاحتياطي الفدرالي لإقناع السوق ستكون ندوة جاكسون هول" في نهاية الأسبوع.

وفي حين أن الاقتصاد الأميركي متأثر أقل من أوروبا بالحرب في أوكرانيا، فإن للاحتياطي الفدرالي هامش مناورة أكبر للتحرك من البنوك المركزية الأوروبية.

كما عاد الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له منذ تموز/ يوليو.

وقال المحللون لدى OFX "لقد كان عامًا سيئًا للجنيه الإسترليني والذي يتراجع حتى أمام اليورو، بينما رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة في كل اجتماع" منذ نهاية 2021.

وعلى الرغم من هذه الزيادات، تجاوز معدل التضخم البريطاني 10% خلال عام واحد وهو الأعلى في مجموعة السبع بسبب الحرب في أوكرانيا، وتداعيات الوباء وكذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي يشدد سوق العمل ويزيد من اضطراب سلاسل التوريد في المملكة المتحدة.

في منتصف تموز/ يوليو وصل الجنيه إلى أدنى مستوى له امام الدولار منذ بداية 2020 في الأشهر الأولى من تفشي الوباء. قبل ذلك لم تنخفض العملة البريطانية تحت عتبة 1,18 دولار منذ عام 1985.

اقتصاد بريطانيا سجل أكبر انكماش في أكثر من 300 عام

وفي سياق ذي صلة، كشفت بيانات رسمية محدثة، اليوم الاثنين، أن الاقتصاد البريطانيّ، قد سجل أكبر انكماش في أكثر من 300 عام في 2020 عندما عانت البلاد وطأة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وكذلك تراجع أكبر من أي اقتصاد آخر بين الاقتصادات المتقدمة.

وذكر مكتب الإحصاءات الوطنية أن الناتج المحلي الإجمالي هبط بنسبة 11.0 في المئة في 2020. وكان هذا هبوطا أكبر من أي تقديرات سابقة للمكتب، والانخفاض الأكبر منذ عام 1709، بحسب بيانات تاريخية من بنك إنجلترا المركزي، وفق ما أوردت وكالة "رويترز" للأنباء.

ويقوم الإحصائيون البريطانيون بشكل دوري، بتحديث تقديرات الناتج المحلي الإجمالي عندما يتوفر المزيد من البيانات. وكانت التقديرات الأولية لمكتب الإحصاءات الوطنية قد أشارت بالفعل إلى أنه في 2020 عانت بريطانيا أكبر هبوط في الإنتاج منذ عام 1709. لكن المكتب عدل مؤخرا بالخفض نطاق الهبوط إلى 9.3 بالمئة، وهو الأكبر منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.

وحتى قبل أحدث التعديلات، فإن تراجُع الاقتصاد البريطاني كان الأكبر بين مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى، ووفقا لأحدث تعديل فإنه كان تراجعا أكبر مما شهدته إسبانيا التي سجلت هبوطا بلغ 10.8 بالمئة في الإنتاج.

وسجل الاقتصاد البريطاني ارتدادا صعوديا حادا العام الماضي، واستعاد حجمه قبل الجائحة في نوفمبر تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. لكن زيادة سريعة في التضخم تعني أن بنك إنجلترا يتوقع أن ينزلق الاقتصاد إلى الركود في وقت لاحق هذا العام.