أفقد الزعيم الشعبي الديني الشيعي العراقي، مقتدى الصدر، نفسه وجماعته ومؤيديه قوتهم التنظيمية وتأثيرهم السياسي حينما:
1- طلب من نواب كتلته البرلمانية يوم الخميس 9/6/2022 تقديم استقالاتهم، رغم أنهم الكتلة البرلمانية الأكبر نتاج انتخابات يوم 10/10/2021.
2- حينما طلب من جماهيره يوم الثلاثاء 30/8/2022، التراجع عن الاعتصام من أمام وقلب المجلس النيابي، وأكثر من ذلك طالبهم بعدم تجديد التظاهرات.
وبذلك فقد الكثير من قدرته على التأثير، وأكثر من ذلك قدم هدية مجانية لكتلة الإطار التنسيقي الذين سبق وهُزموا في الانتخابات، فعادوا ودخلوا البرلمان كبديل لأعضاء التيار الصدري المستقيلين، فأصبحوا كتلة مقررة في البرلمان، ولهذا تمسكوا بمطلبَين معلنَين لهما وهما:
1- رفض حل البرلمان، وحكماً رفض إجراء انتخابات نيابية جديدة غير مضمونة النتائج بالنسبة لهم؛ بعد هزيمتهم في الانتخابات الأخيرة في شهر تشرين الأول 2021.
2- التمسك بمرشحهم محمد شيّاع السوداني لرئاسة الحكومة، وإعطاء الأولوية لتشكيل الحكومة، ما سيزيد من نفوذهم السياسي ليكونوا شركاء في صنع القرار البرلماني والحكومي مع كتلتي السنة والكرد.
الخطيئة السياسية التي ارتكبها مقتدى الصدر بحق نفسه وجماعته ونفوذه، لم تجد التعاون أو التفهم من كتلة أحزاب الإطار التنسيقي الشيعية، والبحث عن قواسم مشتركة، أو قطع نصف الشوط عبر إيجاد أرضية من الخطوات لوحدة الموقف الشيعي بين كتلة التيار الصدري وكتلة تحالف أحزاب الإطار التنسيقي، التي تمسكت بمواقفها بما يتعارض مع رغبة ومواقف وتطلعات التيار الصدري.
الصدر تعرض لضغوط من المرجعية الدينية أجبرته على التراجع عن خطوات التصعيد وعن اندفاعه ضد الأحزاب المؤيدة لإيران، وباتت جماهيره بلا قائد، بلا تنظيم، بلا برنامج، واستغلت أدوات إيران هذه النتيجة المفتوحة على الاحتمالات المتعددة:
أولاً: قد تصل أحزاب الإطار، بعد أن غدت كتلة برلمانية وازنة، إلى تفاهم مع الكتلة السنية والكتلة الكردية ويشكلون حكومة ائتلافية، ليس للصدر فيها التأثير أو القبول، وهي التي تقرر الخطوات السياسية التنظيمية اللاحقة في الانتخابات، وفي الأولويات السياسية، وتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية.
ثانياً: انفجار الوضع الشعبي احتجاجاً على فشل الحكومات المتعاقبة، منذ الاحتلال عام 2003 إلى الآن، في حل مشاكل العراق المعيشية والاقتصادية وسياسات المحاصصة التمزيقية.
كما ستسمح هذه المعطيات لمزيد من التدخل الإيراني الذي لن يقبل التنازل عما وفره لها الاحتلال الأميركي بالصيد الثمين الذي أدى إلى ابتلاع العراق، أو أن تكون طهران شريكة من خلال نفوذها وأدواتها، في صياغة جغرافية العراق السياسية وماهيته ومستقبله.