أثار التقرير الطبي الذي سلمه أطباء مستشفى أساف هاروفيه للأسير المريض بالسرطان ناصر أبو حميد مخاوف جدية على حياته، حيث أشار التقرير إلى أن أبو حميد يعد أياماً قليلة وأنه يحتضر بعد أن فقد جسده النحيل الإستجابة للعلاج ووقف جلسات العلاج الكيماوي منذ حوالي الشهرين، وتفاقم الوضع الصحي لأبو حميد يفتح الباب من جديد حول واقع الأسرى المرضى في سجون الإحتلال وضرورة العمل على إغلاق هذا الملف الذي يخلق في كل مرة المعاناة لذوي الأسير ومن حوله وعلى كل المستويات، وبات ضرورة انسانية ملحة من أجل وقف حصد أرواح الأسرى تباعاً بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد الممنهجة على مدار السنوات بحق الأسرى وعدم إيفاء دولة الإحتلال بأدنى الإلتزامات التي تحتم عليها بوصفها قوة الإحتلال تقديم العلاج الطبي اللازم ومعاينة وإجراء الفحوصات الدورية للأسرى. 
عرفت الأسير ناصر أبو حميد نهاية الثمانيات من القرن الماضي في الوقت الذي كانت الارض الفلسطينية تشتعل بوهج الانتفاضة المجيدة العام 1987، كان ناصر أحد القيادات الميدانية في رام الله والبيرة الناشط في المجموعات الضاربة الشاب الذي تغمره روح العطاء يعمل بتفاني وعطاء بصمت وفي الظل بعمق وبصيرة تغذيها عقلية مسكونة بحب البلاد ما بين ناصر في ذلك الوقت وما قبله فقد تعرض للإعتقال للمرة الأولى وكان عمره لا يتعدى 13 عاماً وما بين ناصر اليوم ناصر الذي لم يعد يقوى على الوقوف والكلام خائر القوى انهكته جلسات العلاج والمرض الخبيث الذي انتشر في أنحاء جسده حتى العظم والدماغ لكن مازال يحملق في الأعلى شامخاً يأبى الإنكسار أمام السجان يتطلع ابو حميد إلى فضاء الحرية الرحب بعيداً عن الاجهزة والتمديدات الطبية التي غزت جسده المنهك ما بين ناصر الفتى، وناصر الكهل ناصر الشاب كثير من المعطيات التي نستقيها من تجربة فريدة من نوعها لأبن قرية السوافير الشمالية المهجر لمخيم النصيرات في غزة إلى مخيم الأمعري قرب رام الله، ناصر محمد يوسف أبو حميد 49 عاماً المولود في تشرين أول 1972 المنحدر من عائلة مناضلة بمعنى الكلمة سُجن جميع أفرادها  واستشهد شقيقه عبد المنعم  مطلع التسعينات، وهدم بيتهم من قبل قوات الإحتلال 5 مرات، وتفي والده وحكم اخوته بالسجن المؤبد، الشاب المندفع أبان الإنتفاضة الأولى المشارك بزخم في فعالياتها المختلفة الذي حمل لواء النضال الناجي من محاولات الإغتيال العديدة المصاب جسده بالرصاص غير مرة، ناصر الشجاع المقدام لم يترك ساحة إلا وعمل فيها ولا معركة لم يشارك فيها دفاعاً عن شعبه وحقه المسلوب اعتقل في مخيم قلنديا مع شقيقه نصر العام 2002 بعد رحلة من مطاردة الإحتلال من بعد إندلاع الإنتفاضة الثانية العام 2000 ونشاطه البارز فيها، تعرض خلال رحلة الإعتقال لتحقيق قاسي ترك أثاره على جسده ثم صدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد 7 مرات إضافة إلى خمسين عاماً في رحلة معاناة جديدة تبدلت فيها ظروف الإعتقال ولكن ظلَ على ذات القيم والطريق الذي سلكه باختياره وإرادته مشاركاً في كل محطات العمل النضالي داخل السجن ممثلاً للأسرى في عسقلان ومدافعاً شرساً عن حقوق الأسير. 
في آب من العام الماضي شعر بألم في صدره تم عرضه على الطبيب ليشخص الورم بالحميد قبل ان يثبت بعدها انتشار الخبيث في الرئة وينتقل على الفور لتلقي العلاج الكيماوي الذي لم يستمر طويلاً بسبب المرحلة المتقدمة من انتشاره وقرار الأطباء وقف العلاج، ومعها تبدأ مرحلة من الخوف والترقب والألم، حزن يخيم على المخيم ذويه لم يعودوا يروا النوم ليس السؤال اذا ما كان ناصر سيلقى حتفه!! وهم مؤمنون بأن الموت حق ولا راد للقدر، ولكن السؤال هل سيوارى الثرى وسيسمح له ان يعيش لحظاته الأخيرة بينهم!! قبل أن يرتقي شهيداً في أي لحظة وهي الأمنية التي ينتظرونها!! رفاق دربه محبيه كل من عرفه ينتظر يجول بمخيلته كل موقف جمعه مع هذا العملاق بفعله،أزقة المخيم التي أحب، دروبه التي سلكها، شريط الذكريات المشحون بكل فعل مثله أو قام به ناصر أبو حمبد الفدائي الذي جاد بعمره من أجل شعبه.
ناصر بهذه المعاناة يجسد اليوم معاناة 23 اسيراً تم تشخيص أورام مختلفة في أجسادهم ومنها السرطان من بين نحو 600 أسير مريض يكابدون شتى صنوف المعاناة والوجع هو اليوم قصة تحاكي ألم جميع الأسرى إذا ترجل قريباً أو بعد حين فإن لزاماً علينا أن نوفيهم حقهم الفعاليات والأنشطة الشعبية في مراكز المدن أمام مقرات المؤسسات الدولية هي رسالة هامة على التمسك بالحياة لناصر في مواجهة شبح الموت المخيم على المكان، لكنها ليست كافية المطلوب تفعيل أدوات الضغط السياسي التحركات المكثفة والحثيثة فكل دقيقة قد تحمل انتكاسة جديدة أو قد تشحذ الأمل وتعيده من جديد، مطلوب إطلاق سراح ناصر أبو حميد لكي يحس بدفء أصابع ولمسات الخنساء أم يوسف وأخواته وإخوته لا أن يعاني برد الثلاجات فهو هزم وتحدى وعانى بما يكفي كي يستريح الآن بهدوء في قبر يضم جسده ويوارى الثرى بما يليق به كثائر ومناضل .
ناصر أبو حميد قادر على البقاء وربما النجاة هذه المرة أيضاً،،،، فمهلاً يا صديقي