صدى نيوز - حقق اليمين المتطرف انفراجة جديدة له في أوروبا، بفوز جورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية أمس في إيطاليا، حيث ستُتاح لحزب تعود جذوره إلى الفاشية الجديدة فرصة حكم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1945.

وميلوني البالغة من العمر 45 عاماً هي سياسية محنكة وصريحة ولديها القدرة على التواصل وتبادل الأفكار.

وعلى الرغم من كونها معروفة بحديثها المتشدد وتماسكها القوي في معاركها السياسية، فإن الصعود الأخير لميلوني باعتبارها المرشحة الأولى بعد انتخابات 25 سبتمبر/أيلول يثير تساؤلات حول مستقبلها كقائدة.

وُلدت ميلوني في حي غارباتيلا الذي تقطنه الطبقة العاملة في روما، وبدأت حياتها السياسية عندما كانت في سن الخامسة عشرة.

فبعد أن بقي في صفوف المعارضة في كل الحكومات المتعاقبة منذ الانتخابات التشريعية في 2018، فرَضَ حزب فراتيلي ديتاليا بزعامة ميلوني نفسه بديلا رئيسيا، وانتقلت حصته من الأصوات من 4,3% قبل أربع سنوات إلى حوالي ربع الأصوات (بين 22 و26%)، وفق استطلاعات الخروج من مكاتب الاقتراع الأحد، ليُصبح بذلك الحزب المتصدر في البلاد.

في حين أعلنت ميلوني، المعجبة بالزعيم الفاشي بينيتو موسوليني، أنها ستقود الحكومة المقبلة.

كما اعتبرت بتغريدة على تويتر "أن أوروبا قلقة لرؤية ميلوني في الحكومة".

وأردفت " انتهى العيد.. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية".

لكن ما الذي يعنيه هذا الفوز؟!

لا شك أن تقدم اليمين المتطرف سيشكل زلزالا حقيقيا في إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة لأوروبا وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، إنما كذلك في الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر إلى التعامل مع السياسيّة المقربة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

فعلى الرغم من تهديد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن لدى الاتحاد الأوروبي "أدوات" لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة"، إلا أن ميلوني كانت واضحة "انتهى العيد"!.

فقد نجحت ميلوني المعجبة سابقا بموسوليني والتي ترفع شعار "الله الوطن العائلة"، في جعل حزبها مقبولا كقوة سياسية وطرح المسائل التي تحاكي استياء مواطنيها وإحباطهم ببقائها في صفوف المعارضة في وقتٍ كانت الأحزاب الأخرى تؤيد حكومة الوحدة الوطنية بزعامة ماريو دراغي.

وأيا تكن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات لتتولى مهماتها اعتبارا من نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فهي تواجه منذ الآن عقبات عدة على طريقها.

لعل أهمها ملف المهاجرين والحدود، إذ سيؤدي وصول ميلوني إلى السلطة إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنويا عشرات آلاف المهاجرين، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تغيث مهاجرين سرا يعبرون البحر في مراكب متداعية هربا من البؤس في إفريقيا.

كما سيتحتم عليها معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه البلاد دينا يمثل 150% من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان

فإيطاليا بحاجة ماسة لاستمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد كوفيد-19 والتي يمثل هذا البلد أول المستفيدين منها وبفارق كبير عن الدول الأخرى.

وفي هذا السياق، أوضح المؤرخ مارك لازار لوكالة فرانس برس أنه "لا يمكن لروما أن تسمح لنفسها بالاستغناء عن هذه المبالغ المالية"، معتبرا أن "هامش التحرك أمام ميلوني محدود جدا" على الصعيد الاقتصادي.