قتل الرضع هو أحد أشكال العنف النادرة التي تمارسها النساء أكثر من الرجال، ولا عجب في ذلك، فالنساء هم عادة الأكثر استثمارا أو تورطا في العناية بالرضيع، وفي الغالب ما يكون هناك مرض نفسي يسبب تلك الفاجعة، كما أن هذا العنف يرتبط بالفقر، ومرض وتشوّه الوليد، أو عدم الرضا عن جنسه، والأهم من ذلك هو غياب الدعم والمساعدة من الوالد.
هناك عدة نظريات وأسباب مختلطة تؤدي إلى هذا العنف المنافي للفطرة، تتضمن علاقه الأم بوالديها وإسقاط مشاعر مكبوتة على الطفل والتعلق غير الآمن ووجود اضطراب نفسي يؤثر على الإدراك كالذهان أو يعتم النظرة إلى الحياة كالاكتئاب.
حدثتني، على سبيل المثال، أم تعاني من الذهان بأن ابنها هو الأعور الدجال وأنه سيكون سببا في فتنة الأمة عندما يكبر، وقالت لي أخرى تعاني من الاكتئاب بأنها نادمة أشد الندم على أنها أنجبت طفلا إلى هذه الحياة المليئة بالحروب والشرور، وأنه سوف يتعذب كثيرا في حياته المستقبلية قبل موته الحتمي في النهاية. في كلتا الحالتين كانت هذه الكلمات جرس إنذار بالنسبة لي كطبيبة تحذرني من احتمالية إيذاء هاتين الوالدتين لأطفالهن.
إن ملاحظة الأهل لمزاج الأم حديثة الإنجاب وأفكارها وتصرفاتها والانتباه إلى علاقتها بالطفل، وإتاحة الفرصة لها للحديث حتى عن الأشياء غير المرحب بها اجتماعيا كعدم محبتها أو ارتباطها بمولودها، هي أمور ضرورية لاكتشاف حاجة هذه الأم للعلاج النفسي. كما أن الاستعجال في علاج الوالدة التي تعاني من حالة نفسية بعد الولادة، ودعم دورها كأم ومساندتها في أعباء مسؤولياتها الجديدة، واحتضانها هي ووليدها من قبل الأب والأسرة كفيل بتجنب حدث أليم يؤثر على الرضيع وعلى العائلة بشكل أبدي كما يضمن للطفل وللعائلة بكل أفرادها ما يلزم من الراحة والإطمئنان.