أدت حكومة الدكتور محمد اشتية اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني في مقر الرئاسة ومُنحت الثقة في  13 أبريل 2019، ما لبثت تجلس وزاريا على كراسيها , تجهز استراتيجية مرحلة حكم مهامها كعنوان ,الإختلاف تغيرا والنهج إصلاحا , تتمثل في تشكيلتها وكأن طابعها تكنوقراطي التوجه , جلست تفكر بتجهيزات خطة المائة يوم , تستنفر عجلة الزمن وتصرخ في وجه الواقع , وإذا بها تجد من الواقع رياح عصف وكثبان رمال متلاطمة كأنها أمواج عاتية وصرخات متطلبات قاسية , جلست تفكر بالواقع لما سبق فوجدت القسوة فيما لحقت .

لم تعهد أنها حكومة مختلفة القدر والامتحان , جلست تجهز نفسها بواقع ما تملك مثل غيرها , فجاءت مفاجئة القدر , كورونا أزمة عالمية هددت البشرية, قلصت الموارد الحكومية للنصف والصادرات السيلية, موارد الحكومة تقلصت , احتياجات المواجهة تصاعدت , إمكانات الحكومة أمامها تقزمت , لتعيش لحظات قاسية , إغلاقات ومصروفات متراكمة , في  عهد لم نعهده , العالم كله يبحث عن نفسه في مواجهة ما عصف بواقعه , في عامها كان الإتحاد الأوروبي يعيش أزمة كبيرة مع السلطة الفلسطينية , كانت قطع المساعدات الأوروبية في سنة تسلم الحكومة مهامها , إسرائيل تعلق مقاصة الصرف مع السلطة بعد قرار الخصم والسرقة, نتيجة قرار رئيس السلطة بمواجهة التقليص والقطع المتكرر لأموال المقاصة , نهب مال الشعب  بحكم  جمع مال المقاصة من قبل الاحتلال, قطع مخصصات الأسرى أو خصم مقابل تعويضات لمحاكم التفتيش والجور والظلم , محاكم التعويضات الإسرائيلية. 

ما ان تخرج الحكومة  من أزمة إلا وأخرى تنتظرها , تخرج من أزمة وقف المساعدات الأوروبية لأزمة كورونا وما قبلها خصومات إرهاب إسرائيلية , من أموال المقاصة , ناهيك عن تلبدات خيم عدم المعرفة وقلة الخبرة في مواجهة جائحة كوفيد19 العالمية , التي  قهرت البشرية لقلة معرفة قوة تأثير إنتشار فيروسها القاتل, ما حير العالم , ثم في وقتها يتم عقد صفقة  فتكون خارج الصلاحية , لمضادات عقارية لمجابهة كوفيد 19 , صفقات خارج الحكومة ليكتشف فساد تاريخ  صلاحيتها, في وقتها تعيش لحظات كارثة إنسانية , بمسؤوليتها عن شقي الوطن , من علاج وتوفير أدوية , لتعيش لحظة أخرى قاسية غلق مدخولات الجباية وكأنها تضع حبل المشنقة بين موازنة معدومة وبين جباية متوقفة وقطع مقاصة , لكنها خرجت منتصرة  بعد ويلات مكابدة وتحديات كوارث مفاجئة , لكنه قدرها .

كان ينتظر منها الشعب الكثير , لكن ما واجهها أكبر مما كان منتظرا منها , وكأن قدرها أن تكون أول وأخر حكومة أزمات , ما تسلمت حتى مصائب الوطن وكوارثه عليها تخيمت. 

خرجت من كوارث بها عصفت لتعيش حروب هجمات احتلال على غزة , وما يحتاج علاجا تداويا إعمارا   لتوفر حياة طوارئ سريع , وهذا جزء من مالية أزمات كوارث مفاجئة لم تكن محسوبة ومقدرة, لم تلبث كثيرا حتى تفجر ملف الحريات  باستشهاد  نزار بنات , قتل لكلمة من أجهزة أمنية دون محاكمة في أرض ليست محررة , نسق لدخولها لتكون شرارة تخرج منتفضة مستنكرة , كادت تكون فتنة  وأعطت صورة البوليس العربي المخبر الأمني  الرجل الاستخباري للأجهزة الأمنية  رجل المهام القذرة , لكنها دفعت ثمن ذلك كثيرا , ناهيك عن حرب الإعلام الكلامي والإعلام المجتمعي بقضية زيادة رواتب الوزراء في ظل قطع وخصم الرواب والأزمة المالية المعاشة. 

ما يميزها صمودها والعيش وكأنها مثل غيرها , لكن الحقيقة مختلفة إمتحانا وقدرات وكفاءات وهجوم كوارث متتابعة تختصم قوة تحملها . 

قد يختلف منا البعض عليها وقد يتفق وقد يشيد , لكن الواقع تحدث بما عاش وشاهد , ما ينتظر الحكومة ثلاث ملفات قاصمة فاصلة جاثمة ملف المصالحة وملف موظفين غزة  المتوقفة رواتبهم سياسا , وتسلم مهامها كاملة في غزة دون مستفزات مواجهة بل بحكمة راسخة , وأن الحكومة حكومة شعب لا حكومة حزب.

ما يميز وزرائها سهولة التواصل معهم , وخطاب الصداقة لا خطاب التعالي والمناطحة. 

ما لفت انتباهي حقا منذ  أكثر من عام , تواضع رئيس الوزارة  د. محمد اشتية , يخاطب كل من اختلف معه أو توافق بلغة الأرقام والمعلومة , يتواصل مع الناس بمختلف تصنيفاتهم , الفقير والغني , المسؤول والمواطن , الكاتب والصحفي , العادي والمؤثر , يطلبهم يتحدث معهم يعرف بنفسه يتفهم معاناتهم , يعيش واقعهم  , ما ميزه حقا تواضعه , تخيل رئيس الوزراء يتحدث مع الجميع , مع ابن فتح وحماس والكل , يناقشه بما كتب , سواء منتديات أو مقالات  , ما تذمر يخاطب بلغة الصداقة لا التكبر والممانعة.

لغة جديدة تتجسد , نفتقدها بمسؤولينا , من منهم وصل كرسيا كي يغلق على نفسه مخبئه ويعيش عظمة المنصب وقطيعة التواضع ونهج الكبرياء .
شكرا د. محمد اشتية فقد أبدعت حسنة نفتقدها في غزة والضفة , تكتب لك وتحسب , يا ليت غيرك يتبنون نهج فعلها لتكون نهج المسؤول لا القطيعة صرحها .