الساحة الفلسطينية تشهد بداية انتفاضة رابعة بل وثورة شعبية شاملة ردة فعل متوقعة لخيبات الامل من عملية السلام الميتة ولمواجهة الجرائم الاسرائيلية والاعدامات الميدانية شبه اليومية التي صعدتها إسرائيل منذ اكثر من عام وقتلت اكثر من 174 شهيد وفق مخطط يهدف لتنفيذ بروتوكولات حكماء صهيون بانهاء الشعب الفلسطيني وشطب قضيته وقتل اي فرصة للحديث عن عملية السلام من خلال تغير الواقع على الارض، ومحاولة اسرائيلية متكررة لجعل اجهزة ومؤسسات السلطة وكيل اسرائيلي تنفذ تعليمات واوامر المخابرات الاسرائيلية وضابط الادارة المدنية، مطلوب منها قمع شعبها وحماية أمن إسرائيل، حيث تروج إسرائيل باعلامها المسموم ان اجهزة السلطة عاجزة ولا حاجة لها وغير قادرة على دخول المدن والمخيمات وخاصة مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس ولا دور لها فيما يحدث على الارض في محاولة من الطرف الاسرائيلي لممارسة الضغوط على السلطة لاجبارها على تولي مهمة مواجهة غضب الشارع من ممارسات الاحتلال ولخلق فتنة داخلية وفق معادلة "الجيل الرابع" التي تتبناها امريكا اي عدم ارسال جيوش للاعداء بل خلق فتنة داخلية ليصلوا لمعادلة "فخار يطبش بعضة" او يكون تحصيل حاصل ان هذه سلطة يجب انهاءها وعودة احتلال مناطق A.
رغم نجاح إسرائيل في اغتيال واعتقال واصابة بعض المطلوبين لديها الا انها واجهت مفاجآت من خلال وصول فدائيين لقلب تل ابيب وفرض منع التجول فيها وقتل واصابة العديد من الإسرائيلي في وسطها بل ومهاجمة حواجز امنية محصنة وقتل جنود إسرائيلين وانسحاب للمنفذ كما حدث على حاجز شعفاط وعودة المنفذ لتنفيذ عملية في مستوطنة قريبة بمعنى عجز وشلل تام لكل اجهزة الاحتلال الامنية باعتراف قادة الجيش الاسرائيلي، بل هذه المقاومة وابطالها حققوا اكثر من ذلك التفاف شعبي فلسطيني وعربي واسلامي كامل حول المجموعات التي انطلقت حديثا وينفذوا تعليماتها حرفيا دون اجبار، ان هذا عجز بل و فشل للاجهزة الامنية الاسرائيلية وتفوق للمجموعات وللمقاتلين الفدائيين الفلسطينين الجدد، وايضا اعترفت إسرائيل انها لا تستطيع الدخول لمعظم المخيمات و المدن الا بصورة خاطفة، حيث صرح احد قادة امنهم غالبا نعرف كيف ندخل جنين ومخيمها خلسة لكن عملية الخروج منهم "مسألة حياة او موت" انه عُش الدبابير.
زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني لجنين ومخيمها واستقبال الكل له، كانت ضربة قوية للدعاية الاسرائيلية بأن السلطة تخشى او ممنوع عليها دخول تلك المناطق، حيث كان يحيط به كل ابناء المحافظة والمخيم ومنهم الملثمين وحملة السلاح الشريف المقاوم بل بعضهم عناوين للمواجهة مع الاحتلال ادت التحية العسكرية لرئيس الوزراء الفلسطيني تعبيرا من رجال المقاومة ان شعبنا موحد ضد جرائم الاحتلال، وهذه الزيارة قوبلت بحملة اعلامية إسرائيلية كبيرة واتهامات للسلطة برعاية "الارهاب ودعمه" بعد ان كانت تدعي بعجز السلطة وتقصيرها، علما ان اسرائيل تعلم علم اليقين ان السلطة وقيادتها لا زالت ملتزمة تماما بالاتفاقيات الموقعة ولا تعمل عمل من تحت الطاولة بل تتصرف كسلطة مسؤولة عن كل قضايا شعبها و تشاركهم افراحهم واحزانهم، لكن ما ازعج اسرائيل هو فضح الدعاية والتزوير للحقائق الذي تبثه اسرائيل لكل العالم بان السلطة واجهزتها عاجزة ولا وجود لها هناك وثبت انها قادرة وتدخل متى تشاء لاي مكان في فلسطين بين اهلها وشعبها ورجالها الاحرار، ولكن رسالة رئيس الوزراء كانت ضد عمليات الاقتحام والقتل التي تمارسها اسرائيل وتدخل السلطة باجهزتها لهدف خدمة شعبها وحمايته وليس لخدمة اجندات الاحتلال الذي يقتل ويعدم ويحرق ويهدم، فلسطين لن تخضع لفكرة "الجيل الرابع" التي رسمها الاحتلال وستبقى موحدة خلف هدف واحد وهو المقاومة والنضال حتى تحرير فلسطين واستقلالها.
في ظل هذا الالتفاف الشعبي والرسمي خلف شعار مواجهة الاحتلال ومقاومته على السلطة فرض شروطها على الاحتلال والزامه بوقف اقتحامات المدن ووقف الاعدامات الميدانية والاعتقالات للفلسطينين وفتح افق سياسي او عقد مؤتمر دولي لعملية سلام جديدة باتفاقيات ملزمة لجميع الاطراف وبتواريخ محددة عنوانها تطبيق القرارات الدولية وعلى راسها اقامة دولة فلسطين وفق القرار 181 والقرارات الاخرى.
قبل ان تطلب إسرائيل من السلطة فرض الامن في مناطق A عليها فرض الامن على شوارع المستوطنات ومنع مستوطنيها من العربدة والاعتداء على المارة هؤلاء الذين يقتلوا ويحرقوا ويعتدوا على اي فلسطيني يمر من تلك المناطق واجب كل حر الرد عليهم والسلطة تدعم ذلك بالمقاومة الشعبية، وعلى إسرائيل اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى قبل طلب اي شيء من السلطة الوطنية، وعلى إسرائيل الافراج عن المرضى من الاسرى مثل ناصر ابو حميد الذي يصارع الموت قبل ان تطلب وقف المقاومة وعلى إسرائيل قبل كل ذلك احترام القوانين الدولية وبنود اتفاقية اوسلو.
الحقيقة الواضحة ان إسرائيل عاجزة امام جبروت ومقاومة شعبنا، والمشهد العربي المتخاذل لن يضعف العزيمة الفلسطينية بل سيشهد العالم حجم بطولة شعبنا وجسارة مقاومته حتى الانتصار وانشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، إسرائيل ليست بموقع قوة لاعطاء التعليمات والاوامر لسلطتنا واجهزتنا ولشبابنا وكوادرنا بل عليها ان تفهم عجزها و فقدانها للسيطرة وان اشتعال الضفة و حتى غزة بشكل شامل قاب قوسين او ادنى.