كتب رئيس تحرير صدى نيوز: في أقل من أربع سنوات، توجه الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم، بعد فشل الحكومات المُشكلة في خلق بيئة مستقرة لها، المهم أن تل أبيت تريد للعالم رؤية الحياة الديموقراطية فيها مستمرة، لتعزيز صورتها الإيجابية حول العالم.
في دولة الاحتلال ورغم الاختلافات السياسية الحادة إلا أن من يخسر الانتخابات يُغادر المشهد بهدوء، ويسلم الحكم للفائزين، في المقابل، تجد أصحاب الحق والأرض والتاريخ يصنعون لأنفسهم صورة البلد الدكتاتوري البعيد عن حياة الديموقراطية، فالفلسطينيون لم يصلوا صناديق الاقتراع منذ 16 عاما، والجيل الشاب لم يقترع في حياته أبداً!
لا انتخابات تشريعية ولا رئاسية منذ أكثر من عقد ونصف، حتى أن عدوى "اختفاء الانتخابات" وصلت إلى بعض النقابات والاتحادات!
يدرك الجميع أن هذا الاحتلال يعيق ويمنع إجراء الانتخابات في القدس، ويضع العراقيل تلو العراقيل لمنعها، لكن الطرف الفلسطيني لا يقاوم ذلك ويكتفي باعتماد الاحتلال شماعة لعدم إجراءها، وبالعكس تم حل المجلس التشريعي قبل انتخاب بديل له، علما أنه من الممكن إجراؤها حتى في القدس بوضع الصناديق في المدينة ومحيطها، وعندها يشاهد العالم قمع الاحتلال، فيما يستطيع من يرغب بالتصويت أن يشارك في المناطق القريبة مثل الرام وأبوديس دون إهمال وضع الصناديق في مراكز داخل القدس، ومن الممكن أن توضع الصناديق في مقرات مؤسسات دولية أو بحمايتها.
عدم إجراء الانتخابات الفلسطينية يشوه صورة فلسطين في العالم، ويحرم الشباب والكفاءات الوطنية من فرصة خدمة الوطن والمواطن، وتعطي العالم صورة أن هناك غيابا للثقة في مؤسسات الدولة الفلسطينية، وبالتالي أن هذا الشعب لا يستحق دولة.
الصورة الهامة للديمقراطية لدى هذا الاحتلال المجرم أن حزب العمل الذي أسس دولة إسرائيل بل وقاد معظم حروبها أوشك على عدم الحصول على نسبة الحسم، وأحزاب جديدة فازت بعدد كبير من المقاعد وشكلت حكومات وأيضا تلاشت مثل حزب كاديما.
هذا درس للفصائل الفلسطينية مفاده أن الحزب يصل إلى مرحلة الموت السياسي حتى لو كان قد صنع ثورة أو دولة، هو درس يقول إن الجمهور قد يختار بديلا عن أي حزب، وأن الممثل للشعب هو من تختاره الصناديق، لا من يتغنى بتاريخه.
إسرائيل تنتقل من اليمين إلى اليمين المتطرف، وتبدل علينا عشرات القادة الاسرائيليين ومارسوا كل أشكال القمع والذبح والعقاب الجماعي، وفلسطين لا تتغير قيادتها أو برنامجها السياسي منذ العام 2006، والسياسات الإسرائيلية من استيطان وتهويد وتنصل من الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين لا تجد أحداً يواجهها ببرنامج سياسي جديد أو وجه جديد.
غياب المجلس التشريعي الفلسطيني خلق واقعا مدمرا حيث لا رقابة أو محاسبة على أداء الحكومة أو أداء القيادة، وتصدر قوانين بقرار دون دراسة أو حاجة ملحة، بل أن بعضها يخالف القانون الأساسي بعيدا عن اعتماد ممثلي الشعب لها.
الانتخابات الفلسطينية حاجة مُلحة وممر إجباري نحو إعلان الدولة، وبدونها سيبقى الوضع الفلسطيني من إنهيار إلى إنهيار ومن فشل إلى فشل، وفساد يتغلغل، وفاسدون طلقاء، بل وخلافات داخلية متزايدة وعميقة، وغياب لمؤسسات الدولة القادمة، وانعدام الثقة بالأحزاب والفصائل الحالية.