تولى المهندس الفلسطيني حسن سليمان القيق (ابو سليمان)(1940-2006) وقد كان عمره انذاك 26 عاماً ادارة مدرسة اليتيم العربي لمدة 40 عاماً وقد توفي محافظاً عليها عام 2006، حمى القيق المدرسة من الاحتلال عام 1967عندما سيطر الاحتلال على شرق القدس حيث عسكر فيها شهراً كاملاً وطلب من القيق اخلائها لكنه رفض ذلك وفعل الاقسام الداخلية والمبيت الليلي فيها حتى تبقى المدرسة مفتوحة ومشغولة ليل نهار،رفض القيق الارتهان المالي لما يسمى وزارة المعارف الاسرائيلية رغم الاغراءات والعروض المالية المتتالية، رفض القيق رفضاً قاطعاً تدريس المنهاج الاسرائيلي في المدرسة، وقد كان القيق على رأس عمله في المدرسة من الشروق حتى الغروب، وافرد اهتماماً خاصاً بأيتام القدس وبالتعليم المهني.
المدرسة تواجه رياح الاسرلة والتهويد وذلك من خلال رؤية طرحتها إدارة المدرسة، يعتقد الأهالي أنها ستساهم في إلحاق المدرسة بسوق العمل الإسرائيلي بشكلٍ كبير، ويمكن أن تشكل مقدمة لإخضاع المدرسة لبلدية الاحتلال في القدس، أو إغلاقها بالكامل لاحقًا.
إدارة المدرسة تنوي استقدام طلاب من مدارس أخرى تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية لأخذ دورات في هذه المعامل والمختبرات، وهو ما يثير الشكوك في إمكانية تحويل المدرسة بشكلٍ تدريجي لإدارة الاحتلال وتدريس المنهاج الإسرائيلي فيها.
أرض المدرسة تقع بالفعل في موقع مهم على رأس تلة مطلة على مطار القدس والرام وبيت حنينا، وهو "موقع استراتيجي"، ولم يستطع الاحتلال مصادرتها لوجود مدرسة تحقق منفعة عامة.
المدرسة تقع في منطقة عليها صراع كبير، ولها مستقبل استيطاني وفق أطماع الاحتلال، لذلك الاحتلال معني بالسيطرة عليها، حيث ان هذا الصرح (المدرسة) لطالما شكلت عائقًا أمام التوسع الاستيطاني في المنطقة كونها مدرسة ذات منفعة عامة، وفي القانون الإسرائيلي لا يخول السلطات أن تسيطر على أملاك ذات منفعة عامة يستفيد منها الجمهور.
المدرسة الصناعية الثانوية كانت تمر بأزمة مادية وتم تغيير مجلس الإدارة، ومجلس الإدارة الجديد يقدم التقارير الغير واقعية واستطاع إقناع مجلس الأمناء في الأردن برؤيته بناءا على توصية احد الذين يسمون انفسهم مستشارين في قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني.
تتبع مدرسة اليتيم العربي لجمعية لجنة اليتيم العربي، وقد أسّس الجمعية عدد من الفلسطينيين عام 1940 في حيفا، بدافع الإحساس بالواجب الوطني تجاه الأيتام الذين خلفتهم الثورات المتعاقبة التي تصدت للهجمات الاستعمارية الشرسة على فلسطين وأهلها.
وتعهّدت الجمعية برعاية عددًا من الأيتام للدراسة في مدارس داخلية وخارجية وجامعات ومعاهد عليا في فلسطين وعدد من الدول العربية، بالإضافة إلى إنشاء معهد صناعي كامل التجهيزات لإيواء الأيتام ورعايتهم وتعليمهم في مدينة حيفا. وأُنجز العمل في المعهد بالتزامن مع نكبة فلسطين عام 1948، فاستولى عليه الاحتلال قبل افتتاحه وجعل منه معهدًا صناعيًا لأيتام اليهود.
وبالرغم من تشتّت شمل أعضاء الجمعية وتفرقهم في الأقطار العربية، إلا أنهم قرروا مواصلة أداء رسالة الجمعية وأعادوا تأسيسها عام 1948 وجعلوا مركزها المملكة الأردنية، وأقاموا عام 1965 مدرسة صناعية في القدس هي مدرسة اليتيم العربي، بمساعدة مؤازري الجمعية ومن الحكومتين الأردنية والألمانية، وافتُتحت المدرسة عام 1967
يسعى الاحتلال جاهداً إلى تغيير واقع المدرسة بحيث تصبح بعدها إما مستأجرةً من قبل بلدية الاحتلال أو شركات خاصة تمكن المشاريع الاستيطانية في المكان، وهو "توجه مشبوه، وكل ما يقدم من ذرائع من قبل مشغلين المدرسة يظهر أنهم متواطئين، ولديهم رؤية تتلائم مع مصالح الاحتلال في المكان.
المدرسة تتجه ضمن لعبة خفيّة إلى أسرلة التعليم ، الضحايا سيكونون المعلمين والطلاب، إن لم يتم التحرك ووقف الأمر سنكون شركاء في تسريب العقار وتحويله إلى مدرسة (بجروت) كما حصل مع مدرسة الفتاة اللاجئة القديمة".
إن هناك تخوفا على الأرض المقامة عليها مدرسة اليتيم العربي، ومساحتها 44 دونما، وأيضا هناك تخوفات على المدرسة ذاتها، وطريقة إدارتها.
وادارة المدرسة تساهم في تمرير هذه السياسة من خلال بعض الممارسات ومنها إغلاق باب التسجيل حتى منتصف شهر أغسطس، أي قبل بداية العام الدراسي بأيام قليلة، وعدم الإعلان عنه بهدف تقليل عدد الطلاب.
وأيضا، إنهاء خدمات مجموعة من الأستاذة من مدرسي المواد الأساسية رغم الحاجة لهم، وإنهاء خدمات الحراس والتعاقد مع شركة حراسة خاصة، وإغلاق عدد من المشاغل المهمة، وعدم استقبال الطلبة في بعض المشاغل تمهيدا لإغلاقها رغم وجود إقبال عليها، وإبلاغ الأساتذة بعدم الرغبة في استقبال طلبة جدد في العام القادم والتوجه لتحويل المدرسة إلى مركز تدريب مستندين في ذلك لتوصية من احد المستشارين الذين يعدون انفسهم من مستشارين التعليم والتدريب المهني والتقتي.
وبالإضافة لما سبق، فقد تم تشكيل شركة مستأجرة للمباني والأرض من الجمعية، وإبلاغ الأساتذة بأن الشرطة تتجه لإعلان الإفلاس. واللافت والخطير، أن الجهة التي ستوفر الدورات التدريبية للمدرسة (مركز التدريب) بلدية الاحتلال وشركات إسرائيلية.
بناء على ما تقدم ومن خلال الاستعراض لوقائع سياسات الاحتلال و الاجراءات التهويدية التعسفية بحق هذه المؤسسة العريقة يتوجب علينا تعزيز صمودها من خلال:-
أولا: على المستوى السياسي
اعتماد مرجعية واحدة موحدة للقدس وذلك من خلال العمل على تعزيز دور المؤسسات المقدسية وخاصة المؤسسات التعليميةفي القدس وفقا لرؤية استراتيجية سياسية تستند على اساس ان القدس منطقة منكوبة من الطراز الاول وبناء على ذلك لابد من رسم الخطط التي من شأنها تعزيز صمود المقدسيين في القدس بكافة الاشكال. والاعلان بشكل رسمي وسياسي ومن قبل الجهات ذات الاختصاص تبنيهم الكامل لمدرسة اليتيم العربي.
ثانياً: على الصعيد التعليمي
تفعيل دور مديرية التربية والتعليم كمرجعية للتعليم في القدس كشراء وإستئجار أبنية لإستعمالها كمدارس وتفعيل المواثيق الدولية ذات العلاقة، تأهيل المعلمين (من خلال المديرية) وزيادة الرواتب والحوافز وتسديد التأمينات الإجبارية.
سياسة إغلاق المؤسسات في مدينة القدس تهدف إلى حرمان أهالي القدس من حقهم في الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي حرمهم الاحتلال منها. إن تلك السياسات غير معزولة عن سياسات الاحتلال التي تمارس ضد المقدسيين والتي تهدف بمجملها إلى تهويد المدينة وتفريغها من سكانها ضمن إغلاق المؤسسات المقدسية ومصادرة الأراضي وبناء المستعمرات وهدم المنازل وسحب الهويات وإغلاق المدينة وعزلها عن باقي أجزاء الوطن من خلال الحواجز العسكرية وإقامة جدار الفصل العنصري'، لذلك يتوجب على السلطة الوطنية الفلسطينية تخصيص مبالغ للحفاظ على هذه المؤسسات ودعم صمودها خوفاًمن اغلاقها وتهويدها
ثالثاً: على صعيد التعليم والتدريب المهني والتقني
من اجل تعزيز صمود المواطن المقدسي في القدس ولرفد القطاعات الاقتصادية المقدسية بالأيدي العاملة الفنية والمتخصصة الماهرة وشبه الماهرة، وتوفير الحماية الاجتماعية للشباب والشابات من خلال تأهيلهم بالمهارات اللازمة، وجب دعم هذه المدرسة والارتقاء بها وتطويرها من مدرسة الى كلية ودعم هذه المدرسة بالتجهيزات والمعدات وادخال تخصصات مهنية يتطلبها سوق العمل.
ودعوة كافة المؤسسات المقدسية للوقوف معا لدعم المدرسة.
وهنا يأتي دور كافة المؤسسات التي تشرف على التعليم والتدريب المهني والتقني واخص بالذكر الهيئة الوطنية للتعليم والتدريب المهني والتقني ، كذلك يجب تعزيز دور الاردن كذلك كونها الجهة المشرفة على هذه المدرسة.
وانسجاماً مع رؤية الهيئة على توفير ايادي عاملة الفنية والمتخصصة الماهرة وشبه الماهرةضمن المستويات المهنية بما يتطلبه سوق العمل في فلسطين بشكل عام وفي القدس بشكل خاص، ما يستوجب معالجة الاختلال الحاصل ما بين مخرجات التعليم والاحتياجات الحقيقية لسوق العمل، وذلك من خلال مواءمة التخصصات ومهارات الخريجين مع التغييرات الحاصلة في مكونات الاقتصاد وتطور المهن بما ينسجم مع مهارات القرن الواحد والعشرين.
ومن اجل أهمية تعزيز صمود الشباب الفلسطيني في محافظة القدس في ظل ممارسات الاحتلال التعسفية بحق سكان القدس، فمدرسة اليتيم العربي من شأنها تحقيق ذلك من خلال توفير التخصصات التي يحتاجها سوق العمل في فلسطين، ما يساهم في بناء اقتصاد دولتنا وعاصمتها القدس الشريف.
إنها حرب طويلة ومستمرة وشاملة، لن ينتصر فيها الا الأقوى إيماناً والأشد صموداً والأكثر عملاً وتخطيطاً. وليس أمامنا الآن الا مواجهة مخططات العدو، لأن التعويل على عامل الزمن أثبت فشله، فإسرائيل تستغل اختلال موازين القوة لتغيير الواقع الفلسطيني وفرض مخططاتها بشكل تدريجي ومبرمج بالاعتماد على عامل الزمن. أما فيما يتعلق بمواجهة مخططات أسرلة وتهويد مدرسة اليتيم العربي في القدس فيبدو أن المعركة قد بدأت لمواجهتها، فعلى الحكومة الفلسطينية توفير ميزانيات خاصة كبيرة لمدينة القدس بشكل خاص وعاجل لدعم المدرسة .