صدى نيوز- أعلن الجيش الأوكراني أنه دخل إلى خيرسون، المدينة الرئيسية في جنوب البلاد، بعد انسحاب القوات الروسية منها، بعد قرابة 9 أشهر من بدء العملية العسكرية الروسية، في حين أكد وزير الخارجية الأوكراني أن "الحرب" مستمرة بعد استعادة المدينة.
وعزف النشيد الوطني الأوكراني في خيرسون بعد انسحاب القوات الروسية من المدينة، حيث كانت خيرسون أول مدينة سقطت في بداية العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا في شباط/فبراير شباط الماضي.
واعتبر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي في خطابه اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي استعادة المدينة "يوما تاريخيا"، قائلا إن قوات عسكرية خاصة أصبحت داخل مدينة خيرسون في جنوب البلاد بعد إعلان روسيا انسحاب قواتها منها. وكتب زيلينسكي على تليغرام "اليوم يوم تاريخي؛ نحن نستعيد خيرسون".
وأوضح "في الوقت الراهن، مدافعونا موجودون في ضواحي المدينة، لكن قوات عسكرية خاصة موجودة في المدينة"، ملوحاً برمز تعبيري لعلم أوكرانيا ومشاهد التقطها هواة من المدينة تُظهر القوات الأوكرانية تتجمع مع سكان المدينة.
وأظهر أحد المقاطع التي نشرها زيلينسكي، وقال إنه صُوّر من خيرسون، جنودا أوكرانيين يقولون إنهم من "اللواء 28" بينما سُمع حشد يهتف "في سي يو"، وهي اختصار للقوات المسلحة الأوكرانية.
وبدوره، أعلن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا اليوم السبت أن "الحرب مستمرة"، بعد استعادة مدينة خيرسون من الجيش الروسي.
وخلال لقاء مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على هامش قمة رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) في كمبوديا، أكد كوليبا أن أوكرانيا تواصل الكفاح من أجل تحرير أراضيها.
وقال كوليبا "نحن ننتصر في معارك لكن الحرب مستمرة"، وأضاف "أدرك أن الجميع يريدون أن تنتهي هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، ونحن بالتأكيد من يريد ذلك أكثر من أي طرف آخر".
وتابع "ما دامت الحرب مستمرة ونرى روسيا تحشد مزيدا من المجندين وتجلب مزيدا من الأسلحة إلى أوكرانيا، سنواصل بالتأكيد الاعتماد على دعمكم المستمر".
وحث كوليبا رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) على اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لضمان عدم لجوء روسيا إلى أسلوب التجويع فيما يتعلق بشحنات الحبوب الأوكرانية إلى السوق العالمية.
وقال كوليبا، في مؤتمر صحفي على هامش قمة الآسيان، إن نظيره الروسي سيرغي لافروف لم يطلب الاجتماع معه، وإن على روسيا التعامل مع جميع المفاوضات بحسن نية.
وأشاد البيت الأبيض اليوم السبت بما عدّه "نصرا استثنائيا" لأوكرانيا بعد استعادة قواتها مدينة خيرسون.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للصحافة "يبدو أن الأوكرانيين حققوا لتوهم انتصارا استثنائيا؛ العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها روسيا في هذه الحرب عادت الآن تحت العلم الأوكراني وهذا أمر رائع جدا".
ورأى سوليفان أن انسحاب القوات الروسية ستكون له "تداعيات إستراتيجية أوسع".
وأضاف سوليفان أن الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها لتقديم المساعدة الأمنية لأوكرانيا لتكون في أفضل وضع ممكن في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات.
وأكد أن روسيا تضاعف جهودها لضم الأراضي الأوكرانية وهذا ليس علامة على الجدية في التفاوض، حسب تعبيره.
وقال إن أمر التفاوض متروك لأوكرانيا لتقرر متى وكيف تريد التفاوض مع روسيا، وإن بلاده لن تضغط على الأوكرانيين ولن تملي عليهم ما يجب أن يفعلوه.
وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية كتبت على فيسبوك في وقت سابق "خيرسون تعود إلى السيطرة الأوكرانية؛ وحدات من القوات الأوكرانية تدخل المدينة"، داعية الجنود الروس الذين بقوا في المدينة إلى "الاستسلام فورا".
ويعدّ انسحاب الجيش الروسي من خيرسون الثالث من حيث الحجم منذ بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، إذ اضطرت روسيا إلى التراجع في فصل الربيع في محاولة للسيطرة على كييف في مواجهة مقاومة شرسة من الأوكرانيين، قبل طردها من منطقة خاركيف بشكل شبه كامل في سبتمبر/أيلول الماضي.
ورحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر بـ"عودة خيرسون إلى أوكرانيا،"، وعدّ ذلك خطوة مهمة نحو الاستعادة الكاملة لحقوقها السيادية".
وكان الجيش الروسي أعلن انسحاب أكثر من 30 ألف جندي روسي من منطقة خيرسون، تاركين الضفة اليمنى لنهر دنيبرو للانتشار على ضفته اليسرى.
وأشارت وزارة الدفاع الروسية -في بيان- إلى "سحب أكثر من 30 ألف جندي روسي ونحو 5 آلاف وحدة تسليح ومركبة عسكرية" من الضفة الغربية لنهر دنيبرو.
وكانت الوزارة قالت في بيان سابق "اليوم عند الخامسة صباحا بتوقيت موسكو (الثانية بتوقيت غرينتش)، استُكمل نقل الجنود الروس إلى الضفة اليسار من نهر دنيبرو، لم تُترك قطعة واحدة من المعدات العسكرية والأسلحة على الضفة اليمنى".
ولا يعرف إذا كان هناك مخطط ما وراء هذا الانسحاب، إذ أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية سبتمبر/أيلول، خلال احتفال في الكرملين ثم في احتفال آخر في الساحة الحمراء، ضمّ 4 مناطق أوكرانية، من بينها خيرسون.
وحذر الرئيس الروسي من أن روسيا ستُدافع "بكل الوسائل" عما تعدّه جزءا من أراضيها، في تهديد باللجوء إلى السلاح النووي.
لكن في مواجهة هجوم مضاد أوكراني بدأ بنهاية الصيف، أعلن الجيش الروسي الأربعاء أنه سينسحب من الجزء الشمالي لمنطقة خيرسون، بما فيه عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه والواقعة على الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، من أجل تعزيز مواقعه على الجانب الآخر من هذا النهر.
ورغم ذلك، ستبقى منطقة خيرسون "تابعة لروسيا الاتحادية" على ما قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الجمعة.
وأضاف بيسكوف في أول تعليق للرئاسة الروسية على انسحاب قواتها من خيرسون "لا يُمكن أن يكون هناك تغيير".
وأشار إلى أن الرئاسة الروسية "غير نادمة" على الاحتفال الكبير الذي أعلن خلاله بوتين في سبتمبر/أيلول ضم 4 مناطق أوكرانية إلى روسيا وبينها خيرسون.
ويكتسي قرار الانسحاب إلى جنوب أوكرانيا أهمية أكبر، مع إعطاء بوتين في 21 سبتمبر/أيلول أمرا باستدعاء نحو 300 ألف من جنود الاحتياط لتعزيز خطوط المواجهة الروسية.
ونشرت وكالة الأنباء الحكومية "ريا نوفوستي" صورا لمركبات عسكرية روسية تُغادر خيرسون، مشيرة إلى أنها كانت تعبر جسر أنتونوفسكي الممتد فوق نهر دنيبرو.
وقال عدد من المراسلين الروس إن الجسر دُمّر بعد ذلك من دون توضيح ما إذا كان الجيش الروسي فجره بالديناميت أم إنه دُمّر نتيجة الضربات الأوكرانية. وتُظهر صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الجسر مدمرا.
وقصفت أوكرانيا هذا الجسر، الوحيد في مدينة خيرسون، طوال أسابيع من دون تدميره، لتُصعب على القوات الروسية عبوره، ومن ثم قطع خطوط الإمداد الروسية وإجبار موسكو على الانسحاب.
وتقع مقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا في موقع إستراتيجي تطل منه على بحري آزوف والأسود، كما تقع قرب مصب نهر دنيبرو، ولذا فهي تمثل خط إمداد حيوي.
ويبلغ عدد سكان مقاطعة خيرسون أكثر من مليون شخص، وتمتد على مساحة 28 ألفا و500 كيلومتر مربع.
وتشكل جسرا بريا لروسيا من أراضيها مرورا بإقليم دونباس إلى شبه جزيرة القرم التي تتصل بها، وتتحكم بمعظم مصادر مياه الشرب والزراعة التي تغذي القرم.
وتمتلك المدينة أكبر ميناء في أوكرانيا لبناء السفن في البحر الأسود وهي مركز رئيسي للشحن، إضافة إلى وجود صناعات مهمة فيها مثل تكرير النفط والمنسوجات القطنية وغيرها، عدا عن كونها من أهم المناطق السياحية في أوكرانيا.
وفي بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صدقت موسكو على اتفاقية انضمام خيرسون، إضافة إلى لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا، إلى روسيا الاتحادية. وقد عين بوتين حاكما لكل منطقة من تلك المناطق، وذلك يعني أن التطورات الجارية فيها قد تعكس تحوّل موازين القوى لمصلحة الأوكرانيين على المشهد في جنوب البلاد، وفقا لمراقبين.