صدى نيوز - لأول مرة، نجح الأطباء في علاج جنين عن طريق ضخ إنزيم مهم في الحبل السري الصغير، ما أوقف اضطرابا وراثيا مميتا يُعرف باسم "مرض بومبي".

وأفاد الأطباء من الولايات المتحدة وكندا، أنهم في أول تجربة طبية تمكنوا من البدء في علاج طفلة من هذه الحالة الوراثية النادرة والمميتة للأطفال في كثير من الأحيان بينما هم ما يزالون أجنة في الرحم.

وأشاروا إلى أن استخدام تقنية جديدة للعلاج، أنقذت حياة الطفلة آيلا بشير، البالغة الآن 16 شهرا، حيث نجت من مصير شقيقتيها اللتين توفيا في وقت مبكر من حياتهما بسبب "مرض بومبي"، أو كما يعرف رسميا باسم داء اختزان الغليكوجين من النمط الثاني.

وتعد أيلا، من أوتاوا في أونتاريو، أول طفل يُعالج كجنين من "مرض بومبي"، وهو اضطراب وراثي ومميت يفشل فيه الجسم في إنتاج بعض أو كل بروتين مهم، ويسبب تلفا في خلايا الأعصاب والعضلات.

وها هي اليوم فتاة نشيطة وسعيدة حققت مراحل نموها، بحسب والدها زاهد بشير ووالدتها سوبيا قريشي. وقد فقد الزوجان سابقا ابنتيهما، زارا، في سن السنتين ونصف، وسارة، في سنالـ 8 أشهر، بسبب المرض، بينما تم إنهاء الحمل الثالث بسبب تشخيص الاضطراب ذاته.

وفي دراسة حالة نُشرت يوم الأربعاء في مجلة New England Journal of Medicine، كشف الأطباء عن التعاون الدولي خلال جائحة "كوفيد-19"، الذي أدى إلى العلاج المنقذ لحياة أيلا، وهذا النجاح يمهد الطريق لعلاج الاضطرابات الوراثية الأخرى في الأجنة عن طريق غرس الإنزيم المطلوب من خلال الوريد السري لجنين المرأة الحامل.

ونظرا لمتغير الجين المتنحي الذي يحمله الأبوان، فإن أطفالهم لديهم فرصة بنسبة 25% لوراثة "مرض بومبي"، وهو اضطراب قاتل غالبا ما يصيب أقل من 1 من كل 100 ألف مولود حي، ووفقا لبيان صادر عن جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، ينتج "مرض بومبي" عن طفرات في الجين الذي يرمز إلى حمض ألفا غلوكوزيداز (GAA)، وهو إنزيم يحتاجه الجسم لتحطيم الجليكوجين، أو السكر المخزن، إلى وقود صالح للاستعمال من قبل الخلايا.

ويحد هذا الاضطراب من حمض ألفا غلوكوزيداز في الجسم أو يزيله، ما يتسبب في تراكم الغليكوجين بسرعة وإتلاف الأنسجة، وخاصة العضلات.

وقالت الدكتورة كارين فونغ كي فونغ، أخصائية طب الأم والجنين في مستشفى أوتاوا، التي قدمت العلاج: "إنه يحمل بصيص أمل في القدرة على العلاج والمرء لا يزال في الرحم بدلا من الانتظار حتى يتم ترسّخ الضرر".

وكانت فونغ كي فونغ تتبع خطة علاج جديدة طورها الدكتور تيبي ماكينزي، جراح الأطفال والمدير المشارك لمركز الطب الدقيق للأم والجنين في جامعة كاليفورنيا، في سان فرانسيسكو، الذي شارك بأبحاثها بعد الوباء.

ويعالج هؤلاء الأطباء الأجنة قبل الولادة منذ ثلاثة عقود، غالبا بإجراء جراحات لإصلاح العيوب الخلقية مثل السنسنة المشقوقة. وقاموا بنقل الدم إلى الأجنة عبر الحبل السري، ولكن ليس الأدوية.

وفي هذه الحالة، يتم إدخال الإنزيمات الأساسية من خلال إبرة يتم إدخالها عبر بطن الأم وتوجيهها إلى وريد في الحبل السري. وتلقت آيلا ست دفعات منها كل أسبوعين بدأتها في نحو 24 أسبوعا من الحمل.

وقال الدكتور برانيش تشاكرابورتي، عالم الوراثة الأيضية في مستشفى الأطفال في أونتاريو الشرقية، والذي اعتنى بأسرة آيلا لسنوات: "لم يكن الابتكار هنا هو في الدواء ولا في إيصاله إلى الدورة الدموية للجنين. بل كان الابتكار هو في العلاج في وقت مبكر أي في أثناء وجود الجنين في الرحم".

وغالبًا ما يُعالج الأطفال المصابون بـ"مرض بومبي" بعد الولادة بفترة وجيزة باستخدام إنزيمات بديلة لإبطاء الآثار المدمرة للحالة.

وكان تشاكرابورتي قد علم بتجربة ماكنزي في المرحلة المبكرة لاختبار العلاج بالإنزيم واعتقد أن العلاج المبكر قد يكون حلا للعائلة.

وقالت الدكتورة كريستينا لام، المديرة الطبية المؤقتة لعلم الوراثة البيوكيميائية في جامعة واشنطن ومستشفى سياتل للأطفال في سياتل، إنه لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان هذا البروتوكول العلاجي سيصبح هو العلاج المقبول.

وأشارت: "سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى نتمكن حقا من إثبات الأدلة التي تظهر بشكل قاطع أن النتائج أفضل".

وقالت والدتها إن آيلا تتلقى أدوية لتثبيط جهازها المناعي وحقن إنزيم أسبوعي يستغرق من خمس إلى ست ساعات - وهو تحد كبير بالنسبة لطفل صغير. وما لم يظهر علاج جديد، يمكن لآيلا أن تتوقع استمرار الحقن مدى الحياة. إنها تتطور بشكل طبيعي - في الوقت الحالي.