من المقرر ان تنطلق خلال الايام القليلة القادمة الحملة النسوية السنوية لمناصرة المرأة التي ينظمها منتدى مناهضة العنف ضد المرأة بالشراكة مع شبكات وائتلافات واتحادات واطر نسوية ومجتمعية عديدة بهدف الحد من تفشي الجرائم بمختلف اشكالها ضد النساء في بلادنا، وبعيدا عن الاحصاءات والارقام فاننا ندرك حجم اتساع ظاهرة العنف بشكل عام الذي تكون المرأة والاطفال في معظم الاحيان ضحيته، وبمعزل ايضا عن الجدل الذي يرتفع ويهبط ثم يعود للسطح حول اتفاقية سيداو وهل تفي المرأة؟ حقها ام انها (بدعة) غريبة هدفها ضرب الاسرة كنواة اجتماعية على طريق ضرب المجتمع كما يحاول البعض الترويج في محاولة لاستمرار احكام القبضة الذكورية بطريقة مهينة على عنق المرأة ومنعها من الحديث عن حقوقها او حريتها التي تريد وتحقيق ذاتها .
حملة ال 16 يوم هي حملة نسوية مجتمعية دأبت المشاركات عليها على اعداد الوثائق والبرامج والخطط لاطلاقها على نطاق واسع بهدف فتح نقاش واسع في مناطق صنع القرار وفي اركان المجتمع كافة لتسليط الضوء على واقع المرأة الفلسطينية وهذا العام تكتسب الحملة اهمية خاصة كونها تنظم بالتزامن في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والداخل بمشاركة واسعة من مكونات المجتمع السياسية والنقابية والمهنية وتشمل العديد من الانشطة والندوات واللقاءات اضافة لحملات اعلامية في ذات الوقت في اشارة لوحدة معاناة النساء في كل اماكن تواجدهن ايضا في الشتات وان اختلفت اشكالها من منطقة الى اخرى الا ان الجامع بينها هو استهداف النساء سواء بالتمييز او العنف او غيرها من اشكال الاستغلال والاذى الذي يتعرضن له بفعل ذكوري يهيمن عليه احيانا الغلاف الديني وصبغة العادات والتقاليد والمورث الثقافي يقدم صورة غير مناسبة للمرأة في نظرة دونية مجحفة لا تليق بها على الاطلاق .
ومع التحضيرات الجارية للشروع بالحملة تكمن حاجة ضرورية لاوسع انخراط في فعالياتها على المستوى الشعبي والمجتمعي وان لا تقتصر على النساء لما يعبر عن اجتزاء مقيت للقضية وكأنها تخص المرأة وحدها لاننا نحتاج الى حملات مناصرة وتوعية واسعة ولان المرأة نصف المجتمع وتربي نصفه الاخر تقع عليها مسؤولية اعداد النشء وتحويله الى قوة يعتز بنفسه قادر على المجابهة والتحدي وتحديد المسار والاهداف يملك رسالة المواطنة والانتماء والعطاء يجول اروقة العلم وينهل من منابع الحضارة والرقي بالمفاهيم والممارسة ربما الحملة التي تعنى بواقع المراة والذهاب لعرض اوجاعها امام المؤسسات الدولية والقناصل والبعثات الدبلوماسية في اشارات ذات دلالة هامة ضمن واقع الاحتلال واجراءاته المتصاعدة تجعل القضية اكثر تعقيدا ما بين قمع الاحتلال وقمع اجتماعي لكنها جزء من السعي لنقل الملف للمؤسسات الدولية لتتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني، وايضا تجاه المرأة الفلسطينية ضحية الاحتلال الاولى وهي جزء من مرتكزات العمل على الصعيد الدولي لشرح معاناة المرأة ومطالبة العالم بالتدخل لوضع حد لهذه المعاناة .
الحملة واسعة النطاق التي تستمر 16 يوما والجدل الذي يرافقها بين مؤيد او معارض تأتي مع نهاية العام لتشحذ الهمم ان يكون العام القادم عام رفع الظلم واحقاق الحقوق وقف قتل النساء مهما كانت الخلفية او الهدف بما فيها ما يسمى جرائم الشرف، ووقف اشكال العنف الممارس هي ايضا مناسبة لفتح نقاش داخلي بعيدا عن الاقصاء ورفض الاخر باتجاه صياغة منظومة قانوية تحمي المرأة باصدار قانون حماية الاسرة تطبيقا للقوانين التي انضمت اليها دولة فلسطين مؤخرا، وحري بنا ايضا بدل اصدار المراسيم والقوانين هنا وهناك ان نضوع ونطبق القوانين التي تحمي حقوق الفئات المهمشة بما فيها النساء، والاطفال، وذوي الاحتياحات الخاصة في بلادنا، وان نعيد الاعتبار للعديد من القيم المجتمعية ولغة الحوار لبناء قواسم مشتركة من شانها ان تحمي الوجود الفلسطيني على الارض، واعداد الجيل وتسليحه باحترام حق الاختلاف وقواعد السلوك المبني على اساس ان حق المراة حق انسان، وان المواطنة الحقة لا تقوم الا على اساس تشاركي ولا يجوز ترك اطفال اليوم الذين سيكونوا اباء وامهات الغد رهينة لمعتقدات وتغذية ضارة ليس لها علاقة بتربية ولا بدين .
مطلوب العمل على استئصال ومحاربة ثقافات خبيثة جرى العمل عليها لتقليل مكانة المراة في مجتمعنا، وتوسيع الحملات الداعمة بفتح نقاش تنويري مستوحى من وثيقة اعلان الاستقلال التي نعيش وهجها هذه الايام، والعمل على اسناد حقوق المراة في مواجهة اي تيارات ظلامية تختبئ خلف شعارات وان نجعل قضية المراة قضية المجتمع باسره ومن المهم ان منتدى مناهضة العنف، والمنظمات الاهلية، والاطر النسوية قد خصصت حيزا واسعا هذا العام وكما جرت العادة لقضية الاسيرات في السجون والمعتقلات الاحتلالية اللواتي يعانين ظروف بالغة القسوة، واطلاق حملة خاصة بهن وهو ما من شانه تسليط الضوء على واقعهن كضحايا لجرائم الاحتلال وبما يشمل المطالبة باطلاق سراحهن فورا والنساء المقدسيات كذلك فاليوم العالم مطالب ان يرى الصورة على بشاعتها بما فيها من وضوح لشعب يئن تحت وطأة الاحتلال من جهة وظروف اقتصادية اجتماعية صعبة وانقسام داخلي سياسي وجغرافي كانت وما زالت المرأة الفلسطينية الضحية فيه تدفع الثمن وحدها في معاناة رهيبة مركبة تتعدى حدود ما هو معروف ليبقى السؤال المطروح على طاولة الجميع الى متى تبقى المرأة تتجرع والويلات والالم بصمت!! وفي الوقت الذي نتحدث فيه احيانا بشكل مجامل عن وقوفنا معها والمناداة بحقوقها المقياس بالمواقف والعمل وليس باطلاق الشعارات وعدم تطبيقها ومن اجل ان تكون كل ايام السنة للمرأة وان لا تقف عند حملة مؤقتة تنتهي بانتهاء الحملة والانتظار لاطلاقها العام المقبل .